أوباما يجس نبض أردوغان حول فرض عقوبات على طهران
ثمة حاجـة متبادلة للقاء بين الرئيس الأميركـي باراك اوباما ورئيــس الوزراء التـركي رجـب طيب اردوغان، على الرغم من تناقض المصالح والتوجهات العامة بين واشنطن وأنقرة هذه الأيام. هاجس اوباما إيران وأفغانستان وهاجس اردوغان العراق والاقتصاد، لكن القواسم المشتركة تبقى قائمة بين البلدين.
بعد لقاء مع اردوغان في البيت الأبيض أمس، قال اوباما انه «نظرا لتاريخ تركيا كدولة علمانية وديموقراطية، فإنها تؤدي دورا فريدا في تشجيع التفاهم المتبادل والاستقرار والأمن، ليس فقط في جوارها بل حول العالم». وأشار اوباما إلى انه بحث مع اردوغان تعزيز استقلال العراق ووضع البرنامج النووي الإيراني. وأعلن انه شدد على أهمية حل قضية القدرات النووية الإيرانية «بصورة تسمح لإيران بالحصول على الطاقة النووية السلمية، لكن، تقدم ضمانات بأنها ستلتزم بالقواعد والمعايير الدولية». وقال «أعتقد أن تركيا يمكنها أن تكون لاعبا مهما في محاولة دفع إيران في هذا الاتجاه». ورد رئيس الوزراء التركي أن أنقرة مستعدة لبذل كل ما بوسعها للتوصل إلى حل دبلوماسي لملف إيران النووي.
ووصف اوباما «حزب العمال الكردستاني» بأنه «منظمة إرهابية»، معتبرا انه كلما كان الأكراد ممثلين في الحكومة المركزية في بغداد وعولجت قضايا جدلية مثل كركوك «سيدرك الأكراد أكثر أن مصالحهم ليست في دعم أي نوع من النشاط العسكري». وعزّى اردوغان بمقتل 7 جنود أتراك في هجوم في منطقة توكات شمال البلاد، موضحا أنهما كررا تعهداتهما بهزم «الإرهاب بمعزل عن المكان الذي يكون فيه». وشكر اردوغان والشعب التركي على مساهماتهما في أفغانستان.
وعلمت «السفير» أن الاجتماع بين الجانبين الأميركي والتركي استمر حوالى الساعتين، تخلله غداء عمل ولقاء اقتصر على اوباما واردوغان فقط. وشارك في الاجتماع الموسع عن الجانب الأميركي كل من نائب الرئيس جو بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومستشار الأمن القومي جيمس جونز ومساعده توم دونيلون ومديرة الشؤون الأوروبية في مجلس الأمن القومي اليزابيث شيروود راندال، وعن الجانب التركي نائب رئيس الوزراء علي باباجان ووزير الخارجية احمد داود اوغلو ووزير الدولة والمفاوض الرئيسي في مباحثات الاتحاد الأوروبي ايغمين باغيس ووزير الإسكان مصطفى ديمير ونائب رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الجنرال أصلان غونير ونائب رئيس حزب العدالة والتنمية كورساد توزمان.
وقالت مصادر رفيعة المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف، إن المحادثات بين اوباما واردوغان ركزت على أفغانستان وإيران العراق والسلام في الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي والطاقة وقبرص. وأضافت «تكاد لا تكون هناك قضية إقليمية ودولية لا تؤدي فيها تركيا دورا متزايد الأهمية. حكومة اردوغان نشطة جدا في كل أنحاء المنطقة والعالم».
وقال احد المسؤولين «اعتقد أن اردوغان يأتي ليثبت نفسه اللاعب على المسرح الدولي الذي يبرز فيه. وعلاقته مع اوباما مهمة بالنسبة له، لان الأتراك يريدون القيام بدور مركزي في كل القضايا على جدول الأعمال الدولي».
وعن الدور التركي في المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل، قال المسؤول الأميركي «أعربت تركيا عن استيائها من السياسة الإسرائيلية، وتراجعت نوعا ما عن هذا الدور ولم تستأنفه لكننا نرى إمكانية مرة أخرى على الأقل، لان تركيا بلد لديه تاريخيا روابط وثيقة مع الجانب العربي والجانب الإسرائيلي»، مشيرا إلى أن رعاية أنقرة لهذه المفاوضات «ليست أمرا ندفع به أو نضعه بحيوية على الطاولة».
وألمح مسؤول آخر إلى أن تركيا ليست «وسيطا نزيها» بعد تدهور علاقتها مع إسرائيل. وقال «إذا لم تحافظ تركيا على روابطها مع إسرائيل فسيكون من الأصعب لها أن تؤدي الدور الذي تسعى إليه في المنطقة».
وتابعت المصادر الأميركية «في ما يتعلق بالانخراط مع سوريا، نحتاج إلى التأكد من أننا نرغب في تحريك سوريا في اتجاه بعيد عن إيران، الذي من شأنه أن يساعدنا في القضية النووية وقضايا أخرى، لكن ليس من دون شروط، سيكون علينا محاولة اصطفاف سياساتنا في هذا الجهد».
وأكد المسؤول الأميركي أن تركيا ليست مع حصول طهران على سلاح نووي، لكنها تعرب عن قلقها من العقوبات ومن أي عمل عسكري حيال إيران، وأنها حتى عرضت أن تستضيف تخصيب اليورانيوم الإيراني مكان روسيا لتسهيل المفاوضات لكن الطرف الإيراني رفض.
ولا يخفي المسؤولون الأميركيون تحفظهم عن انفتاح تركيا اقتصاديا على إيران، ويعتبرون انه سابق لأوانه قبل قبول طهران التعاون مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي. وذكرت المصادر أن اوباما جس نبض اردوغان حول احتمال فرض عقوبات على طهران بحلول نهاية العام الحالي، إذا لم تتعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكان اردوغان يخطط لزيارة واشنطن نهاية تشرين الأول الماضي بعيد زيارته إلى طهران، في محاولة لإيجاد تسوية بين الولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووي، لكن عدم تمكنه من إحداث اختراق جعله يؤجل الزيارة. يشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وإيران يصل إلى 10 مليارات دولار سنويا، وحجم الاستثمار المتوقع في حقول الغاز يصل إلى 4 مليارات دولار. كما تسعى إدارة اوباما إلى أن ترفع تركيا عدد جنودها في أفغانستان، لا سيما أنها تأتي في المرتبة الثانية بين الدول الأكثر مساهمة بين قوات حلف شمال الأطلسي. لكن اردوغان، بدعم من القيادة العسكرية التركية، أعاد التأكيد بشكل واضح قبل سفره إلى واشنطن أن القوات التركية لن تؤدي دورا قتاليا في أفغانستان، حيث يقتصر دورها على القيام بدوريات وتدريب القوات الأفغانية.
من جهته، يسعى اردوغان للحصول على غطاء أميركي لعملية عسكرية تركية تقضي على عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. وطالب إدارة اوباما بالضغط على القيادات الكردية في العراق لإغلاق المعسكرات الحدودية مع استعداد القوات الأميركية للانسحاب من هناك.
جو معكرون
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد