بعد افتتاح معظمها: قرار جديد يجيز ترخيص المولات في حمص

19-08-2010

بعد افتتاح معظمها: قرار جديد يجيز ترخيص المولات في حمص

اجتاحت مدينة حمص مؤخراً حمى المولات التجارية, لتصبح المشروع الأول للكثير من المستثمرين, فمنذ عامين لم يكن المستهلك الحمصي يسمع أو يرى ما يمكن تسميته مركزاً تجارياً ضخماً يحتوي كل ما تطلبه العائلة بدءاً بالإبرة، و ليس انتهاء بغرفة النوم وقد لا تنطبق تسمية مول في تلك الفترة سوى على محلين، الأقدم في حي النزهة شرق حمص , و الثاني في حي بابا عمرو غربها .
بينما الآن لم تحقق المولات انتشاراً واسعاً من حيث الكم وحسب, وإنما رافقه تطور في النوع و الحجم و المساحة,فقد تجاوز بعضها 2000متر مربع بالنسبة للمولات داخل حدود المدينة, بينما خارجها تتضاعف المساحة بعشرات المرات, وتتزايد الوظائف و المهام لتتجاوز الاقتصار على ابتياع الحاجة اليومية للأسرة وصولاً إلى تأمين الرفاهية لأفرادها على مختلف أعمارهم .
قرار حديث لإشكال قديم
و أخيراً أصدر مجلس مدينة حمص قرراً يقضي بإخضاع مراكز التسوق (المولات) إلى ترخيص إداري يمنحه رئيس المدينة بعد تنفيذ المستثمر (13) شرطاً, و يسري مفعوله بدءاً من شهر آب الجاري , بعد أن كانت تتم معاملة المول على أنه محل سمانة أو سوبر ماركت.
و أوضح رئيس دائرة الرخص في مجلس المدينة المهندس نضال خليل أن القرار الجديد يتيح لصاحب المول ممارسة أي مهنة تخضع للقرار المذكور, و تصدر بقرار واحد يجمع بين كل المهن المزمع ممارستها في المول من بيع مواد غذائية إلى بيع ألبسة أو لحوم أو مستحضرات تجميل ...إلخ. مع العلم أن كل مهنة كانت تحتاج إلى قرار خاص بها قبل تطبيق القرار الأخير.
و تضمن القرار –حسب خليل- إمكانية تعديل أو إضافة المستثمر لمهن جديدة أو حذف مهن موجودة دون الحاجة إلى تقديم مخططات حديثة .
 و كشف رئيس دائرة الرخص عن نية مجلس المدينة إلزام أصحاب المراكز التجارية بالحصول على الترخيص أو تعديل تراخيصهم وفق القرار الجديد, مشيراً إلى افتتاح 15 مولاً خلال العامين الماضيين و قبل صدور القرار .
و وصف رئيس دائرة الرقابة الصحية في مجلس المدينة د.محمد علي غالي المولات بأنها ظاهرة حضارية مدعماً رأيه بعدم العثور على أي مخالفة أو حتى شكوى ضدها منذ نشوئها .
إلا أنه أخذ على قرار الترخيص الأخير تجاهله لضرورة تأمين المول موقفاً للسيارات تجنباً لزحمة السير أثناء عملية التسوق .
و في حين رجّح رئيس دائرة حماية المستهلك في حمص عبد الحفيظ نبهان كفة  إيجابيات المولات على سلبياتها, إلا أن هذا لم يمنعه من الاعتراف بعدم خلوّها من المخالفات, مشيراً إلى مخالفة طازجة بحيازة مواد منتهية الصلاحية في واحد من أكبر المولات في المدينة!
ثقافة استهلاكية جديدة ولكن.
أثناء جولتنا التقينا العديد من المستهلكين, ففي أحد المولات المفتتح حديثاً ضمن حي بابا عمرو, يذهب أكرم (45 عاماً) و هو يمشي مع زوجته دافعاً عربة التسوق إلى ما ذهب إليه د. غالي معتبراً المول ظاهرة حضارية, مضيفاً من موقع تجربته كمغترب لعشر سنوات أن الخطوة سبقنا إليها الكثير من الدول ولكن (أن تأتي متأخراً خير من ألا تصل أبداً), و تحدث عن خلق ثقافة استهلاكية جديدة لدى الناس من حيث اختيار المستهلك بضاعته بيده دون وسيط, وتتدخل زوجته لتعتبر أن أهم ما في المول أن الأسعار محددة مما يغلق الباب أمام المكاسرة و المفاصلة للحسم من السعر....! هذا غير توفر ما تحتاجه الأسرة و بأسعار الجملة مما يوفر الجهد و الوقت و المال .
بينما وصف عماد (37عاماً) في مول آخر أن العروض ليست سوى فخ لاستدراج الزبون, فإذا لحق بفترة العرض التي (غالباً ما يجدها منتهية ) فيمكنه أن يشتري السلعة المشمولة بسعر أرخص, ولكن لن ينجو من الفخ في حال قرر شراء سلع أخرى تعوض صاحب المول خسارته بالعرض على حساب جيب المستهلك و (من دهنو سقيلو).
و يتطابق رأي أم عبدو(41عاماً) مع عماد لتسرد لنا قصة عرض نزل بموجبه كيلو البصل إلى 5 ليرات, و حينئذ لبت طلب العرض و اشترت البصل و لكن ابنها الذي رافقها (طالع الفرق) حين أصر على شراء رزمة تضم 8 قطع من البسكويت المغطس بالشوكولا وبسعر 43ليرة , في حين أن سعرها لا يتجاوز 40 ليرة في محال السمانة, لتخرج أم عبدو بأقل الخسائر بعد استخدامها ما تيسر من أساليب الترهيب و الترغيب بحق ابنها.
دون جدوى اقتصادية.
وكشف الباحث الاقتصادي محمد ياسين زكريا أن بعض المولات في المدينة لم تدخل من الباب الصحيح لأنها افتقدت إلى التأسيس على دراسة جدوى اقتصادية, مستمداً ثقته بصحة كلامه من صلته الوثيقة بالمؤسسة الوحيدة التي تقوم بدراسات الجدوى الاقتصادية للمشاريع الاستثمارية في المحافظة, و دعّم ما ذهب إليه من خلال الاختيار الخاطئ لأماكن العديد من المولات (لدرجة تلاصق مولين معاً في أحد الأحياء ), إضافة إلى تقارب مولين مشهورين آخرين في إحدى أرقى مناطق المدينة .
و يضيف عضو الخارطة الاستثمارية في المحافظة قرائن أخرى تؤكد قيام الكثير من المولات بدراسة الجدوى الاقتصادية , بدليل وجددها بين عدد من محلات السوبر ماركت و السمانة , وهذا ما لا يحقق جدوى اقتصادية لأنه –و الكلام لزكريا- إذا كانت المولات وفرت فرص عمل من ناحية فإنها قضت على فرص أخرى لأصحاب تلك المحلات الصغيرة بعد ابتلاع المولات للغالبية الساحقة من زبائنها
و أخذ المحاضر في مركز الدراسات الإدارية على المولات تفاوت نسبة الربح من مادة إلى أخرى, متهماً إياها بتعمّد تجاهل بعض الأصناف الأساسية من الماركات الشهيرة و خاصة السمون و الزيوت, والاستعاضة عنها بأنواع رخيصة يتوافر فيها هامش أكبر من الربح .
و هذا ما ذهب إليه صاحب منشأة لإنتاج الطحينة من النوع الأول , إذ قال الرجل اليبرودي الذي رفض ذكر اسمه إنه لا يبيع المولات لأنهم (يبحثون عن بضاعة رخيصة).
و يضيف الباحث زكريا أن دراسة بسيطة تكشف عن أن معظم المولات هي عبارة عن أماكن مستثمرة و ليست مملوكة للقائمين عليها, موضحاً أنها أيضاً تعمل بواسطة موظفين في ظل غياب كامل لصاحب العمل من ناحية الخبرة و التواجد مما يكلف صاحب المول تكاليف إضافية .
مصائب قوم..
قد يكون المستهلك أحد الرابحين من وجود المول إلى حد ما , ولكن نستطيع الحكم على أصحاب محلات السمانة و الدكاكين الصغيرة و السوبر ماركت بأنهم أكبر الخاسرين , كيف لا و معظمهم نزلت نسبة مبيعاته إلى النصف, وتزداد و تنقص حسب المسافة التي تفصله عن أقرب مول
(صار عملنا الرئيسي كش الذباب و الرزق على الله) يقول أبو طراد من خلف طاولته في محله بحي الإنشاءات الذي شهد افتتاح أكثر من مول
و يختصر الرجل الخمسيني معاناة زملائه من أصحاب محال السمانة بالقول : لقد هرب أغلب زبائننا إلى المول و لم يبقَ لنا سوى عابر السبيل و المستعجل و من يحتاج شراء قطعة واحدة من أي سلعة على الماشي, مضيفاً أن باكيت الدخان بات (السلعة الأكثر مبيعاً لدينا مع احتمال أن يرافقه عبوة مياه غازية أو قطعة بوظة أو علكة ).
دعم مسؤول
اعتبر السيد نبيل كالو المستثمر لسلسلة مولات في المحافظة (آخرها افتتح في الحواش) أن الرعاية الرسمية التي ظللت افتتاح بعض المولات إنما هي دعم من الحكومة لهذه الخطوة, وهو بالتالي دعم لحركة الاستثمار في البلد, و رأى كالو أن المنافسة بين المولات تصب في خدمة المستهلك من حيث السعر و الجودة , نافياً الاتهامات التي نقلتها الخبر أعلاه , و قال إن كل الأصناف  من البضائع متوفرة و لكن قد نلاحظ صنفاً معيناً يطغى وجوده على الأنواع الأخرى بسبب وجود عرض عليه يتم بالاتفاق مع المنتج, ولكن هذا لا يمحو حقيقة وجود كل الأنواع ليصبح المستهلك أمام خيارات أكثر .

 

جودت حسون

المصدر:  الخبر

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...