قـارئـة الفنـجـان وشراء الأمل للصبايا

17-01-2010

قـارئـة الفنـجـان وشراء الأمل للصبايا

سمعت عن فلانة تقرأ الفنجان، يتسارع إليها النسوة وقالت لفلانة كل شيء، وسمعت أنها كشفت لها أن ولدها سيسافر، الفنجان بمئة ليرة، ويمكن أن تبصري لغيرك فقط بأن تضمري له ذلك. 
 أم فلان العراقية معروفة بأنها تستطيع أن تحقق لك ما تريدين بـ(الكتايب)، هي مقيمة هنا لفترة فقط وستنتقل إلى الأردن بعد فترة لذا علينا الإسراع بأخذ موعد منها.
هذه نماذج من أحاديث النسوة والصبايا هذه الأيام وهي مدعومة بحكايا وخبريات تبدأ ولا تنتهي ولا بأس من إلقاء نظرة على بعضها:

أمل، صبية تجاوزت الثلاثين تقول: كنت يائسة بعد إخفاق علاقتي العاطفية، أمشي بجوار الحديقة، نادتني البصارة كي تقرأ طالعي، لكنني تمنعت بحجّة أنني عقلانية ولكن الدورة الثانية حول الحديقة وجدت نفسي مسرعة صوبها، بعد ذلك صرت أبحث عنها يومياً، وأصبح الذهاب للمشي حول الحديقة حجة لألتقيها، اشتريت منها الأمل.
ريمة طالبة معهد قالت: روت لنا إحدى طالبات المعهد عن عرافة موجودة في صافيتا، تعرف كل شيء حتى دون أن ترى الشخص، عن طريق النظر في الفنجان الذي أرسله ذلك الشخص بعد أن يشرب القهوة ويقلبه حتى تصفو كل القهوة ويجففه ثم يرسله إليها، فقامت كل واحدة منا بإحضار فنجان قهوتها الصباحية بعد أن اتبعت الخطوات المطلوبة من قبل العرافة وأرسلناه بعد كتابة اسم كل واحدة وألصقته على الفنجان، مع رسم التبصير 150 ليرة سورية لكل فنجان، وفعلاً بعد عدة أيام أحضرت صديقتي الفناجين وكل فنجان معه ورقة فيها خبريات وقصص وكنا كلما قرأت واحدة منا ورقتها كانت تقول وهي تضحك نعم حدث هذا، وهل سيحدث ذلك فعلاً، وآخرون كانوا أحياناً يبكون من خبرية ما مكتوبة على ورقتهم.
أم أحمد معلمة قالت: أنا لا أؤمن بهذه الأشياء، لكن في إحدى المرات كنت عائدة من مدرستي إلى البيت فلحق بي فتى وأخذ يعرض علي الكتب والأدعية فرددته قائلة عندي كل ذلك، اشتريته فيما سبق من رفاقك، فعاد يلحق بي ويعاود الطلب، فلم أجب لكن الذي لفت نظري أنه بدأ يتحدث بأشياء غريبة ويقول لي (أنت مرصودة من امرأة، وذكر أوصافها وأنها كبيرة في السن، ثم حدد أن ذلك حدث منذ ثلاثة سنوات بالتحديد، وأن منزلنا فيه «كتيبة» موضوعة في إحدى زوايا البيت، لكنني نهرته وأبعدته عن طريقي وأنني لا أؤمن بهذا، ولكن بعد وصولي إلى البيت فتشت بين معارفي عن تلك المرأة التي وصفها ورحت أبحث عن «الكتيبة» التي قال أنها موجودة في المنزل.
وأخرى كانت في دوامها ومنهمكة في العمل فدخل فتى وطلب أيضاً شراء بعض الكتب والأدعية، ثم أخذ يقول أشياء غريبة لكنها رفضت أن يكمل ثم قال: هناك عقد في حياتك ثم حاول إعطاءها خيطاً وطلب منها أن تعقده لكي يفك لها العقد وبذلك تنتهي مشكلاتها وتفرج عليها ويفتح نصيبها، وقال إنها ستتزوج عما قريب وها هو الكلام مضى عليه أكثر من سنتين، ولم يحدث شيء.
ليس جديداً على البشر فضولهم لمعرفة مستقبلهم أو ما سيجري معهم في القادمات من الأيام فهذا الموضوع شغلهم منذ فجر التاريخ، تعدّدت وتنوعت الأساليب من قراءة الكف، الودع، فنجان القهوة، ورق اللعب، الرمل، لكن الهدف واحد، وهو تجارة الأمل.
حياة بصارة مغربية تسكن طرطوس تفك المرصود والسحر الأسود والأبيض، حاولنا الاتصال بها عدة مرات لكن موبايلها كان مغلقاً ولم نستطع الحديث معها، وربما كان الوصول إليها يتطلب منا ما لم نعرفه ولم يقله لنا من أعطانا الرقم.
د. إبراهيم اسطمبولي رئيس العيادة النفسية لدى مديرية صحة طرطوس أجاب عن تساؤلات حول أسباب لجوء المواطنين للمشعوذين والبصّارين قائلاً: عندما يشعر الإنسان باليأس والإحباط وتكثر عليه الضغوط المادية والمعنوية العاطفية وفي ظل غياب النظرة العلمية للتعاطي مع مشكلاته وأمراضه وعلى مبدأ الغريق يتعلق بقشّة يلجأ للدجل والشعوذة لحل مشكلاته، وهذه الموروثات قديمة وهي نتاج قرون وقرون وتقوم على أسس أسطورية غير علمية، وهم لا يلجؤون إلى العيادات النفسية إلا بعد تجربة الشعوذة والدجل ولكن أعدادهم تزداد باطراد ونسبة الإناث لا تقل عن نسبة الذكور.

محمد حسين

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...