أولئك الذين لا يملكون شيئاً كرة القدم هي كل شيء
«لأولئك الذين لا يملكون شيئاً، لعبة كرة القدم هي كل شيء»، بهذه العبارة، اختصرت المصورة البلجيكية جيسيكا هيلتوت، خلاصة رحلة جالت فيها على قرى القارة الافريقية التي تستضيف مباريات كأس العالم لكرة القدم.
ووجدت جيسيكا (33 عاماً) «الشغف» الذي كانت تبحث عنه في القرى، بعيداً عن الملاعب التي تستضيف نجوم الكرة. في القرى كان الأطفال، المحرومون تقريباً من كل شيء، متيمين بالكرة، يلعبون بسعادة على الشواطئ الرملية، والأراضي الترابية، والحقول الخصبة.
وجالت جيسيكا بسيارتها، متسلّحة بكاميرا رقمية، ليرى الناس صور الأطفال، كما رأتهم هي. هي تريد إقامة معرض للصور في جنوب أفريقيا «بينما يتمركز النجوم الكبار في الملاعب، أرادتهم نجوم المعرض».
وحملت جيسيكا على سطح سيارتها الصفراء حقيبة مليئة بمجموعة من كرات القدم الفارغة، وبدأت رحلة الأشهر السبعة التصويرية عبر أفريقيا لتوثيق حب هذه القارة للعبة كرة القدم.
واستطاعت المصورة البلجيكية الوصول إلى أعماق اللعبة عند الأفارقة، فالتقطت إحساسهم باللعبة في صور علّقت في «كيب تاون»، وجوهانسبرغ وبروكسل. ونقلت جيسيكا صور الأولاد يقفزون مرحاً في بوركينا فاسو كلما أحرز فريقهم هدفاً. أما غانا فلم تكن بمنأى عن هذه الإطار، حيث كان الأطفال يلعبون برشاقة عراة الأقدام، ويسابقون ظلالهم الهزيلة.
وأعربت جيسيكا عن سعادتها بما رأته: «اللعبة الجميلة تتجلى في أنقى صورها في ما رأيت، كما أن الناس يلعبون من أجل متعة اللعبة». وصوّرت الطابع الأفريقي لكرة القدم، والذي تجلى بالطابات المصنوعة يدوياً من الأكياس البلاستيكية، ومشهد الجوارب البالية المربوطة بأوراق الشجر، وأعمدة المرمى الملتوية والمصنوعة من أغصان الأشجار...
ولعل أغرب المشاهد التي صورتها جيسيكا كان مشهد الكرات المصنوعة يدوياً من الواقي الذكري، حيث عمد الأطفال إلى استخدامه، والشائع كثيراً وبالمجان في القارة التي تعاني من تفشي مرض الأيدز، وحشوه بقطع قماش لجعله ثقيلاً، ومن ثم وضعه في أكياس بلاستيكية وإغلاقها بإحكام، وأخيراً ربطها جيداً بالخيوط. فهذه العبقرية، تحسن ارتدادات الكرة تماماً كالكرة الحقيقية لمدة أيام قبل أن تفرغ من الهواء.
وأخذت جيسيكا هذه الكرات كهدية يدوية من الأطفال الذين صنعوها مقابل الطابات الحقيقية التي قدّمتها لهم، معتبرة أن بين «الناس من يملك الكثير ويفعل القليل، ولكن الناس الذين التقيت بهم، كان لديهم القليل وفعلوا الكثير».
المصدر: السفير نقلاً عن «نيويورك تايمز»
إضافة تعليق جديد