تساؤلات حول "إسلامية" أعمال البنوك الإسلامية
مع تضرر قطاع البنوك بشدة خلال الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي العام الماضي، يرى كثيرون أن المصارف الإسلامية كانت الأقل تضررا، وأن قطاع الصيرفة الإسلامية بشكل عام، كان أفضل أداء، ما جعل الكثير من الناس يتجه للتعامل فيه.
ويبرز الشعار الأكثر وضوحا للبنوك الإسلامية، وهو تقديم خدمات مالية وأدوات استثمارية وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، غير أن سلسلة أحداث وقعت في بعض المؤسسات، دفعت إلى السطح بتساؤلات حول "إسلامية،" هذه البنوك والمنتجات، ومدى صحة ذلك الشعار.
وربما تعد الصكوك، والتعاملات اليومية، والأدوات الاستثمارية عالية المخاطر، أهم ما يثير الجدل في قطاع المنتجات الإسلامية، إذ يرى خبراء أنها لا تمت للإسلام بصلة وأنها ليست سوى أدوات ربوية مغلفة بقشرة إسلامية.
ويقول محللون إن كثيرا من البنوك الإسلامية لا يلتزم بمسائل الفقه التي تؤدي في مجملها إلى تحريم أو تحليل بعض المنتجات المصرفية الإسلامية، مثل التورق أو المرابحة في سلع دولية تدخل ضمن النظام المالي التقليدي (الربوي).
ويرى مازن أبو صعب، وهو محلل مالي في شركة "كابتلز،" أن هناك الكثير من الأخطاء في معاملات البنوك الإسلامية، التي هي بنفسها تخالف قرارات المجامع الفقهية الإسلامية، والتي يفترض أنها بالضرورة تنظم عمل المؤسسات المالية الإسلامية.
ويقول أبو صعب: "على سبيل المثال، بعض البنوك الإسلامية لا تمارس البيع بشكل واقعي، بل صوري، وتتعامل في الأسواق الدولية على ذلك الأساس، وهو أمر حرمته مجامع فقهية كثيرة، لكن البنوك ما تزال تمارسه."
وأضاف: "البنوك الإسلامية أيضا تعمل في المرابحة بالسلع الدولية، وهو أمر لم تجيزه مجامع الفقه، ذلك أن كثيرا من الفتاوى قالت بعدم جواز إنفاق أموال المسلمين في تنمية المجتمعات الإسلامية، وهو أمر لا يحدث عند الاستثمار في بعض أسواق الدول الغربية."
وكان الخبير المصرفي الإسلامي، الشيخ حسين حامد حسان، الذي يرأس ويشارك باللجان الشرعية لمجموعة كبيرة من المصارف حول العالم، أقر بوجود "أخطاء" في بعض أوجه تطبيق الاقتصاد الإسلامي، غير أنه وصفها بـ"غير المقصودة"، والناجمة عن عدم وجود تخصصات إسلامية كافية في الجامعات.
وأضاف حسان : "إذا نظرنا بعين الواقع فإن النظام المصرفي التقليدي منذ أن نشأ لديه منتج واحد، وهو القرض بفائدة، مهما تعددت صوره بين تسهيلات ائتمانية أو سحب على المكشوف أو سند."
وتابع: "أما البنوك الإسلامية فلديها عدد غير محدود من المنتجات ليس فيها قرض بفائدة، ومنها التمويل عبر المضاربة والمشاركة والوكالة باستثمار، أو الاتجار بالودائع عبر الاستصناع والبيع والشراء والمرابحة والسلم."
وحول تعدد الفتاوى في النظام المالي الإسلامي، وظهور معاملات في دول لا تقرها الهيئات الشرعية في دول أخرى، وخاصة ما يتعلق ببيع بعض الديون أو التورق، قال حسان، إن البنوك الإسلامية "نظام جديد وبحاجة لابتكار الصيغ والمنتجات،" ولم يجد مانعاً في تعدد الفتاوى، شرط وجود ما يسندها في النصوص ومراعاة المعايير الشرعية.
ورغم الجدل حول عمل البنوك الإسلامية، إلا أن غالبية المتعاملين في الدول العربية الإسلامية يفضلون الصيرفة الإسلامية، من باب الابتعاد عن "المحرمات،" في التعاملات المالية، وفقا لما يؤكده عدد من الخبراء.
ويقول عبدالكريم سنينة، أستاذ الاقتصاد والعلوم المالية، إن "من يفضل البنوك الإسلامية يفعل ذلك من أجل أن يتقي شبهة الربا وغيرها من المحرمات في التعاملات المالية.. وأغلبهم غير مطلع على طبيعة الصيرفة الإسلامية، لكن الفتاوى تلعب دورا في قيادة الرأي العام الإسلامي."
وأضاف: "ليس من المطلوب من كل متعامل مع البنوك الإسلامية أن يكون خبيرا بالصيرفة والفتاوى المنظمة لها، كل ما يلزمه هو فتوى من أحد العلماء، الذين عادة ما يكونون أعضاء في الهيئة الشرعية للبنك، لتقول له إن هذا حلال وهذا حرام."
وتابع سنينة: "هناك أمثال شعبية في العديد من الدول العربية الإسلامية تحث الناس على أن يحملوا المسؤولية لرجال الدين في أي قضية شائكة، كل ما يلزم لإقناع الناس هو فتوى واحدة، حتى لو كانت هناك فتاوى مخالفة كثيرة."
يشار إلى أن عدد المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية يبلغ نحو 394 مؤسسة حول العالم، بينما يتوقع المجلس الأعلى للبنوك المالية الإسلامية أن يقفز حجم القطاع بحلول عام 2013 إلى تريليوني دولار.
يوسف رفايعة
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد