الأسد يحمّل ميتشل 3 طلبات إلى أوباما
لم تفضِ الزيارة الأولى لموفد الرئيس الأميركي الخاص لعملية السلام في المنطقة جورج ميتشل إلى دمشق إلى النتائج التي رجّحها لها طرفا الحوار، وقد تحضّرا لجدول الأعمال بلائحة توقعات وأهداف، لم تكن الأجوبة المتبادلة بينهما شافية. وبدا، وفق المعلومات المتوافرة عن مداولات الزيارة، أن الأميركيين والسوريين على السواء حرصوا على وضعها في إطار مزدوج: أحدهما استطلاع الموقف السوري من الجهود الأميركية لإحياء التسوية السلمية في المنطقة، وهو فحوى مهمة ميتشل بعد سلسلة جولاته التي بدأها في كانون الثاني الماضي واستثنى منها سوريا. والآخر العلاقات الثنائية بين البلدين التي لا تزال تمرّ بمخاض صعب، يتقدّم ببطء دون إحراز نجاح كبير بعد. الأمر الذي أبرَزَ أهمية ما حمّله الرئيس بشار الأسد إلى الرئيس باراك أوباما.
وبحسب ما كشفته معلومات مراجع رفيعة المستوى عن جوانب من مداولات الأسد وميتشل، في اجتماعي دمشق السبت الماضي (13 حزيران)، أنها تركزت على الآتي:
1 ـ عقد الموفد الأميركي اجتماعين، أولهما كان موسّعاً ضم، إلى الأسد، وزير الخارجية وليد المعلم ومعاونه فيصل المقداد ومستشارة الرئيس الوزيرة بثية شعبان، إضافة إلى مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان الذي يقصد دمشق للمرة الثالثة منذ 7 آذار الفائت. تلاه اجتماع ثان مغلق اقتصر على الأسد وميتشل استمر 90 دقيقة. كانت الانطباعات الأوّلية التي خرج بها المسؤولون السوريون من الاجتماعين اتسامها بالإيجابية، من غير أن تؤدي إلى النتيجة المرضية التي كان الطرفان يأملان التوصل إليها، وخصوصاً أن كلاً منهما تحوّط بلائحة توقعات وإشارات إيجابية كان ينتظر من محاوره ملاقاته إليها. إلا أن واشنطن أصيبت بخيبة جرّاء عدم استجابة دمشق دعوتها إياها الى التعاون معها في اكثر من ملف، وخصوصاً على الصعيد الأمني المتعلق مباشرة بالعراق.
لكن ردود الفعل التي تبادلها فريقا الحوار الأميركي والسوري بعد اجتماعي السبت، وفق ما تورده المعلومات نفسها، عكست مناخات إيجابية وتبادلاً للرأي، اتفق المسؤولون الأميركيون والسوريون على القول إنها كانت «بنّاءة هادئة ولكن غير تقريرية».
وتبعاً لتقويم المجتمعين، فإن الحوار دار حول مفكرتين متباعدتين في مقاربة الملفات العالقة. لذا اكتفى الفريقان بتبادل الآراء، وسعى كل منهما إلى إطلاع الآخر على ما يتوقعه منه.
2 ـ توجّه الرئيس السوري بمجموعة طلبات من محاوره كان أبرزها ثلاثة:
ـ تعيين سفير أميركي جديد في دمشق وتسلمه عمله، بغية تطبيع العلاقات الديبلوماسية بين البلدين على هذا المستوى مذ سحبت السفيرة السابقة مرغريت سكوبي يوم 15 شباط 2005.
ـ إلغاء العقوبات الأميركية ضد سوريا والتي كانت قد اتخذتها الإدارة السابقة، وأعادت الإدارة الجديدة تأكيد مفاعيلها الشهر الماضي ابان الزيارة الثانية لفيلتمان لدمشق في 7 أيار، وعدّت قرارها يومذاك، كما تبلغته الخارجية السورية، إجراءً روتينياً ترك أثره على المحادثات التي أجراها فيلتمان مع المعلم.
ـ إعطاء دفع جديد للحوار الجاري بين البلدين في ظل الإدارة الجديدة، برفعه إلى مستوى أعلى من خلال حصول أول اتصال مباشر بين الرئيس باراك أوباما والأسد.
ووفق المراجع الرفيعة المستوى، اكتفى ميتشل بتدوين مطالب الرئيس الأسد في مفكرته من غير أن يعقّب عليها.
3 ـ أبلغ الأسد إلى محاوره عند مناقشتهما الجهود الأميركية لتحريك التسوية السلمية في المنطقة، بمساريها الفلسطيني ـ الإسرائيلي والسوري ـ الإسرائيلي، أن المواقف الأخيرة المتشددة للدولة العبرية تجعل آفاق السلام مسدودة تماماً، ولا تفسح أمام العودة إلى طاولة التفاوض غير المباشر معها. مع ذلك أسرّ إليه أن مصلحة بلاده هي في عودة هذا التفاوض وإحياء فرص السلام وفق القرارات الدولية، ولاحظ الأسد أن من الضروري تشجيع تركيا على استئناف وساطتها لتحريك التفاوض غير المباشر، المتوقف منذ نهاية العام الماضي، في ردّ على اقتراح حمله إليه ميتشل، مفاده استمزاج رأي سوريا هل تودّ المضي في مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل عبر الوسيط التركي، أم تعتقد أن الوقت حان كي تضطلع واشنطن بدور الوسيط في مفاوضات مباشرة بينهما.
4 ـ أخذ ميتشل على سوريا عدم استجابتها الطلب الأميركي بذل مزيد من التعاون الأمني في العراق، ووضع حدّ لتسلّل مسلحين عبر حدودها إلى أراضيه. وأبلغ إلى الأسد ومعاونيه أن تقدّماً حقيقياً وجدّياً على هذا الصعيد يمثّل خطوة أولى نحو تنشيط الحوار الأميركي ـ السوري وتطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين. كان ردّ دمشق أنها تتعاون لمواجهة الإرهاب في العراق، وتتشدّد في مراقبة حدودها، نافية أي تسهيلات ذكرها الموفد الزائر. إلا أنها ربطت موقفه من العلاقات الثنائية بضرورة حصول تفاهم أميركي ـ سوري على رزمة الملفات الشائكة المشتركة بين البلدين، بحيث تفضي رزمة المشكلات إلى رزمة حلول متكاملة.
نقولا ناصيف
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد