إعلانات كثيفة تحيط بنا ومصداقيتها في علم الغيب
أنى مشيت لست بمنجى من الإعلانات إن نظرت أمامك أو خلفك فوقك أو تحتك يمينك أم شمالك أصغيت أو صمتت لست بمنجى منها، حيث يغرقنا سيل عرمرم من الإعلانات الغريبة التي ينصب جوهرها لمصلحتنا وحياتنا وغذائنا وسواها من حاجياتنا اليومية التي نستغرب أيما استغراب أن تنفق الشركات عشرات بل مئات الملايين من الأموال فقط لتثبت لنا حرصها على مصالحنا ورغبتها بخدمتنا بأقل ربح ممكن وأعلى جودة ممكنة.
حياتي إعلان
كيفما اتفق تجد بعض الشركات قد حشرت إعلانها في ذهنك حشراً لدرجة باتت معها حياتنا إعلاناً متواصلاً ولمزيد من الدقة يمكن لمن يريد التيقن أن يتابع فالشوارع تعج بالإعلانات الهائلة الطرقية وكذا حال طرقات السفر على يمين الطريق وفي المنصف كما أن أعمدة الإنارة تعج بالإعلانات والمنصف بين رصيفين أو شارعين يعلن لك عن بعض الحاجيات وفي حال تشتت ذهنك بالصور لن تكون فائزا حينذاك لأن التلفزيون الطرقي ذا الصور المتبدلة وسيلة أخرى ابتدعتها عقلية المروجين والمصممين لجذب انتباهنا على مدار اليوم، وإن فتحت الراديو تجد الإعلانات تتخلل كل شيء باستثناء الإعلانات أما التلفاز فحدث ولا حرج لأن المشاهد يتابع مسلسلاً من الإعلانات بالتوازي مع المسلسل الذي يتابعه، وحتى أن ركبت الميكروباص (السيرفيس) أو سيارة الأجرة فإن اللصاقات الموجودة لإغلاق الباب أو منع التدخين كلها تحمل تحيات الشركة الفلانية المنتجة لكذا والشركة العلانية المنتجة لكذا.
أمام هذا الواقع لا يكون أمام المواطن إلا الانطواء على نفسه وخسارة عقله أو ربما واتته الشجاعة فأقدم على الانتحار وإن جازف وانتحر فسوف يموت تحت عجلات باص تحمل جدرانه الخارجية العديد من الإعلانات لجميع المنتجات.
أين الحقيقة؟
ما يمكن لنا السؤال عنه حقيقة هو: إن كانت الشركات تتكلف عشرات أو مئات الملايين للترويج لسلعة معينة تقدمها لنا بأرخص سعر وأفضل جودة فأين ربحها ما دام الربح ينفق كله أو بعضه على الإعلانات والترويج، بل أين يكمن ربح الشركة أساساً؟ كما يحق لنا السؤال أيضاً عن مدى المصداقية في الإعلانات المنهالة على رؤوسنا؟ فعندما يقول الإعلان أن هذه الكنافة مصنوعة من السمن الطبيعي فهل يعني ذلك المصداقية تماماً حتى نشتري الكيلو منها بـ300 ليرة سورية مثلا؟
ومن الجهة التي تحدد لنا مقدار الصدقية والنزاهة في الإعلان الموجه لنا، وما آليات الرقابة على منتجاتها أو حتى آلية الرقابة على الإعلان لجهة تضمينه معلومات قد تكون مغلوطة حين يقدم لنا؟
مجرد منفذ
رئيس قسم التصميم والرؤية البصرية في إحدى الشركات الإعلانية البارزة فضل عدم ذكر اسمه في حديثه حيث قال عن جملة هذه الأسئلة: إننا نقوم بتصميم الإعلان بناء على رغبة الزبون بالإطار العام فعندما يأتينا الزبون يطلب إلينا أن يتضمن إعلانه التأكيد على رخص السعر والجودة وعدم وجود المنافسة أي فرادة المنتج وهي مسألة لسنا من يسأل عنها بل من يسأل عنها هي الجهة التي سمحت له بالترويج في إطار سماحها له بالإنتاج. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن تصميمنا لإعلانه يقتصر على الموافقة الممنوحة له بإنتاج هذه السلعة أي إننا لا نقدم إعلاناً لسلعة لا نتأكد أنها موجودة، أما سعر المبيع ومدى منافسته ومدى الجودة المقدمة للمواطن فكلها شؤون لا تدخل في نطاق عملنا، لأن التحقق من ذلك يكون من خلال جهات أعتقد أنها حماية المستهلك والتموين أو ما شابه، وعند الشك بأي خلل يكون موقفنا حازماً ونوقف الصفقة برمتها.
أما عن التصميم الجاهز الذي تقدمه الشركات فيقول المصدر: بالنسبة للإعلانات الجاهزة فهي حق للزبون فإن احضر لنا إعلاناً ما عن منتج ما مصحوبا بالموافقة اللازمة إن احتاج لموافقة ننشره له ونروج له ما دام الإعلان يحافظ على الخطوط العامة لجهة عدم تضمنه ما يخدش الحياء أو ما يسيء للدين أو للنظام العام الوطني وما عدا ذلك فهو مقبول ونعلنه فورا.
إعلانات خلبية
عمار جديد رب أسرة ثلاثية يكونها مع زوجته وابنته رند يقول: كثير من الإعلانات تحيط بنا واغلب الحال أن المواطن ما عاد يشتري السلعة لأنه اقتنع بل لأن الحملة الإعلانية تكون مصاحبة لإغراق السوق بالسلعة فيكون الشراء والحال كذلك من باب التجربة وليس من باب القناعة التي تأتي لاحقاً بعد تعدد الاستعمال والتيقن من صحة ما أعلن عنه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكثير من الإعلانات يكون خلبياً وغير حقيقي وإنما يهدف للربح فقط بمعنى أن بعض الشركات تنتج العلكة فيكون إنتاجها لهذا الصنف مرتبطا بموسم معين وريثما يتبين الزيون الخيط الأبيض من الأسود يكون المنتج قد تغير والحملة الإعلانية الخاصة بخلفه قد بدأت والربح بدأ ينهال.
تأثير إعلاني معدوم
سامر عربي كاتبي (أبو عمر) صاحب بقالية في المزة شيخ سعد يقول: بحكم عملنا وما نعرضه من سلع أقول إن الأغلبية العظمى من الإعلانات خلبية ولا تؤثر في الزبون أي تأثير وحتى يقال الحق أؤكد بأن بعض الماركات وهي قلة حافظت على اسمها وباتت مطلوبة بشدة من المواطن ليس بتأثير الإعلانات بل بتأثير أدائها وفعاليتها لدى استعمالها وهي ناحية يمكن لنا كباعة تمييزها بطريقة قد لا يعرفها المواطن العادي فالشركات الجديدة التي نشبه أعمالها بالفلاش تضع بضائعها برسم الأمانة لدينا حتى تثبت نفسها في السوق أو حتى تباع بشكل سريع إن كانت من البضائع الخفيفة أما الشركات التي تنفق المبالغ الطائلة على إعلاناتها فإنها تنزل البضائع ولا يتحرك الموزع متراً واحداً دون أن ندفع له ثمن كامل البضاعة لأنه يعرف ومن ورائه قسم الترويج في شركته أن هذه البضاعة رائجة ومباعة وبزمن قياسي بعكس ما هو الحال لدى باقي الشركات الخفيفة التي تضع بضائعها برسم الأمانة.
يأخذ حقه بيده
أبو فهد (بائع في سوبر ماركت) رب أسرة مكونة من تسعة أفراد يقول: لا أكلف نفسي عناء التفكير في مدى مصداقية الإعلان من عدمه ولعل ذلك يعود إلى هواية قديمة لدي بتجربة كل جديد فما أن أسمع عن منتج جديد ويتفق أن أحتاج شبيهه في البيت حتى أشتري من هذا الجديد ومن يدري فلعل مصلحتي وراحتي تكون فيه فإن كان كذلك أكون قد قدمت لنفسي خدمة وإن كان غير ذلك عدت إلى سابق عهدي مع ما اعتدت عليه من منتجات تعاملت معها سابقا والخاسر الوحيد في هذه الحالة هو الشركة التي غشتنا ودلست علينا لأنني سأكون في هذه الحال خير مشهر بها وأفضل ناطق ضدها لفضح سوء منتجها بين المعارف والأهل ليعلم بذلك القاصي قبل الداني.
مازن خير بك
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد