امرأة تقاسم أبناؤها ميراثها بالقوة ومن ثم قرَّروا إنهاء حياتها
جاء الزمن على السيدة رفقة، لتشهد قرار وفاتها على يد أحبائها وأغلى من في الدنيا، ألا وهم فلذة كبدها، أبناؤها الأعزاء الذين نموا على حساب تراجعها، و "صاروا وتصوروا" على حساب كبوتها، فهي الشمعة التي أطفأت بصيص نارها لتضيء شمعة حياة فلذة كبدها.
فماذا استحقت رفقة؟.. الموت خنقاً، وسط ضجيج القصص الكاذبة المختلقة المضللة، المراد منها التستر على جريمة قتلها. ولكن بعد كل يوم غائم لابدَّ وأن تسطع شمس الحقيقة التي لن تموت، طال الزمن أم قصر.
كانت رفقة قد ناهزت السبعين ونيف من عمرها، على أنها من عائلة مشهود لها بالعمر المديد حتى 120 عاماً. فقد فارقت والدتها الحياة عن عمر يناهز 116 عاماً، وأختها سبقتها إلى دار الآخرة عن عمر يناهز 125 عاماً. إضافة إلى ذلك كانت قوية البنية، تمارس أعمالها بيدها، ولم تركن إلى الفراش إلا في العشرين يوماً الأخيرة من حياتها.
جاء الزمان وحطّ رحاله عند ضفاف حياتها؛ فقد أصابت رفقة حالة قصور رئوي ونقص تروية في الأوكسجين، فلم يعد الدماغ يأخذ حقَّه من الأوكسجين؛ ما جعل رفقة عرضة للدخول في غيبوبة إذا ما سُمح لها بالنوم أكثر من خمس دقائق. وكثيراً ما تمَّ نقلها إلى المستشفى وهي في حالة غيبوبة وسبات تام.
ما يهمّنا.. كيف سارت الأحداث، ومن أعلن وفاتها ورفع الأوكسجين عنها، وما هي القصص التي رُويت عن أسباب وفاتها؟!.. لتعود رفقة وتفتح عينيها بعد ست ساعات من وضعها في البراد وحرمانها من مسببات بقائها على قيد الحياة (الأوكسجين).
- عانت رفقة من نقص تروية شديد؛ إذ كان الأوكسجين يغذي دماغها بشكل جيد في آخر شهرين من حياتها. وقبل وفاتها بعشرين يوماً، كانت في مستشفى الكمال وقد وضعوها على المنفسة، ومن ثم أوصى الطبيب أبناءها بعدم السماح لها بالنوم أكثر من خمس دقائق وإلا دخلت في غيبوبة طويلة. ومن جهة أخرى، وقبل خروجها من ذات المستشفى، أوصى الطبيب أيضاً بتأمين جهاز تنفس لها في المنزل، لكنَّ أبناءها الكرام قاموا بتأمين أنبوبة أوكسجين عادية وهي لا تخدم الحالة، ليعود الطبيب ويطالب من جديد بتأمين منفسة خاصة لا أنبوبة أوكسجين، ليتمَّ تأمين المنفسة من خلال جمعية خيرية. ورغم التحذير الشديد للطبيب وعلم ودراية ولدها الذي تقطن في منزله بخطورة السماح لوالدته بالنوم لأكثر من خمس دقائق، إلا أنه تجاهل التحذير وسمح بالمحظور، لتكون النتيجة الدخول في غيبوبة ومن ثم قيام ولدها بإعلان وفاتها على الملأ.
- في الساعة الرابعة والنصف، قرَّر الولد البار إعلان وفاة والدته رسمياً من تلقاء نفسه ودون الرجوع إلى طبيبها أو أيّ طبيب، ومن ثم تبليغ الجميع بهذا الحدث الجلل.. فأخذت صاعقة الخبر أبناءها المفجوعين، ولم يلفت انتباههم أنَّ علائم الموت غير موجودة على الحالة العامة لجسد والدتهم.
بعد ذلك تمَّ وضع رفقة في براد الموتى المتحرك، وقد أراد الله كشف جريمتهم قبل دفنها، فخصّهم ببراد لا يبرد لسوء طالعهم. وبقيت رفقة في البراد حتى الساعة العاشرة وخمس وعشرين دقيقة، ثم لتفتح عينيها بعدها وتبصق دماً؛ ما أصاب الجميع بالهلع، فهمَّ من كان في الجوار لاستدعاء الطبيب غير البعيد عن مكان الأجر.. وخلال خمس دقائق، وفي تمام الساعة العاشرة والنصف، وصل الطبيب، الذي تبيَّن له أنَّ رفقة مازالت على قيد الحياة؛ فجسدها حار وطري ونبضها نظامي وجبينها متعرق وعروق الدم الحمراء تغطي مساحة خديها، فهرع مسرعاً لإحضار أدواته الطبية لفحصها. وعندما عاد من جديد في تمام الساعة العاشرة وأربعين دقيقة كانت رفقة قد فارقت الحياة منذ سبع دقائق فقط.
ما حصل أنَّ ولدها نزع عنها الأوكسجين قبل يوم كامل من وفاتها، وسمح لها بالنوم لأكثر من خمس دقائق؛ الأمر الذي أدخلها في غيبوبة..
- يبدو أنَّ تكلفة علاج رفقة قد أرهقت جيوب أبنائها، لاسيما بعد أن سرقوا مالها وأنفقوه. فسابقاً كانت تملك حصة موروثة تبلغ قيمتها 600 ألف ليرة سورية، إضافة إلى منزل في العباسيين، وقد مارس عليها أبناؤها الضغط لفترة من الزمن. وعندما لم ينجح الأمر لثلاث سنوات متتالية، خرج ولد من أبنائها وبدأ يمارس عليها حالة الإرهاب من شتم وضرب وإهانة في كل لحظة، وعندما لم يجدِ ذلك نفعاً قطع ولدها شريان يده راغباً في قتل نفسه، فعزّت عليها حياة ولدها ومنحته وإخوته ورثتها، إضافة إلى راتبها التقاعدي البالغ 6000 ليرة شهرياً. ومع ذلك، وعلى ذمة الراوي، لم يعد بمقدور أولادها الصرف عليها فقرَّروا إرسالها إلى الحياة الأخرى.
- خلال الأيام الأخيرة، لم يعد بمقدور رفقة السير والجلوس وخدمة ذاتها، ففقدت قواها الجسدية. ومع ذلك، ورغم معرفة الجميع بذلك، تنطّح ولدها بالقول إنه نزع عنها الأوكسجين قبل يوم من وفاتها بحجة أنها قامت بزيارة بعض بيوت القرية.
والقصة الأخرى تقول إنها كانت في الحمام، ومن ثم سقطت وماتت. فإذا كانت عاجزة عن الحركة، فكيف ستستطيع الاستحمام بمفردها.. لتعود زوجة ولدها وتقول إنها كانت تسير في أرض الدار ومن ثم سقطت و»فرفرت» روحها..
تناقضت قصص الوفاة!.. والمثير للتساؤل قيام ولدها برفع الأوكسجين عنها، ومن ثم إعلانه، وبشكل فردي، وفاتها دون الرجوع إلى طبيب، واعتماد قراره في الإعلان عن وفاتها بشكل نظامي!.
رياض أحمد
المصدر: بلدنا
إضافة تعليق جديد