نتنياهو يرفض عرضاً سخياً من أوباما لإنقاذ المفاوضات
بدا يوم أمس أن الرئيس الأميركي باراك أوباما على استعداد للذهاب بعيدا من أجل ضمان استمرار مسرحية المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وقد ظهر ذلك بشكل واضح من خلال الرسالة التي وجهها إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والتي عرض خلالها تقديم مساعدات عسكرية وسياسية بعيدة المدى للدولة العبرية في مقابل استمرار تجميد الاستيطان، وهو اقتراح رفضه نتنياهو باعتبار أنه يتعارض مع «مبادئ» حكومته.
وذكرت صحيفة «معاريف» أنّ أوباما تعهد، في مقابل استجابة إسرائيل لمطلب تجميد الاستيطان مرّة واحدة فقط، ولمدة 60 يوماً، بتقديم ضمانات طويلة الأمد لأمن الدولة العبرية. وأوضحت أنّ أوباما قدّم هذا العرض من خلال رسالة بعث بها الى نتنياهو، وتضمنت، وفق الصحيفة، التزاماً نادراً من جانب الرئيس الأميركي لرئيس الحكومة الإسرائيلي، وذلك في إطار الجهود الكبيرة التي يبذلها لمنع انفجار المحادثات.
وأشارت «معاريف» إلى أنّ الرسالة الرئاسية الأميركية جاءت كمحصلة للقاءات التي عقدها وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك ورئيس طاقم التفاوض الإسرائيلي اسحق مولخو مع كبار المسؤولين الأميركيين، والتي استغرقت أسبوعا بكامله.
ويدور الحديث أولاً، عن تعهد أميركي بتوفير سلسلة من الوسائل الحربية المتطورة لإسرائيل قبيل التسوية النهائية مع الفلسطينيين. وثانيا، تعهد الإدارة الأميركية بأن تحبط في العام المقبل أي مبادرة عربية لإثارة مسألة الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي. وثالثا، تعهد الإدارة الأميركية بعدم تمكين الفلسطينيين من إثارة مسألة المستوطنات في مسار منفصل عن المحادثات المباشرة، وبأن مستقبل المستوطنات لن يتقرر إلا في نطاق التسوية النهائية وليس قبل ذلك. وعلاوة على ذلك، تتضمن الرسالة عددا من المواقف الأمنية الاستثنائية التي تشير إلى ضمانات أميركية بعيدة المدى لأمن إسرائيل.
ولفتت «معاريف» إلى أنه في مقابل هذا العرض، وبهدف إبقاء الفلسطينيين في دائرة المفاوضات المباشرة، تدرس واشنطن تقديم «بوادر
حسن نية كبيرة» للفلسطينيين من النوع «الذي قد يكون مؤلماً لإسرائيل». ويدور الحديث عن اعتراف أميركي علني بحدود العام 1967، بما في ذلك تبادل الأراضي، كإطار للمحادثات المباشرة حول التسوية النهائية.
وبحسب «معاريف»، فإنّ نتنياهو، وحتى مساء أمس الأول، رد سلبا على طلب تمديد قرار تجميد الاستيطان لستين يوما، برغم التعهدات النادرة من جانب أوباما. وأشارت الصحيفة إلى أنّ «نتنياهو، الذي رفض الاقتراح، يعود ليقول للأميركيين: إقرأوا شفتي، أي إنه يوضح لهم أنه لا يستطيع كسر كلمته أمام الجمهور الإسرائيلي بعدما تعهد بعدم تمديد قرار التجميد»، لافتة إلى أنّه «في الرسائل التي تناقلتها واشنطن وإسرائيل، تظهر صورة قاتمة جدا. فالإدارة الأميركية تسير باتجاه أزمة بين الدولتين، والعلاقات الشخصية بين اوباما ونتنياهو ستضيع هباء إذا ما واظب على رفضه قبول الاقتراح الأميركي».
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع على تفاصيل المفاوضات إنّ «الولايات المتحدة سارت بعيدا لكي تحصل على تمديد للتجميد، وطلبت في الإجمال ستين يوما. فقد نجح نتنياهو نفسه في أن يزرع لدى اوباما انطباعا بأنه يريد السلام حقا ومستعد للسير نحو التسوية. والآن، فإن الالتزامات السياسية الداخلية لنتنياهو أهم في نظره جدا من الجوهر»، مشيرا إلى أنّ «رئيس الوزراء يقول انه يريد السلام، ولكنه غير مستعد لان يقوم بشيء لهذا الغرض».
وكان نتنياهو أعلن، خلال لقائه المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في منطقة قيساريا شمالي تل أبيب، «أنا وحكومتي ملتزمان بمحاولة التوصل إلى اتفاق سلام يضمن أمن إسرائيل والمصالح الوطنية الحيوية الأخرى». وأضاف «هذا هو هدفي، وهذه هي سياستنا، وأنا أتطلع إلى مواصلة ذلك، لأن لدينا مهمة تاريخية لمواصلة هذه المحادثات الجيدة، من أجل التوصل إلى سلام تاريخي».
من جهته، قال ميتشل، الذي سيجري اليوم محادثات مع القيادة الفلسطينية في رام الله ، «نحن لم نتراجع، فنحن أكثر تصميما من أي وقت مضى على المضي قدما لتحقيق الهدف المشترك الذي نتشارك فيه، وهو جعل منطقة الشرق الأوسط تعيش في سلام مع تحقيق الأمن والازدهار لشعب إسرائيل والفلسطينيين وجميع شعوب المنطقة». وأضاف «سنواصل جهودنا في هذا الصدد، من دون أن تردعنا أو تثبط عزيمتنا الصعوبات أو التعقيدات أو العقبات التي سنواجهها على الطريق».
وقال مسؤول أميركي بارز إنّ «واشنطن لم تفقد الأمل في إمكانية إنقاذ عملية التفاوض». وأضاف «نحن نلمس ضبطا للنفس من الجانبين، وأمامنا بضعة أيام نأمل في أن نتمكن خلالها من معالجة هذه القضايا والإبقاء على عجلة المحادثات. أعتقد أنهم يصغون باهتمام بالغ لما نقوله لهم».
وفي رام الله، أكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ان «لا حلول وسطا بشأن الاستيطان»، مطالبا الولايات المتحدة وأوروبا بأن تلزما إسرائيل بوقفه. وأضاف أنّ «المفاوضات ليست هدفا بحد ذاتها بل الوسيلة»، معتبراً أنّ «قرار الحكومة الإسرائيلية استمرار الاستيطان يعني بالضرورة قرارا إسرائيليا بوقــف المفاوضات، فالسلام والاستيطان متوازيان لا يلتقيان».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد