المواقع الأردنية تكسب جولة في معركة الحريات
في سابقة قد تُعدّ الأولى من نوعها في الأردن، نجحت الحملة التي أطلقتها المواقع الإخبارية الإلكترونيّة ضد «قانون جرائم أنظمة المعلومات»، وتنازلت الحكومة عن بعض مواده المثيرة للجدل. بعد سلسلة انتقادات محليّة ومطالبات من مؤسسات حقوقيّة تُعنى بحرية الصحافيين مثل «صحافيون بلا حدود»، أُحرجت الحكومة وقرّرت المصادقة على القانون بعد تعديله.
أهم التعديلات كانت حذف المادة الثامنة التي نصّت على تجريم «ذم أي شخص أو قدحه أو تحقيره بإرسال بيانات أو معلومات أو نشرها» بحسب وزير الدولة لشؤون الاتصال والإعلام علي العايد، لأن هذه الجرائم «معرّفة ومعاقب عليها في التشريعات النافذة». إضافة إلى إلغاء جملة «بثّ أفكار تمسّ الأمن الوطني» الفضفاضة، واستبدالها بمادة تجرّم من يحاول «إلغاء البيانات أو المعلومات التي تمس الأمن الوطني أو إتلافها أو تدميرها أو تعديلها أو تغييرها أو نقلها أو نسخها».
أما الانتصار الأكبر للحملة، فتحقّق بتعديل المادة 13 التي كانت تجيز تفتيش المنازل والمكاتب «المشتبه فيها» من دون إذن المدعي العام. التعديل جاء بإلزام الجهات الأمنية بالحصول على إذن المدعي العام أو المحكمة المختصة، مع «مراعاة حقوق المشتكى عليه» بعدم التعرّض لمعلوماته الشخصيّة.
هذه التعديلات تلقفتها المواقع الإلكترونية التي قادت الحملة بإيجابيّة. كتب موقع «خبّرني» على صفحته الرئيسية مقالة بلهجة انتصاريّة تحدّث فيها عن «كسب جولة بانتظار مواصلة العمل على جبهات أخرى».
لكن ما مدى رضى هذه المواقع عن تعديل القانون؟ يجيب أحد مؤسسَي موقع «عمّون» الأكثر شهرة باسل العكور أنّ التعديل «خطوة في الاتجاه الصحيح ويُنتظر أن تكتمل برفع حجب المواقع الإخباريّة الإلكترونية عن الموظفين الرسميين». وأشاد بتكاتف المواقع الإلكترونيّة. واستغرب العكور غياب هذه القضية عن الصحف اليوميّة باستثناء «العرب اليوم»، إضافة إلى موقف نقابة الصحافيين الذي كان «متردداً ومحرجاً». لكن يبدو أن المشكلة لا تتعلّق بهذا القانون فحسب، بل غابت عن هذه الحملة قوانين أخرى لا تزال تكبّل الحريّة الصحافيّة.
ورغم أن رئيس «مركز حماية وحرية الصحافيين» نضال منصور يشير إلى «تحسّن» في تعديلات القانون، يعود ليقول «علينا توسيع رؤيتنا لأن مشكلتنا لا تتعلّق بقانون جرائم أنظمة المعلمومات، بل بقوانين أخرى مثل قانون وثائق وأسرار الدولة، وقانون محكمة أمن الدولة، وقانون نقابة الصحافيين، وقانون المطبوعات والنشر...». وأشار إلى دور المركز في المطالبة بتشريعات تحمي حرية الصحافة، وبتعديل القوانين الموجودة أصلاً. ويوضح منصور أن الحكومة اعتمدت في تعديلاتها على المطالعة التي أنجزها المركز بشأن القانون.
هذه القضية التي لا يبدو أنها شغلت الشارع الأدرني الغارق في مشاكل ارتفاع الأسعار وانقطاع المياه والكهرباء، لم ترقَ إلى مستوى قضيّة شعبية. ورغم أن الموضوع انتشر عالميّاً على صفحات «واشنطن بوست» و«غارديان»، إلا أن غيابه عن الشارع يشير إلى تنازل المواطن الأردنيّ والعربي عموماً عن حقوقه.
لهذا ربما تبنّت هذه المواقع الحراك السياسي الذي قادته أخيراً جماعات بعيدة عن مراكز صنع القرار، ولاحقت قضايا تهمّش عادة على صفحات اليوميّات مثل نداءات موظفي تلفزيون ATV، وانتهاكات المسؤولين، والاشتباكات العشائريّة والعنف في الجامعات بكل تفاصيلها.
أحمد زعتري
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد