طهران ترغب بـ«تغيير المناخ» وواشنطن تقفل أبواب الاتفاق
أعادت إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما امس، خلط الأوراق النووية في اختبار القوة الدبلوماسي مع إيران على الساحة الدولية، فردت على اتفاق طهران حول تبادل اليورانيوم في تركيا، وإعلان الإيرانيين عن رغبتهم في «توسيع التعاون النووي» وتبديل «المناخ» مع الغرب، بتوزيع مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات «قوية» جديدة، استبقتها بكين بالتأكيد على أولوية الدبلوماسية، فيما كانت أنقرة تحذر من تداعياتها الإقليمية.
في طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست، إن إيران ستبلغ، خطياً، الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعرضها، خلال هذا الأسبوع. وأضاف «ننتظر ان يبدي اعضاء مجموعة فيينا (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والوكالة الذرية) سريعاً استعدادهم» للقيام بالتبادل. واعتبر ان «الاتفاق سيمهد لتعاون نووي أوسع وسيبدل المناخ» بين إيران والدول الكبرى. وتابع «ينبغي وضع الخطوات غير البناءة والعقوبات جانباً للسماح بتعاون اكبر».
من جهته، قال رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، انه «ينبغي ان تتقارب مواقف الجميع وأن يسلك البلد بصوت واحد هذا الطريق العادل». وقد أعرب 234 نائباً من اصل 290 عن «دعمهم» للاتفاق الذي يقضي بنقل 1200 كلغ من اليورانيوم الضعيف التخصيب الى تركيا، لمبادلته بـ120 كلغ من الوقود النووي الغربي. وطلبوا «من الحكومة التي لطالما تصرفت بحزم وذكاء.. أن تطلب إلغاء القرارات المناهضة لإيران خلال المفاوضات».
غير أن إدارة الرئيس الاميركي باراك اوباما ردت على الرغبة الإيرانية بالإسراع في توقيع الاتفاق، بالإعلان عن مضيها في طريق العقوبات. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، إن اتفاقاً حول مسودة قرار «قوي» لفرض عقوبات دولية جديدة على إيران، تم التوصل إليه بالتعاون مع روسيا والصين، علماً ان القرار عمم على جميع ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، في جلسة انعقدت في نيويورك مساء امس.
وقالت كلينتون أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ «أظن ان هذا الإعلان هو الجواب الأكثر إقناعاً الذي يمكننا تقديمه رداً على الجهود التي بذلت في طهران في الأيام القليلة الماضية». وتابعت «ثمة الكثير من الأسئلة التي لم تلق إجابات في ما يتعلق بالإعلان الصادر عن طهران.. والذي تستغله إيران للتملص من واجباتها الدولية»، في إشارة منها إلى اتفاق التبادل النووي.
وإذ اعترفت «بالجهود الصادقة التي بذلتها كل من تركيا والبرازيل للتوصل إلى حل في ما يتعلق بموقف إيران أمام المجتمع الدولي»، ورأت ان هناك «بعض النقاط الايجابية» في الاتفاق، قالت ان الإعلان عن قرار العقوبات يشكل «صفعة حقيقية» لإيران، معتبرة ان تنظيم عملية تبادل اليورانيوم في تركيا قد يأخذ «شهوراً» وهي فترة قد تواصل خلالها ايران زيادة مخزونها من اليورانيوم، فيما اعلن البيت الأبيض انه سيسعى لممارسة الضغط على إيران «بكل ما نستطيع من سبل» حتى تفي بالتزاماتها النووية.
في مقابل ذلك، وفيما اعتبر الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون ان اتفاق التبادل يمكن ان يحقق «تقدما ايجابيا» في حال ترافق مع «تعاون أوسع» من قبل طهران مع المجتمع الدولي والوكالة الذرية، رحبت الصين بالاتفاق. وقال وزير الخارجية يانغ جي تشي «تعبر الصين عن ترحيبها وتقديرها للجهود الدبلوماسية التي بذلتها كل الأطراف للتوصل الى حل مناسب للمشكلة النووية الايرانية». كما قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن حكومته تأمل أن يفيد الاتفاق «عملية التوصل إلى حل سلمي للمسألة النووية الإيرانية من خلال الحوار والمفاوضات».
وفي باريس ايضا، اعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان «نقل 1200 كلغ من اليورانيوم الضعيف التخصيب الى خارج ايران يشكل خطوة ايجابية»، لكنه «يجب منطقيا ان يترافق مع توقف ايران عن تخصيب (اليورانيوم) بنسبة 20 في المئة». وتابع ان بلاده «مستعدة لمناقشة رسالة ايران الى الوكالة الذرية من دون اي أفكار مسبقة مع كل ما تتضمنه بالنسبة للملف النووي الايراني بمجمله»، فيما اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية انه يمكن تحديث العرض الاساسي الذي قدم في تشرين الاول الماضي الى طهران.
في هذا الوقت، حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، من انه «إذا لم تف ايران بما يتعين عليها خلال شهر.. من الطبيعي أن تكون إيران وحدها». وأضاف «إذا لم ترق إيران الى توقعات البرازيل وتركيا، فإنهما ستتخذان خطوة للأمام وتخرجان من الصورة»، بينما شكك في مصداقية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، سائلا «أين مصداقيتكم إذا كان لديكم أسلحة نووية بينما تطالبون الدول الأخرى بألا يكون لديها هذه الأسلحة؟».
ودعا اردوغان الى دعم الاتفاق النووي مع ايران و«الكف عن التحدث عن عقوبات» ضدها. وأوضح «رأينا انه من خلال مفاوضات ودبلوماسية ايجابية، يصبح من الممكن لإيران الجلوس الى طاولة مفاوضات، وفي وسعنا التوصل الى تسوية في اطار القواعد الدبلوماسية المقبولة عالميا». وتابع «للأسف لا يزال هناك ارتياب.. وهذا واضح من خلال البيانات التي قرأناها، ولا تزال هناك دعوات لتشديد العقوبات على ايران».
بدوره، قال وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو، ان على كل الأطراف دخول مرحلة «للتناغم» مع الوضع الجديد إثر اتفاق تبادل الوقود. ورأى ان «العقوبات لم تعد تملك الأرضية النفسية بعد الآن»، مضيفاً ان تركيا «ستتأذى» في حال وسعت العقوبات المفروضة على إيران. وأوضح «لا يمكنني أن أبقى في خانة المشاهد في حال طرحت العقوبات ضد جاري، فأنا لست مهتماً بأي تهديد إيراني محتمل بعد 10 سنوات، وأنا أهتم بتحسن وضع إيران في المجال الاقتصادي»، مشيراً إلى ان حجم التجارة بين تركيا وإيران قد يرتفع إلى ما بين 30 و40 مليار دولار في حال عدم فرض العقوبات.
كما قال داوود اوغلو، الذي ناقش الاتفاق النووي مع نظرائه في الصين وروسيا والولايات المتحدة، ويتوقع أن يعد مع نظيره البرازيلي رسالة مشتركة إلى أعضاء مجلس الأمن، ان الاتفاق كان اكبر «إنجاز» في العلاقات الإيرانية مع العالم الغربي منذ ثلاثين عاماً، مضيفاً ان «الرئيس الأميركي باراك اوباما مهد الطريق لهذا المسار عندما قال منذ اليوم الأول في ولايته بأنه سيمضي في اعتماد السبل الدبلوماسية على أساس التسوية».
في موازاة ذلك، اعلن مستشار الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، ماركو اوريليو غارسيا، ان بلاده تأمل بالانضمام مع تركيا الى المفاوضات التي تقوم بها مجموعة الدول الكبرى الست التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن إضافة الى المانيا في شأن الملف النووي الايراني. وأوضح «اعتقد انه سيكون أمرا طبيعيا ان نشارك على الأقل في قسم كبير من المفاوضات».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد