عذريَّة الفتاة العربيَّة في الغرب بين فكي كماشة
عندما يكون الحديث عن عذرية الفتاة العربية وأنت شرقيًّا، فالحديث لن يكون بالسهولة التي يتخيلها البعض ولا بالصراحة المتوقعة، خصوصاً وأن العقليَّة العربيَّة لازالت ترى أن شرف الفتاة العربيَّة يكمن في عذريتها، وأن العذريَّة هي صك العفَّة والطَّهارة لها، والشهادة المقدمة من الفتاة لزوجها وأهلها على طهارتها، وعدم انجرافها في الحضارة الغربيَّة.
وتكمن هذه النظرة لدى الجيل الأول من المهاجرين العرب إلى أميركا والذي يرى أن عذريَّة الفتاة العربيَّة تحمل معايير دينيَّة وأخلاقيَّة واجتماعيَّة لا يمكن التغاضي عنها بل ولازالت ركيزة في حياة الأسرة العربيَّة وتدخل في عرف شرف العائلة. أما لدى الجيل الثاني والثالث والمتمثل في أبناء المهاجرين من الرعيل الأول تكاد تكون أقل تأثيراً.
وتعد عذريَّة الفتاة العربيَّة في الغرب هاجسًا للبنت والأهل معًا، فهذه الفتاة تنشأ في مجتمع منفتح، فيه كل شيء مباح طالما أنه ليس ضد القانون، مجتمع لا يعترف بسلطة الأهل على الفتاة وفيه المغريات كثيرة، ولكن الفتاة مطالبة دائما في الوقت نفسه بالمحافظة على نفسها فعذريتها هي عنوان كرامتها.
يقول حامد راضي – أميركي من أصل فلسطيني من الرعيل الأول من المهاجرين: "لابد وأن تحافظ الفتاة العربيَّة على عذريتها التي هي شرفها، ولاتفرط في نفسها لأي سبب كان، فكونها ولدت وتربت هنا، لا يعني أن تكون كالفتاة الغربيَّة. فعذريتها هي عنوان عفَّتها وتاج رأسها التي بفقدانها تكون قد فقدت احترام الناس لها، ولا تستحق أن ينظر لها، ولا أقبل لإبني الإرتباط بفتاه كهذه، أما إن كانت فقدتها لسبب أخر كحادث فهذه مسألة أخرى وعلى المجتمع أن ينظر لها بعين الرحمة".
وعلى الرغم من جرأة الموضوع المثار والتي قد تستفز البعض، وموجة الإنتقاد التي قد تثار حوله كونه يتناول قضيَّة حسَّاسة جدًّا، من القضايا المسكوت عنها والتي تحدث خلف الأبواب الموصدة، إلا أنه من الأهميَّة مناقشته والوقوف حول معرفة الأسباب التي تجعل الزمن يمر والحياة تتغير وتلك النظرة للفتاة لم تتغير، بل تقدم الطب كي يواكبها عن طريق عمليات الرتق "رتق غشاء البكارة" لإصلاح ما فقد نتيجة علاقة خارج نطاق الزواج، لمنع الحرج ودرء الفضيحة عن الفتاة وأهلها.
هذا وقد أقر بعض علماء الدين مؤخرا بجواز عمليات الرتق للفتاة وبأنه لا وجود لمانع شرعي لها، وأن تجري في الخفاء وبدون علم الخطيب وذلك من باب الستر والتسامح على الفتاة وأهلها الذي أمر به ديننا الإسلامي وجميع الأديان السماويَّة على أن تتوب الفتاة عن فعلتها.
ومن وجهة نظر محمد حسن – عربي أميركي من أصل مصري حاصل على دكتوراه في العلوم السياسيَّة ويعمل مدرسًا في جامعة بنسلفانيا يقول: " تعطي هذه العمليَّات انطباعًا بأن المجتمع العربي أينما وجد يحمل معه حالة من السكيزوفيرينيا الأخلاقيَّة المتأصلة في دمه في هذه القضيَّة، كونه يربط ما بين أخلاقيَّات الفتاة وعذريتها، فهولا يقر بشرف للفتاة إلا بوجود ذلك الغشاء الرقيق الذي يعتبر دليلاً على طهارتها، ولا يقبل الرجل بالزواج إلا من العذراء في حين أنه عندما يلتقي بفتاة أجنبيَّة غير عربيَّة يقبل بأن يتزوجها، ولا يسأل عن ماضيها أو كيف فقدت عذريتها، بل وأكثر من ذلك فهو يعرف تماما أنها سبق لها وأقامت علاقات مع غيره.
كما ويكيل بمكيالين أيضًا ففي الوقت الذي يتسامح به مع الولد على فعلته، تجرم الفتاة على فعلتها، وفي أحيان كثيرة تعنف، ولكن الكثيرمن الأهل يفضلون الحلول البديلة والمقدمة في عمليات الرتق على القتل وذلك درأ للفضيحة".
أما أمين مسعود – أميركي من أصل مصري وهوصاحب محطة جازولين في ولاية تكساس ومن جيل الأباء جاء مهاجرًا قبل أكثر من 30 عامًا أعتبر أن الموضوع جريئًا، ولكنه أكَّد أنه يجب على الفتاة العربيَّة ألا تكون ساذجة وألا تكون فريسة سهلة، وأن تعي أنها يجب أن تحافظ على نفسها، فكونها ولدت وعاشت هنا لا يعطيها الحق بأن تعيش حياتها كما تريد بدون أن تحسب حساباً للناس، مقرًا في الوقت نفسه أن المجتمع العربي غير عادل بل وظالم ولديه معايير مزدوجة في الحكم في هذا الموضوع، ففي الوقت الذي يتسامح فيه مع الشاب على فعلته، يعاقب الفتاه أشدَّ عقاب على فعلتها.
وفي استطلاع ميداني أجرته "إيلاف" مع فئة الشباب تبيَّن أن البعض من الذين هاجروا إلى أميركا واندمجوا في الحضارة الغربيَّة، أو الجيل الثاني من الشباب الذي ولد وتربى وكبر في أميركا وعاش حياته بالحريَّة التي كفلها له الدستور، أصبح فكره أكثر تحررًا عن ذي قبل وخرج بمفهوم أن العذريَّة ليست بالمقياس الحقيقي الذي تقاس به درجة أخلاق الفتاة وأنه لا علاقة بين الشرف والعذريَّة، ذلك الغشاء الرقيق الذي وهبه الله للفتاة لكي يقي جسدها من الأمراض والتلوث، وأنه من الظلم أن ترهن حياة فتاة على حد سكين العذريَّة.
يقول وائل - أميركي من أصل لبناني والذي يعيش في ولاية نيوجيرسي – طالب في جامعة نيوجرسي: "لا أمانع أبدًا في الإرتباط بفتاة سبق وأن كان لها علاقة مع شخص أخر حتى لوكانت عربيَّة، ولا يهمني أن أعرف كيف فقدت عذريتها، فأنا ليس من حقي أن أسألها عما سبق في حياتها الخاصَّة طالما أنه كانت لي حياتي الخاصَّة، لكن ما أن نتزوج لابد وأن تكون مخلصة لي، وهذا ما يهمني، ثم يكمل "بالطبع لن اخبر أهلي فهم لن يتفهموا أبدًا".
أما عمر أميركي من أصل سوري ويعمل في محطة بنزين فيقول: "بصراحة لا مانع عندي من الإرتباط بفتاة عربيَّة فقدت عذريتها، لماذا النظر إلى هذا الجزء من الموضوع فربما هذه الفتاه تكون أفضل ألف مرة من فتاة عذراء تم اختيارها عن طريق الأهل، ثم يضيف قائلاً ولكن بعد معرفة الأسباب والأخذ بها، الافضل أن لا يتم إخبار الأهل لأنها ستمثل فضيحة".
سمير - أميركي من أصل لبناني من ولاية نيوجرسي - طالب في الجامعة يقول: "أحب فتاه إيطاليَّة وأقيم معها علاقة جنسيَّة وأؤكد لك أنني لن أتزوج غيرها ولا تهمني مسألة العذريَّة فالمهم هوالحب الذي بيننا، والأهم الإخلاص بعد الزواج".
أما محمد الجوهري – أميركي من أصل لبناني جاء مهاجرًا وهوصغير وقد نشأ وترعرع في أميركا وهو مقبل على الزواج يقول: "أنا ضد عمليَّات الرتق التي تحدث الآن في عالمنا العربي ولا أقبل بها أيا كانت الأسباب، الأفضل للفتاة مصارحة الرجل الذي سترتبط به بما حدث معها". ويضيف: "ليس لدي مانع من الإرتباط بفتاة فقدت عذريتها ما دمت أعرف الأسباب، على أن يبقى الأمر سرًّا بيننا وعفى الله عما مضى".
وعلى الجانب الآخر الكثير من الشباب العربي وعلى الرغم من اندماجه في الحضارة الغربيَّة وانفتاحه على ثقافات مجتمعيَّة أخرى قد تمنحه رؤى أخرى تساعد في زرع التسامح لديه للفتيات اللواتي فقدن عذريتهن، إلا أنه ما أن يتأهب للزواج تبقى هذه المسألة مفصليَّة لإتمام الزواج ويجعلها شرطًا لنجاحه .
عمر شاب عربي هاجر حديثا إلى أميركا وهو أصل لبناني يعيش في ولاية أوكلاهوما يقول: "أنا لست مع قتل الفتاة أو دفنها أو ما شابه ذلك مما يحدث في عالمنا العربي، وأنا مع عمليَّات الرتق كي لا تفضح الفتاة وأهلها فهذا أفضل ألف مرة لها، فالرجل الشرقي لا ينسى وحتى لو صفح"، ولكن يعود ليقول:"عندما سأتزوج بالطبع يجب أن تكون عذراء. ستكون أمي من يختار لي".
وفي النهاية لا يسعنا أن نقول إلا أن الشرف والطَّهارة لا تكمن في العذريَّة ولكن في الأخلاق والفضيلة التي تدرس للفتاة والشاب، وأننا من خلال تلك النقطة حاولنا جاهدين فتح حوار علني مع الشباب للوقوف حول الصورة لنبض الشارع العربي الأميركي حول تلك القضية الحسَّاسة. ويبقى السؤال لماذا يتجاهل الشاب العربي قضيَّة العذرية فيما لو قرر الإرتباط بفتاة أجنبيَّة ويتمسك بها عندما يقرر الإرتباط بفتاة عربيَّة؟
نسرين حلس
المصدر: إيلاف
إضافة تعليق جديد