النفط يسخن فكرة تحرير أسعار الكهرباء
لاتنفي مصادر وزارة الكهرباء الاتجاه لتحرير اسعار الكهرباء نفياً قاطعاً، وهي ترد على الاسئلة في هذا الشأن بأنها لن تقدم على تعرفة جديدة إلا كوسيلة لادارة الطلب وترشيد الاستهلاك وتنطلق في دراساتها من أنه ليس من العدل أن يتحمل المواطنون أعباء التكاليف الاضافية الناتجة عن الفاقد في حال تحرير الاسعار.
ومما لا شك فيه أن الانعكاس الأكبر لارتفاع سعر برميل النفط سيكون على عجز الكهرباء على اساس برنامج تقنين في المستوردات واستهلاك المحروقات الى الحدود المعتمدة حالياً، والخوف هو أن يصل سعر برميل النفط الى حدود الـ 100 دولار للبرميل، وهنا المعضلة التي لن تجد طريقها للحل من دون احتساب تداعيات تكلفة النفط على موضوع الدعم.
بينما تحتاج قضية الكهرباء الى جدية أكبر في المعالجة ويطرح أمام القائمين عن الشؤون الكهربائية هذا الصيف أحد خيارين إما تحديد ساعات التقنين اليومية لتتمكن محطات التوليد من برمجة انتاجها وفقاً للمخزون النفطي لديها واما أن يقدموا على تعديل في سعر التعرفة لتتلاءم مع اسعار النفط العالمية المتجهة الى مزيد من الارتفاعات علماً أن التعرفة كانت قد عدلت قبل نحو عامين.
اذاً اعادة النظر بدعم اسعار الطاقة الكهربائية أصبح مطروحاً الآن وقيد الدراسة ولو بشكل صامت لجهة عقلنة الاستهلاك والحد من الهدر والتخفيف من العجز اذ يتحدث الواقع بانتظام عن تزايد الطلب على الطاقة الكهربائية خصوصاً خلال السنوات الثلاث الماضية بنسبة 150 في المئة ليصل الى 38.8 مليار كيلو وات ساعي، بينما زاد الطلب على الاستطاعة الكهربائية بنسبة 163٪ لتصل الى 6739 ميغا وات ساعي عام 2008 والسؤال: هل يحسم تحرير أسعار الكهرباء أزمة هذا القطاع المثقل بالاجندة الصعبة؟
ثمة تحليلات اقتصادية تتفق على أن تحرير أسعار الكهرباء لن يحسم أزمة القطاع بل يمكن أن يساهم في ادارة الطلب على الطاقة خاصة أن هناك سباقاً بين الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية وبين تلبية الاحتياجات وهو ما يتطلب وضع رؤية شاملة لتطور الطلب وفق متطلبات التنمية الاقتصادية تتضمن زيادة فعالية استخدام الطاقة الكهربائية لكي يؤدي النمو في الاستهلاك الى نمو فعال في الناتج الاجمالي فضلاً عن التخطيط المتكامل لتطوير المنظومة الكهربائية بحيث يحقق زيادة الانتاج بما يتناسب مع متطلبات التنمية ورفع مردود هذا الانتاج مع تقلص استهلاكات الوقود لانتاج الكهرباء اضافة الى ترشيد الاستهلاك ورفع مستوى الوعي لدى كافة مستهلكي الطاقة الكهربائية من ادارات حكومية ومعامل وقطاع خاص.
تزيد نسبة الفاقد الاجمالي في سورية عن 26٪ وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى منها نسبة فاقد في شبكة النقل وتقدر بنحو 6٪ من اجمالي الطاقة المعدة للاستهلاك و20٪ من الطاقة المعدة للاستهلاك على التوتر 220 ك.ف ومادون .
في هذا الاطار تستبعد مصادر وزارة الكهرباء أن يكون وراء التحرير أي غاية ربحية بل اتجاهات للترشيد باستخدام الطاقة الى أعلى مردود ممكن علماً أن قطاع الكهرباء يستهلك نحو 45٪ من كامل حوامل الطاقة... وهذا رقم كبير يجب العمل على الاستفادة منها سواء لاستهلاك الآلات أو لتحقيق توازن في استيراد الفيول تلبية للطلب المتزايد وصوب زيادة الدخل القومي ودخل الفرد فأي توفير في هذا الاتجاه ينعكس على خزينة الدولة.
باختصار، تكمن مشكلة الاقتصاد السوري في حقيقة أن نمو أو زيادة استهلاك الطاقة السنوي أكبر من نمو الناتج المحلي الذي يعبر عن ذلك بالمرونة الداخلية للطلب على الطاقة والتي تعادل نسبة نمو استهلاك الطاقة على نمو الناتج المحلي الاجمالي.
للوهلة الأولى يبدو الوضع طبيعياً من حيث أن النمو الاقتصادي يتطلب استهلاكاً كبيراً من الطاقة وخصوصاً الطاقة الكهربائية إلا أن هيكلية استهلاك الطاقة في سورية تدل على أن القطاع المنزلي يستهلك أكثر من نصف الطاقة الكهربائية المعدة للاستهلاك.
أمل السبط
المصدر: الثورة
التعليقات
السلوك الاقتصادي
إضافة تعليق جديد