من أين يأتي الصياغ بالذهب إن كانت السماء لا تمطر ذهباً؟
سؤال طرحه أحد أعضاء جمعية الصاغة بدمشق فضل عدم الكشف عن اسمه:هل تصدق الحكومة أن الصياغ في سورية لم يستوردوا كيلو ذهب نظامي منذ عشرات السنين على الرغم من حركة السوق السورية بآلاف الزبائن المحليين والأجانب...؟
إذاً فمن أين يأتي الصياغ الذين هم تجار بالذهب الخام؟ ثمة من يجيب هناك احتمالان لا ثالث لهما، إما أن الجهات المعنية تدرك وتطنش وإما أنها تتوهم بأن تجار الذهب لذين لا يستوردون هم أيضاً لا يهربون وحينها ندعوهم إلى المشاركة في عناء البحث في الإجابة عن السؤال السابق من أين يحصل صياغنا على الذهب الخام اللهم إلا إذا كانت السماء تمطر ذهباً. تصريحات عديدة لرئيس جمعية الصاغة مفادها بأن منذ سنة 1972 لم يدخل غرام ذهب نظامي إلى سورية علما أن الذهب الخام المهرب يذوب بحرارة 750 درجة ليصبح سائلا ومن ثم يتحول إلى سبائك محلية لا يعرف منشؤها.
- تعتبر المشغولات الذهبية السورية الأكثر عراقة إذ يرجع تاريخها إلى 5000عام، لكن هذا القطاع - ووفقاً لتصريح صارجي لم يزل ضامراً بل سيزداد ضموراً ما دامت مطالب الجمعية الحرفية للصياغة وصناعة المجوهرات بقيت دون صدى وأهمها إلغاء رسوم الاستيراد على الذهب، إذ يكلف استيراد 1 كيلو من الذهب نحو 57 ألف ليرة عدا أجرة ترانزيستر ومصاريف أخرى غير معلنة لتصل التكلفة إلى 100 ألف ليرة عن كل كيلو ذهب عيار24 يتم استيراده بشكل نظامي وهنا في حال توافر مهرّب ابن حلال وعرض خدماته بإيصال المطلوب من دول الجوار وبشكل غير قانوني بمبلغ يصل أحياناً إلى 2000 ل. س فقط، للكيلو الواحد إضافة إلى السعر الحالي بأحسن الأحوال ما يسمح بدخول وخروج كميات كبيرة من الذهب المهرب- خاصة إلى لبنان- قد تبلغ طناً واحداً في اليوم وهذا يكبد خسارة للدولة تقدر بـ20 مليون دولار يومياً.
إضافة إلى مشكلة السماح لمصنع الذهب السوري بتصدير مشغولاته ما يؤدي إلى الاستفادة من عائدات وأجور تصنيع الذهب التي تصل إلى أرقام فلكية في بعض دول الجوار.
- الذهب والجمارك تربطهما علاقة من المطاردة ويختفي تحتها ما يختفي بدءاً من آلية تصنيعه وآلية إدخاله وإخراجه، فبين المسموح والممنوع هناك معالم ليست واضحة، فالصياغ لهم حقوق والجمارك عليها واجبات وكل ينظر من مصلحته. فرئيس جمعية الصاغة أكد أنه في بداية عام 2009 قامت ضابطة جمارك المكتب السري بمداهمة محلين في سوق الصاغة القديمة وصادرت نحو 3 كيلو من الليرات الذهبية من المحلين علما بأن هذين المحلين عندهما ترخيص بسك الليرات الذهبية بموافقة قرار وزارة الاقتصاد رقم 2366. وتم سجن الصائغين في الجمارك.
الجمارك بدورها أرسلت إلى جمعية الصاغة كتابين لإجراء الخبرة على الليرات الذهبية المصادرة فجاء رد الجمعية على الكتابين الصادرين عن الجمارك رقم 1 و2 /2009تاريخ 9/1/2009 (جوابا لكتابكم تاريخ 9/1/2009 المتضمن الكشف على كمية الليرات الذهبية والذهب المشغول من منشأ أجنبي وجميعها غير مدموغة من نقابة الصاغة والبالغ وزنها الإجمالي 2550 غراماً و365 غراماً وتقدير قيمتها تفيد الجمعية الحرفية للصياغة بدمشق أن الليرات الذهبية المضبوطة من قبلكم معدة للدمغة حسب الأصول المتعارف عليها وبموجب قرار وزارة الاقتصاد وحيث إن الحرفي مرخص له قلم دمغة يحمل اسمه حسب الأصول وحسب العادة يتم دمغها صباحاً في الجمعية الحرفية للصياغة لذلك نعتذر عن تقدير قيمتها لأنها غير مخالفة للقانون وليست مهربة وهي موجودة بين أيدي المواطنين في القطر السوري منذ مئات السنين حيث كانت متداولة قبل اعتماد الليرة السورية بديلا منها. ويضيف صارجي: تم سجن الصائغين لمدة أسبوع في الجمارك وفي اليوم السابع صالح أحد الصائغين على حين أحيل الصائغ الآخر للقضاء الذي أفرج عنه فوراً وأعاد إليه الليرات الذهبية لتكون الخسارة للصائغين على حد سواء فالصائغ الأول دفع المال ليصالح على ذهبه النظامي وتحمل السجن والصائغ الثاني تحمل السجن لأنه يعرف أنه غير مخالف وانتظر تحويله إلى القضاء لينصفه.
- يضيف صارجي: طالبت جمعية الصاغة وزارة المالية عدة مرات بضرورة إعفاء الذهب الخام من جميع الرسوم المالية والجمركية حتى لا يتم إدخاله بطريقة غير شرعية إلى البلد وقطع الطريق على المستفيدين من خارج القطر. ودعت إلى النظر إلى تجارب دول الجوار باستيراد الذهب وإدخال الذهب الخام بسعره العالمي، ففي تركيا كان إدخال الذهب ممنوعاً ولكن السماح بإدخاله أدى إلى أن تجني 63 ملياراً من أجور تصنيعه!!
- وأكد صارجي: نحن كصاغة مهمَلون جداً من قبل الحكومة فالمفترض أن يكون هناك تنسيق بين الجمعية الحرفية للصاغة من خلال اتحاد الحرفيين والاتحاد العام لتنسيق آلية بيع وشراء الذهب السوري، مشيراً إلى انتظار الرد من قبل وزارة الاقتصاد ووزارة المالية لإيجاد الحل بعدما تمت الموافقة على اقتراحات الجمعية بالسماح للحرفيين في الكتاب الصادر عن مجلس الوزراء رقم 8239/1 تاريخ 16/9/2009 ببيع المجوهرات الذهبية وغير الذهبية بالمعارض العربية والعالمية المتخصصة والسماح للحرفيين باستيراد المجوهرات الذهبية وغير الذهبية بغرض الاستهلاك المحلي والاتفاق مع وزارة المالية لتحديد الرسم الجمركي الملائم بما يكفل الحفاظ على الصناعة المحلية والعمالة في هذا القطاع.
- وأضاف صارجي: إن المبيع انخفض بنسبة 95% عن العام الماضي علماً أننا في موسم أعياد وكان يراجع الجمعية في مثل هذا الوقت بين «120-130» حرفياً أما الآن فهناك /8/حرفيين فقط يراجعون الجمعية بقصد الدمغة. وأوضح صارجي أنه وأمام قلة الطلب على الشراء من قبل المواطنين بسبب ضعف القدرة الشرائية وارتفاع التضخم انتشرت ظاهرة تكسير الذهب من قبل أصحاب المحال، ومن ثم صبه وبيعه بشكل خام بهدف الاستفادة من موجة الارتفاعات، في الوقت الذي فضل فيه آخرون إغلاق محالهم ما أدى إلى تراجع عدد الورش العاملة في تصنيع الذهب إلى 70 ورشة في نهاية 2009 بعد أن كانت بحدود 600 ورشة في عام 2000.
محمد عمر الخطيب
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد