شوارع دمشق الازدحام يضيق بنا
أكثر من 400 ألف سيارة تسير في شوارع دمشق يومياً.. رقمٌ لايمكن إلا الوقوف عنده ملياً، لاسيما عندما نقارن هذا الرقم مع البنى التحتية وجاهزية شوارع المدينة غير المؤهلة (وبجدارة) لاستيعاب هذا الكم الهائل من السيارات.
وإن كان البعض يرى شيئاً من التطوير أو التحديث على طرقات دمشق، كقانون السير المطور، وإحداث بعض المرائب المتناثرة في مناطق محددة من المدينة (والتي لا تتسع إلا لأعداد محدودة جداً من السيارات)، وتعبيد القليل من الشوارع المحفرة منذ زمن.. إلا أننا لن نستطيع وصف هذه المحاولات سوى بأنها «ترقيعات خجولة» غير قادرة على المساهمة في تخفيف الازدحام الذي تغصّ به شوارع مدينة دمشق، كما أنها غير قادرة على تحقيق قيادة مريحة للسائق، ولا حتى عبور سليم للمشاة دون أن يخوضوا معركة شرسة مع السيارات.
واليوم، عندما نتحدّث عن مشكلة الازدحام المروري وأعداد السيارات التي ترسّم وتدخل يومياً إلى دمشق لتبحث عن فسحة للسير فيها داخل الشوارع والطرقات الضيقة، أو عن مكان تركن فيه هو في أغلب الأحيان رصيف المشاة.. يحقّ لنا التساؤل عن مدى التنسيق بين الجهات المعنية (أي وزارة النقل ومحافظة دمشق وغيرها من الجهات ذات الصلة)، لاسيما عندما نرى أنَّ وزارة النقل ترسّم يومياً لمئات السيارات، في وقت لاتستطيع فيه محافظة دمشق أن تواكب بمشاريعها أعداد هذه السيارات. كما سنتساءل عن الفائدة التي حقَّقتها قوانين السير الصارمة، والتي جعلت الجهات المسؤولة تبدو وكأنها تصبّ جام غضبها على المواطن، فبات يدفع، في كثير من الأحيان، أضعاف راتبه ثمناً للمخالفات الطرقية.
في ظلّ هذه اللوحة المظلمة، يجدر بالمواطن أن يخاف من الوصول إلى يوم لن يجد فيه مكاناً يقف في شوارع مدينته على الرصيف، بسبب شدة ازدحام السيارات التي أخذت أمكنتها وأماكننا!!..
- عبد الله عبود (مدير هندسة المرور في محافظة دمشق) حدَّثنا عن الحلول المقترحة للازدحام الطرقي الذي تعاني منها الشوارع في دمشق. والخطة، بحسب «عبود»، تتجسّد في إيجاد حلول جذرية للازدحام، تتجسّد في إعادة تأهيل الشوارع وتوسيعها، والعمل على تعبيدها. كذلك بيّن «عبود» أنَّ المحافظة تعمل على فتح عقد وجسور جديدة، وأنها بصدد إنشاء عدد من الأنفاق التي تصل بين الطرقات الأساسية في المدينة.
ونفى «عبود» وجود أيّ تنسيق بين وزارة النقل ومحافظة دمشق؛ فالسيارات، بعد أن تدخل إلى دمشق، تعلم المحافظة بوجودها، وقبل ذلك لا علاقة للمحافظة بالسيارات الداخلة إلى المدينة. وهذا هو حال باقي المحافظات السورية، وليس فقط دمشق. وفي ظلّ انعدام وجود أيّ تنسيق أو تعاون بين وزارة النقل ومحافظة دمشق، فإنَّ المحافظة ستتحمّل أعباء الأعداد المتزايدة بشكل كبير من السيارات، وأيضاً الشوارع، بينما ستتضاعف معاناة المواطن من الاختناق الطرقي.
- ربما بات الحديث عن ازدحام الطرقات وجبة يومية يتناولها الناس كخبراء؛ إذ تحوّل كل من يملك وسيلة نقل كالسيارة أو السرفيس إلى خبير طرقات يمكنه أن يحدثك عن أزمته في الانتقال من مكان إلى آخر ساعات وساعات..
ولكن المشكلة تكمن في تحول الازدحام الشديد جداً إلى مجرد حديث يومي يدور بين المواطنين، مع استسلام كامل للواقع المعاش. فالكل يعرف أن لا حلول جذرية، على ما يبدو، للازدحام في طرقاتنا، التي شبع المواطن من تصريحات المعنيين، في سبيل طرح حلول إسعافية لها، بدأت تأخذ طابع الأبدية في دمشق وباقي المحافظات..
وأما أزمة الأزمات، فإنها تظهر جلياً في وقت الذروة، أي ما بين الساعة الثانية والرابعة ظهراً، مع خروج الموظفين من العمل متجهين إلى منازلهم، لتصبح رحلة الوصول إلى المنزل في هذه الساعة، التي تصبح فيها الشمس وكأنها متآمرة مع الازدحام ضدّ أعصاب ذلك الموظف، وكأنها عقاب إلهي لابدَّ أن يناله المواطن «المعتر» يومياً.
وعلى اعتبار أننا على أبواب عيد الفطر، وبدل أن يتوجه الناس إلى الأسواق لشراء ما قد يحتاجونه من ثياب وسلع، فإنهم حولوا اهتمامهم إلى التفكير بمكان لركن السيارة، بالإضافة إلى مشكلة احتساب الوقت الذي سيستهلكه هذا المشوار، لينضمَّ ازدحام الأسواق إلى ازدحام الشوارع. وبهذا تكتمل سعادة المواطن المضطر إلى الذهاب والإياب من الشوارع الجوهرية في المدينة، ولتتضاعف أجرة التاكسي بشكل تلقائي؛ إما من خلال استغلال السائقين حاجة الناس في إيجاد تكاسي تبدو في هذه الحالة نادرة، أو لأنَّ المسافة تتضاعف عدة مرات عن حجمها الحقيقي كونها تتحرَّك كالسلحفاة في ظلّ الازدحام المخيف الذي يصبح حالة عامة بعد الإفطار. تصريحات وزارة النقل والمحافظة (المسؤولتين عن الواقع المروري في البلد) تبدو باهتة ومتضاربة؛ فلا تزال الأولى ترسّم يومياً لعدد كبير من السيارات، ولا تزال المحافظة تراوح في مكانها في إطلاق المشاريع، التي تهدف إلى إيجاد مرائب جديدة تتسع لجزء، ولو قليل، لذلك العدد الضخم من السيارات التي تمشي في شوارعنا يومياً. ويبقى المواطن أولاً وأخيراً الخاسر الأكبر في هذه المعادلة..
آلاء عامر
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد