الكنيسة تواجه أسوأ أزمة بتاريخها
يواجه البابا بنديكت السادس عشر ما اعتبره البعض أسوأ أزمة بتاريخ الكنيسة الكاثوليكية بعد تسارع وتيرة الكشف عن مزيد من فضائح تحرش أساقفة كنيسته بالأطفال جنسيا، واعتبار البعض في أيرلندا الاعتذار الذي قدمه بهذا الشأن سبة وإهانة.
فقد وصف رئيس المركز الإيطالي لاكارامايا بوينا المتخصص في مناهضة التعذيب بحديث نقلته عنه صحيفة ذي أوبزيرفر البريطانية، الكنيسة، بأنها اليوم "مذعورة" مع الكشف عن عدد متزايد من ضحايا الاستغلال الجنسي في البلاد التي هي مهد أكبر تجمع لرجال الدين الكاثوليك.
وعبر روبرتو ميرابيلي عن اعتقاده بأن الفاتيكان ضاعف من جهوده في هذا البلد مقارنة بغيره من البلدان للتستر على ما اقترفه الأساقفة هناك من استغلال، خاصة وأن الكنيسة الإيطالية قريبة مكانيا وتتمتع بنفوذ كبير هناك.
ويرى المحامي الإيطالي سيرجيو كافالييري الذي أعد ملفات لـ130 قضية استغلال أطفال جنسيا من طرف رجال دين كاثوليك، أن حديقة الفاتيكان الخلفية ربما تشهد موجات من كشف فضائح الاستغلال الجنسي كما حدث بأيرلندا والولايات المتحدة وألمانيا.
بل يعتبر أن القضايا التي دونها ليست سوى "الشجرة التي تخفي الغابة, خاصة وأن كثيرا من الضحايا لا يزالون مترددين في الكشف عما حل بهم".
والمؤكد الآن هو أن المشكلة لم تعد أميركية ولا أيرلندية، بعد أن هزت فضيحة استغلال الأطفال القاصرين جنسيا أوروبا كلها الأسابيع القليلة الماضية.
ولهذا فإن صحيفة لوس أنجلوس تايمز نقلت عن مراقبين من خارج وداخل الكنيسة الكاثوليكية قولهم إن المشكلة أصبحت اليوم مشكلة الفاتيكان، بل غدت تزحف شيئا فشيئا باتجاه البابا نفسه.
وقد أكدت مجلة ناشيونال كاثوليك ريبورتر الصادرة بالولايات المتحدة أن "التركيز ينصب الآن على بنديكت" وطرحت بافتتاحيتها الأسئلة التالية "ما الذي كان يعرفه؟ ومتى اطلع عليه؟ وكيف تصرف بعد اطلاعه عليه؟".
وانتقدت بعض الجهات الطريقة التي انتهجها البابا حتى الآن في تعامله مع هذه الفضائح, إذ نسبت لوس أنجلوس تايمز للمتحدث باسم حركة "نحن الكنيسة" كريستيان ويسنر قوله "إذا كان البابا يريد أن يحل المشكلة عبر توجيه رسائل مكتوبة إلى كل بلد توجد به أزمة, فإن ذلك لن يجعل حدا لشيء".
والواضح حسب الصحيفة, أن البابا لم يُرض حتى الآن الكثير من الكاثوليك سواء بأوروبا أو أميركا من الذين يطالبون بمزيد من الشفافية والقرارات الصارمة ضد من يتهمونهم في الهرم الكنسي بتدليل الكهنة المتعسفين والتستر على المشكلة.
وتنقل لوس أنجلوس تايمز عن صحيفة ذي كاثوليك المستقلة وصفها لما تمر به الكنيسة اليوم بأنه "أكبر أزمة مؤسساتية تشهدها في قرون بل ربما خلال تاريخها كله".
وترى هذه الصحيفة المستقلة أن الكيفية التي سيتعامل بها بنديكت مع هذه القضية أي ما سيقوله بشأنها وما سيفعله وما سيقدمه من علاج هو الذي سيحدد –على الأرجح- "الصحة المستقبلية للكنيسة للعقود -وربما للقرون- القادمة".
ونددت سينيد أوكنور، وهي أخصائية موسيقى وأم لأربعة أطفال مقيمة بدبلن بأيرلندا في مقال لها بصحيفة واشنطن بوست الأميركية، باعتذار البابا للأيرلنديين واعتبرته سبة وإهانة.
وفي بداية مقالها استعرضت أوكنور مكانة الأساقفة في قلب العامة, قائلة إنها وهي طفلة كانت ترى الناس يفسحون الطريق أمام الأساقفة وكان اللاعبون في المنافسات الرياضية ينحنون لتقبيل خاتم الأسقف تيامنا, بل إن العبارة الشائعة "لا أحد يتمتع بالكمال" كان الناس يقولون بدلا منها "يمكن أن يحدث هذا الأمر حتى لأسقف".
وأضافت "لكن ها هو اليوم البابا يبعث برسالة اعتذار رعوية للتكفير عن عقود من الاعتداء الجنسي للكهنة على أطفال قاصرين كانوا يثقون بهم".
وأشارت الأم إلى أن هذا الاعتذار يعطي الانطباع بأن بنديكت لم يسمع عن الاستغلال الجنسي إلا مؤخرا، بل يبدو في هذا الاعتذار كما لو كان هو نفسه ضحية.
وذكرت بالرسالة التي كان بنديكت أرسلها إلى الأساقفة الكاثوليك عبر العالم عام 2001 وحذرهم فيها من البوح بأي شيء يتعلق بقضية الاستغلال, مهددا من يخالف أمره بالعزل من الكنيسة.
ولهذا فإن أوكنور اعتبرت اعتذار البابا اليوم مجرد إهانة وتحقير ليس لعقول الأيرلنديين فحسب وإنما لعقيدتهم وبلدهم, مطالبة الكنيسة بإصلاح نفسها والتعامل مع الأيرلنديين حسب ما يستحقونه من تقدير.
المصدر:الجزيرة نقلاً الصحافة الأميركية+الصحافة البريطانية
إضافة تعليق جديد