تكلفة قلوب السورييون 140 ألف ل.س في سورية و800 ألف في الخارج
قلوب السوريين تتعب أحياناً.. ترهق أحياناً أخرى.. ولإصلاح هذه القلوب وضمان نبضانها بالحياة يبذل الغالي والرخيص.. من الأقارب والمجتمع والحكومة.. ورغم كل ذلك فإن للأعمال الجراحية والمحافظة على حياة هذه القلوب في ملف اليوم نحاول رصد تكلفة قلوب السوريين.. فما الأجور والأتعاب؟ وما كلف عمليات القلب؟ وما كلفة علاج القلب والجراحات القلبية في سورية؟
ازداد انتشار أمراض القلب الناجمة عن تصلّب الشرايين الإكليلية المغذية لعضلة القلب في سورية في السنوات الأخيرة بسبب عوامل عديدة كانتشار عادة التدخين بشكل لافت إضافة إلى الإقبال على المأكولات الدسمة والوجبات السريعة وقلة النشاط الفيزيائي عند الجيل الحالي ويؤكد الأطباء أن أكثر مسبب للوفاة هو أمراض القلب، وأكثر أسباب الإصابة به نقص التروية والاحتشاءات، وخاصة بعد عمر 40 سنة للذكور و50 سنة للإناث، مع ارتفاع شحوم الدم والبدانة والسكري وقلة الحركة والتوتر النفسي فما تكاليف علاج أمراض وعمليات القلب في سورية؟ وكيف يتم حسابها؟
مدير عام مركز الباسل لأمراض وجراحة القلب في دمشق د. ماجد عثمان أكد أن هناك صعوبة بحساب التكلفة الحقيقية لعمليات القلب لأن التكلفة تبدأ من تكلفة المريض في المشفى من الهيكل الإداري والموظفين الذين يقومون بأعمال إدارية وللهيكل الهندسي ولصيانة البناء والأجهزة وهذا كله يعمل به ناس لها رواتب إضافة إلى عناصر التمريض والمواد التي تصرف في غرفة العمليات والعناية المشددة وسعر الأسرة وأن أسعار التكلفة الحقيقية لسعر العمل الجراحي هي ليست ما يصرف فقط في غرفة العمليات بل هي عبارة عن مشفى متكامل وهناك موظفون تتقاضى رواتب من ضمن العمل وأن أغلب الحسابات التي نقوم بها هي حساب المواد العينية التي تكلف بها المريض لأن هناك مساعدة من الدولة للمواطن ويدفع المواطن جزءاً من المبلغ المادي المصروف.
وأوضح عثمان أن الأسعار في المركز هي أسعار مشاركة المواطن وليست أسعاراً حقيقية بل هي تقدمة من الدولة للمواطن فالمريض في مشاف أخرى كالجامعة الأميركية مثلاً يكلف 16 ألف دولار وهو عال بالنسبة للرقم السوري أما مريض القسم العام فيكلف المركز 70 ألفاً وهذا يعتبر قليلاً ولكن المبلغ المتبقي تتحمله الدولة فأجرة المشفي في اليوم 300 ليرة سورية والدولة ترغب في اشتراك المواطن في المعالجة ليشعر بقيمة هذه المعالجة كما أن المواطن يحصل على المواد المضافة حسب العقد بالسعر التي تشتريها الدولة وبذلك يضمن بأخذ القطعة دون ربح نهائياً لأن هناك شيئاً يسمى ضمان وتأمين الدولة لهذا العمل.
وبين عثمان أن حساب تكاليف عمليات ليست القلب عملية سهلة ولكن بالإمكان حساب تكلفة المواد الحقيقية التي يحتاج إليها المريض وليست تكلفة المريض وكلمة حساب التكلفة تختلف عن كلمة حساب تكلفة حقيقية وبسبب ذلك يكون افتتاح مشاف خاصة أمراً ليس سهلاً لأن هناك حسابات دقيقة وبعد صدور نظام الضمان الصحي فإن وزارة الصحة تسعى لحساب التكلفة على جميع الاختصاصات وبدأت بتشكيل فرق عمل بهذا الصدد لأن الضمان الصحي يتطلب حساب تكلفة لكل مرض أو عملية والمركز واضح بهذا الموضوع لأن أعماله واضحة والدولة مهتمة بموضوع حساب التكلفة الحقيقية لكل نوع من العمليات والاستشفاءات لأنه لا يمكن رفع مستوى الصحة إن لم يكن هناك ضمان صحي وحتى يكون هناك ضمان يجب أن يكون هناك حسابات وكي يكون هناك حسابات يجب أن يكون كل شيء يقام به واضحاً كتابة لأن ذلك يساعد في إيجاد حسابات حقيقية وهذا يحتاج إلى وقت ويدخل فيما بعد منحى جديداً وهو أن الدولة تساعد المواطن ولكن لرفع المستوى الصحي يجب معرفة الرقم الحقيقي لذلك.
وبالنسبة لأجرة الأطباء في المركز بيّن عثمان أنه يتم حسابها حسب تسعيرة وزارة الصحة وفي المركز في قسم القطاع العام والمجاني الطبيب غير مأجور أما في القسم الخاص فالمريض يأتي للطبيب ويأخذ أجرته من الإدارة بعد إجراء الحسابات واقتطاع الضرائب إضافة إلى اقتطاع 15 % لتوزع كأجور للعاملين لأن هناك فكرة أساسية هي الفكرة التشجيعية فقانون العمل في المركز لا يحق للطبيب أن يعالج مريضاً خاصاً ما لم يعالج مريضاً عاماً فالعام بأجرة الطبيب المعروفة والخاص يأخذ حسب التعرفة المعروفة وهذه فكرة صحيحة وتشجيعية.
لجنة لدراسة التكلفة الحقيقية
بالتنسيق مع وزارة الصحة
المهندس محمد شموط أحد أعضاء اللجنة المكلفة ضمن مركز الباسل حساب تكلفة كل عملية تجرى في المركز بدقة وبالتنسيق مع وزارة الصحة أكد أنه في الوقت الحالي يعتمد مركز الباسل لائحة أسعار الكلفة المقطوعة وهو نظام تسعيرة موحدة للمرضى حسب الإجراء فمثلاً مريض قسم العام في المجازات الإكليلية 70 ألفاً وهي تغطي جميع التحاليل والتصوير الشعاعي والإقامة والخدمات العلاجية والتمريضية في المشفى مهما بلغت مدة إقامة المريض وينطبق الأمر ذاته على العمليات الأخرى. وعن أعمال اللجنة بيّن شموط أن اللجنة ما زالت في بداية عملها وستقوم بدراسة الكلفة الحقيقية للخدمات التي يقدمها المركز وستتابع عملها خطوة بخطوة بالتنسيق مع وزارة الصحة وأن حساب الكلفة الحقيقية يحتاج إلى حساب ثمن الأبنية والتجهيزات الطبية ورواتب الموظفين وكل هذه الأمور تحتاج إلى وقت لتقييم جميع الموجودات في المشفى ومعدلات الاستهلاك اليومية. وأوضح شموط هناك خطة في وزارة الصحة لدراسة التكلفة الحقيقية لكافة الإجراءات والخدمات التي تقدمها المشافي بكل الاختصاصات بهدف تطبيق نظام الضمان الصحي وأن المعوقات الأساسية لحساب التكلفة الحقيقية للخدمات التي تقدمها وزارة الصحة هو عدم وجود أتمتة في المشافي التي تسمح بإحداث قاعدة بيانات للجميع لتسجيل كل الأرقام لحظة بلحظة وجمعها. وفي المركز ثلاثة أقسام قسم عام يشكل 30 % من عمل المركز وقسم خاص ويشغل نسبة 50% وقسم مجاني بنسبة 20 % حيث يقدم المريض أوراقاً ثبوتية للمركز ولائحة طلبات تحول إلى لجنة لدراستها وتقييم حالة فقر المريض.
أجور العمليات والإجراءات في مركز الباسل لأمراض وجراحة القلب
تبلغ قيمة عملية المجازات الإكليلية في القسم الخاص 140 ألف ليرة وفي القسم العام 70 ألف ليرة وتبلغ تكلفة عملية تبديل صمام أو اثنين 140 ألف ليرة في القسم الخاص و70 ألف ليرة في القسم العام ويضاف إلى هذا المبلغ سعر الصمام الواحد أو الصمامين أو الحلقة حسب ورودها بالعقد عند الشراء. أما أجور عمليات القلب المفتوح فهي 140 ألف ليرة في القسم الخاص و60 ألف ليرة في القسم العام وأجور عملية القناة الشريانية 50 ألف ليرة في القسم الخاص و30 ألف ليرة في القسم العام وأجور عملة تضييق برزخ أبهر 80 ألف ليرة في القسم الخاص و50 ألف ليرة في القسم العام وتبلغ أجور عملية فتح قلب لاستخراج جسم أجنبي 140 ألف ليرة في القسم الخاص و70 ألف ليرة في القسم العام وأجور عملية لورم مخاطي أذينة هي 140 ألف ليرة سورية في القسم الخاص و60 ألفاً في القسم العام وأجرة عملية تسلخ أبهر 140 ألف ليرة في الخاص و70 ألفاً في القسم العام ويضاف إليها سعر الكوندويت والصمام حسب وروده بالعقد عند الشراء أما عملية جراحة سباتي فأجرتها 50 ألف ليرة في القسم الخاص و30 ألفاً في القسم العام. وتبلغ أجور عمليات التوسيع 40 ألف ليرة في القسم الخاص و30 ألفاً في القسم العام ويضاف إليها ثمن الشبكة والبالون حسب عددها وسعر شرائها وأجور عملية توسيع رئوي وسباتي 40 ألف ليرة في القسم الخاص و20 ألفاً في العام ويضاف إليه ثمن الشبكة والبالون حسب عددها وسعر شرائها كما تبلغ أجرة عملية التوسيع التاجي 130 ألف ليرة في القسم الخاص و110 آلاف في العام وأجور القثطرة القلبية 14 ألف ليرة في الخاص و8000 في القسم العام أما أجور عمليات قثطرة الأطفال إذا تم فيها تخدير فهي 23400 ليرة في القسم الخاص و9810 ليرات في العام. وتبلغ أجور عملية إغلاق فتحة بين الأذينتين عن طريق القثطرة 71 ألف ليرة سورية في القسم الخاص و45 ألف ليرة في العام يضاف إليها ثمن أداة الإغلاق وأجرة عملية إغلاق القناة الشريانية عن طريق القثطرة 46 ألف ليرة في القسم الخاص و30 ألف ليرة في القسم العام ويضاف إليها ثمن أداة الإغلاق وأجرة عملية تركيب بطارية دائمة 20 ألف ليرة في القسم الخاص و3000 ليرة في العام يضاف إليها ثمن البطارية وتوابعها وأجرة عملية تركيب بطارية مؤقتة 15 ألف ليرة في الخاص و3000 ليرة في العام يضاف إليها ثمن المواد أما أجرة عملية القثطرة الكهربائية 30 ألف ليرة في القسم الخاص و6000 ليرة في القسم العام ويضاف إليه ثمن المواد.
ويعد مركز الباسل من أكبر المراكز المتخصصة بأمراض وجراحة القلب في منطقتي الشرق الأوسط والبحر المتوسط ويهدف إلى خدمة مرضى القلب من الناحيتين التشخيصية والعلاجية ومتابعة الكوادر العاملة في المركز وتزويدها بآخر المستجدات الطبية في العالم في مجال أمراض وجراحة القلب والمركز قادر يومياً على إجراء 10 عمليات جراحية و30 إلى 40 عملية قثطرة تشخيصية وعلاجية و110 فحوص إيكو قلبي و25 عملية تخطيط قلب مع الجهد وقد بلغ عدد العمليات الجراحية في المركز في العام الحالي حتى نهاية الشهر السادس 1244 عملية جراحية وبلغت عمليات القثطرة 2851 عملية و729 عملية توسيع و50 عملية تركيب بطارية.
كما لو كانوا حلاقين.... مكلفون بضريبة الدخل المقطوع
مدلجي: المالية لا تعامل الطبيب على أنه تاجر
كثير منا تساءل بينه وبين نفسه عن الآلية التي تحدد بها أجور الكثير من الأشياء من خدمية ومهنية إلى الفنية والتقنية وصولاً إلى العلمية، ولا تخرج عن هذا الإطار بطبيعة الحال المهن الإنسانية وتحديداً منها مهنة الطب.
فكثير من المفاهيم الأقرب إلى الإعجاز ترتبط في أذهاننا بالطبيب الذي يتمكن بسؤال أو سماعة تشخيص العلاج والقضاء على الألم وهنا بيت القصيد، حيث يستغرب البعض ما يطلبه الطبيب من أتعاب له على حين يستسهلها البعض الآخر قياساً إلى مهارة الطبيب، فما المعايير المعتمدة في تحديد كشفية الطبيب وما النسب الضريبية التي يكلف بها وعلى أي تصنيفات يسجل؟
تكليف واحد
المدير العام للهيئة العامة للضرائب والرسوم جمال مدلجي وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال: لا تميز الدوائر المالية في تكليفها للأطباء بين اختصاص وآخر، بل يخضعون كلهم للضريبة على الدخل المقطوع وهي ضريبة تحدد مرة كل ثلاث سنوات، وفي حال زيادة فعالية الطبيب عن 25% من الممكن أن يعاد تصنيفه سنوياً، أي في حال تكليف طبيب ما بضريبة تبلغ 100 ألف ليرة سورية سنوياً، وتبين بأن أرباحه قد زادت يمكن إعادة تصنيفه بزيادة مبلغ الضريبة عليه، مع الأخذ بالحسبان أن إعادة التصنيف تحمل وجهين فقد تكون زيادة في الضريبة أو نقصاناً فيها في حال انخفضت فعالية الطبيب فيتقدم بطلب للدوائر المالية بمضمونه ويتم بعد التثبت تخفيض تكليفه الضريبي في ضوء أن المرسوم التشريعي 51 قد أجاز إعادة التصنيف سنوياً.
تعديل التكليف
ويضيف مدلجي إن القانون رقم 60 وفي أحد التعديلات التي أدخلت عليه وتحديداً في المادة 8 نص على أن التعويضات التي يتقاضاها الأطباء من العمليات الجراحية والمخبرية والتخديرية والشعاعية في المشافي تخضع للتكليف بضريبة الدخل، أما من كان منهم من العاملين أو المتعاقدين على أساس التفرغ الكامل فيخضعون للتكليف بالضريبة على الرواتب والأجور وهذه هي أسس تكليف الأطباء في سورية.
أما عن تكليف فئة معينة من الأطباء بشكل خاص فيها وفقاً لأي معطيات فذلك غير ممكن، فعندما نسمع بأن فلاناً أجرى عملية قلب مفتوح تكلفت 300 ألف ليرة سورية فيكون فيها أكثر من مكلف وأولهم موِّرد المادة تحت بند التجهيزات الطبية، ومكلف آخر هو المشفى وآخرهم الطبيب وذلك يعني أن الطبيب لم يتقاض كامل المبلغ، بل إن كلمة الطبيب تتوزع على الطبيب الجراح وطبيب التخدير وطبيب الداخلية المشارك في العملية ولهم نسبة من الأتعاب وكذلك طبيب الأشعة ضمن المشفى.
حجم العمل الضريبي
وعن نسبة ضريبة الدخل المقطوع قال مدلجي: لا يمكن تحديد نسبة بل يمكن القول بتحديد رقم عمل الطبيب.
ولدينا عدة معايير للأطباء منها أطباء باختصاصات عالية ومشاهير ولدينا أطباء عاديون من ذوي الاختصاص العام وهذا غير ذاك في التكليف الضريبي، فالمختص المشهور يكون عبؤه الضريبي أكبر ضمن تكليف الدخل المقطوع، وهو وضع قابل للتغيير فيما بعد.
ونحن في الهيئة من أنصار تكليف هؤلاء بضريبة الأرباح الحقيقية لأنهم ذوو مداخيل ضخمة جداً وفي نفس الوقت نراعي الناحية الاجتماعية التي يقوم بها هؤلاء فلا يجوز معاملة الطبيب على أنه تاجر، على الرغم من ضخامة مداخيله تأسيساً على المهنة العلمية وذلك خاضع لأسلوب تكليف آخر يكون بموجب بيان يصرح عنه الطبيب المكلف ويظهر فيه مصاريفه وإيراداته.
أما في حال الشك فيدرس البيان الذي تقدم به، وذلك كله في إطار نظام متكامل، وعند مغايرة الحقيقة يعتبر ذلك من باب التهرب الضريبي ويعالج بأسلوب مغاير، أي إن الثقة منحت للمكلف بالتقدير الذاتي لأرباحه ولكن ضمن ضوابط.
ومثال ذلك أن مؤشرات عدة تؤخذ بالحسبان مثل سمعة الطبيب ومكان عيادته ورغم ذلك تبقى الضوابط غير محكمة تماماً، فإن قمت بزيارات عشوائية لعيادة أحد الأطباء وشاهدت أشخاصاً فليس بالضرورة أن يكونوا كلهم مرضى بل يمكن أن يكون ثلاثة منهم مرافقي مريض بحسب العادات الاجتماعية السائدة في مجتمعنا، أي إن ذلك ليس بمعيار حقيقي.
يضاف إلى ذلك عدد العمليات الجراحية التي يجريها الطبيب في المشافي، كما أن سمعة الطبيب تلعب دوراً مهماً، فمن المعروف أن بضعة أطباء يسيطرون على النشاط الطبي في قطاع ما، وعندما يتقدم أحدهم ببيان ضريبي يتضمن ربحاً قليلاً يكون من البديهيات أن هذا الإقرار غير صحيح، وذلك يصنفه كما أسلفنا ضمن خانة التهرب الضريبي، وما من مصلحة له قياساً إلى سمعته بتسجيله ضمن صحيفة المتهربين ضريبياً.
خبرات وطنية
ويختم مدلجي بالقول: إن تكليف الأطباء ضريبياً له وضع خاص، فصحيح أن بعضهم يحقق أرباحاً هائلة ولكن يجب أن نحافظ على هذه الخبرات ضمن البلاد.
وسام محمود- مازن خير بك
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد