إعادة فرز أصوات بغداد تعقّد الأزمة
تصاعدت أزمة تأليف الحكومة العراقية، أمس، مع إعلان هيئة قضائية انتخابية أنها أمرت بإعادة فرز وعد أصوات 2،5 شخص في بغداد، ما يثير احتمال تغير النتائج النهائية في انتخابات تقدمت فيها «القائمة العراقية» بزعامة إياد علاوي بفارق طفيف على «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الحكومة نوري المالكي، فيما شكك زعيم «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» عمار الحكيم بإمكانية ترؤس علاوي أو المالكي للحكومة، معتبرا أنهما لا يتمتعان بالدعم الكافي داخليا وإقليميا ودوليا.
وفي تطور قد يعزز وضع المالكي، الذي يحاول ضمان إعادة انتخابه كرئيس للوزراء، أعلنت بغداد وقوات الاحتلال الأميركية مقتل «رئيس دولة العراق الإسلامية» التابعة لتنظيم القاعدة أبو عمر البغدادي والقائد العسكري فيها أبو أيوب المصري خلال عملية عراقية أميركية مشتركة.
وقررت هيئة قضائية تابعة لمفوضية الانتخابات العراقية إعادة فرز أصوات الناخبين في بغداد يدويا، على اثر طعون تقدم بها ائتلاف المالكي. ومن المرجح أن تعلق المفاوضات بين الكتل للتحالف حتى تستكمل إعادة فرز الأصوات ويعرف كل فصيل مدى قوته.
وقالت رئيسة الدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات حمدية الحسيني إن «الهيئة التمييزية قررت إعادة فرز أصوات الناخبين في محافظة بغداد»، مشيرة إلى أن الفرز اليدوي لأكثر من 2،5 مليون بطاقة انتخابية سيبدأ فورا لكنها لا تعرف متى سينتهي.
وكان ائتلاف المالكي تقدم بدعوى قضائية بحجة وجود تزوير وتلاعب بالنتائج في خمس محافظات، بينها بغداد. ويمثل بغداد في البرلمان، الذي يضم 325 مقعدا، 68 مقعدا، حصل «دولة القانون» على 26 منها، فيما حصلت «العراقية» على 24، و«الائتلاف الوطني العراقي» بزعامة الحكيم والتيار الصدري برئاسة السيد مقتدى الصدر على 17 مقعدا.
وقال المالكي، في مؤتمر صحافي، «أعتقد أن النتائج ستتغير بعد عمليات العد والفرز». وأضاف «يعد هذا القرار انتصارا للقضاء واستقلالية القانون وللحق الذي تدعيه القوائم التي قدمت الاعتراضات، وانتصارا للشعب العراقي الذي كان يطالب بالتحقق من أصواته». وتابع ان «الحوار بين «دولة القانون» و«الائتلاف الوطني» مستمر، ولم يصل إلى نتيجة». وأضاف أن «الحراك السياسي مستمر بين الجميع، لكن لغاية الآن الحراك عقيم ولم يخرج بنتيجة، ونحن ننتظر مصادقة المحكمة الاتحادية على أسماء الفائزين بالانتخابات».
وقال القيادي في «العراقية» حيدر الملا إن قرار الهيئة القضائية الاستئنافية يظهر أن حكومة المالكي تتمتع بنفوذ على القضاء. وأضاف «هذا القرار وما سيتمخض عنه من تداعيات سيضعان شرعية الانتخابات على المحك. وهذا يهدد العملية السياسية برمتها».
وفي أنقرة، أعلن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، انه يؤيد القرار. وقال الهاشمي، الذي التقى الرئيس التركي عبد الله غول ورئيس الحكومة رجب طيب اردوغان، «يتعين على الجميع الامتثال للقرار الذي اتخذ. المشكلة في الإشراف على عملية إعادة الفرز. ينبغي أن نضمن أن يتم تعيين مجموعة المراقبين من قبل هيئة محايدة، مثل الأمم المتحدة، على أن يقوم بعملية إعادة الفرز أشخاص مؤهلون جدا بأقرب ما يمكن. هذه هي الثغرة الوحيدة التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار».
وشكك الحكيم، في مقابلة مع «اسوشيتد برس»، في أن يتمكن المالكي أو علاوي من ترؤس الحكومة المقبلة، لأنهما لا يملكان الدعم الكافي، لكنه شدد على انه لن يرفض أن يترأس احدهما الحكومة إذا وافقت جميع الكتل على هذا الأمر.
وقال الحكيم، الذي التقى السفير المصري لدى بغداد شريف شاهين، «نحن نتحدث عن شخص يكون مقبولا على المستوى الوطني. هذه أهم نقطة، لان رئيس الحكومة لن يكون رئيسا عن حزبه فقط أو حركته السياسية، بل لجميع العراق. على هذا الأساس نجد انه من الصعب على المالكي أو علاوي الحصول على القبول المطلوب». وأضاف «هناك الكثير من الشخصيات الوطنية والسياسيين المعروفين، ولهذا فإن عملية الاختيار لا تزال مفتوحة». وتابع «أهم شيء هو البحث عن شخص معين يناسب هذا المنصب، وان يكون مقبولا وطنيا وإقليميا ودوليا».
والتقى القيادي في «العراقية» رافع العيساوي ثلاثة وفود من التيار الصدري و«جبهة التوافق» و«قائمة الرافدين» لبحث عملية تشكيل الحكومة. كما بحث رئيس الهيئة السياسية في التيار الصدري كرار الخفاجي مع رئيس «تيار الإصلاح الوطني» إبراهيم الجعفري عملية تشكيل الحكومة.
وأعلن المالكي، في مؤتمر صحافي، مقتل البغدادي والمصري، اللذين أعلن سابقا مرات عدة عن موتهما أو اعتقالهما. وقال «تمكنت خلية استخباراتية من تحقيق ضربة نوعية قصمت ظهر القاعدة». وأوضح أن «قوة عراقية أميركية وجهت ضربة صاروخية لمنزل كان فيه البغدادي والمصري في منطقة الثرثار» في محافظة صلاح الدين. وعرض صورا لجثتين أكد أنهما للبغدادي والمصري.
وقال ان العملية أدت «إلى اعتقال اغلب القيادات العسكرية (للقاعدة) وكانوا يخططون لعمل إجرامي كبير خلال اليومين الماضيين يقضي باستهداف عدد كبير من الكنائس لإعطاء رسائل سلبية للداخل والخارج». وأضاف «حصلنا خلال العملية على أجهزة الحاسوب وعلى كل المراسلات بينهم وبين إرهابيين في العالم، ومنهم (زعيم القاعدة) أسامة بن لادن و(الرجل الثاني في القاعدة) أيمن الظواهري».
وأكدت قوات الاحتلال الأميركي، في بيان، مقتل البغدادي والمصري في عملية عسكرية عراقية أميركية مشتركة فجر أمس الأول، على بعد عشرة كيلومترات جنوبي غربي مدينة تكريت.
وأوضح البيان أن «أبو حمزة المهاجر المعروف بأبي أيوب المصري القائد العسكري لتنظيم القاعدة، قد حل بدلا من أبي مصعب الزرقاوي الذي قتل في ضربة جوية في تموز العام 2006 والمسؤول المباشر عن التفجيرات الدامية التي تستهدف المدنيين في العراق». وأضاف إن «حميد داود محمد خليل الزاوي الملقب بأبي عمر البغدادي الذي يتزعم دولة العراق الإسلامية قُتل كذلك في الاشتباك».
واعتبر البيان «مقتل الإرهابيين ضربة كبيرة لتنظيم القاعدة في العراق»، موضحا أن «نجل البغدادي ومساعدا للبغدادي قُتلا خلال الاشتباك». وأضاف إن «الحكومة العراقية اعتقلت 16 شخصا من المشتبه فيهم بعد جمع الأدلة التي توفرت بعد العملية».
ونقل البيان عن قائد القوات الأميركية الجنرال راي اوديرنو قوله إن «موت هؤلاء الإرهابيين هو ضربة كبيرة للقاعدة في العراق منذ بداية التمرد». وأكد أن «جنديا أميركيا قتل في الاشتباك عندما تحطمت مروحيته». وكان أعلن، أمس الأول، مقتل جندي، وإصابة 3، بتحطم مروحية، لكنه لم يشر حينها إلى وجود اشتباكات. وأعلن وفاة جندي جنوب العراق لأسباب لا تتعلق بالعمليات العسكرية.
وفي واشنطن، قال نائب الرئيس الاميركي جو بايدن إن مقتلهما «ربما كان ضربة قاصمة للقاعدة في العراق»، معتبرا أن هذه العملية تؤكد «قوة وقدرات» القوات العراقية. وأضاف «قاد العراقيون هذه العملية، التي تمت بناء على معلومات جمعتها القوات العراقية بعد اعتقال عدد من قادة القاعدة الشهر الماضي». واعتبر المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس أن اعتقال أو قتل بن لادن لا يزال أولوية لدى واشنطن.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد