طرطوس: يأتي محافظ تذهب محافظة
الجمل- عبدالله سليمان علي: لا نظلم أحداً إذا قلنا أن طرطوس لم تحظ حتى الآن بمحافظ يحمل لها رؤية تليق بتاريخها وموقعها وإمكاناتها. فطرطوس مدينة ذات فكرة تاريخية وحضارية وإنسانية، ومن لا يفهم فكرة هذه المدينة لن يستطيع أن يقدم لها شيئاً يذكر، فلا يغضبنَّ أحد منَّا إذا وجد في كلامنا ما يمسه لأنَّ غايتنا ليست إغضابه بل إرضاء ضميرنا تجاه مدينة نحبها ونعشقها ونريد لها الخير.
نقول ذلك بمناسبة قدوم المحافظ الجديد الدكتور عاطف نداف بديلاً عن المحافظ السابق وهيب زين الدين الذي عزل من منصبه قبل أن يكمل السنتين فيه وبعد شكاوى كثيرة تركزت معظمها حول الجمود الذي حل بالمحافظة بعد توليه منصبه وعدم امتلاكه القدرات الإدارية اللازمة لمواجهة تحديات العمل في هذه المدينة ... رغم أن أحداً لم يشكك بنزاهة زين الدين أو بنظافة كفه.
وعلى خطى زين الدين نرى المحافظ الجديد الدكتور عاطف نداف يقوم بالطقوس المعتادة لأي محافظ جديد: جولات على البلديات .. اجتماعات مكثفة وطويلة ومرهقة ... إطلالات إعلامية مبرمجة ... وغيرها من طقوس ولادة المحافظ التي حفظناها عن ظهر قلب والتي لم تعد تحدث أي تأثير لدى المواطن الذي أصبح سيان لديه من أتى ومن ذهب لعلمه أن " كل الناس خير وبركة".
إلا أن قدم الدكتور عاطف نداف سرعان ما انزلقت، وأثبت لنا أنه آتٍ آخر كأي محافظ سبقه وأن خبرته التي عمرها خمس سنوات لن تسعفه في مدينة طرطوس. وببساطة كلية نقول أنه لم ينجح في إمساك الطرف الصحيح من الخيط لذلك لا نستبعد أن كل حياكته ستذهب أدراج الرياح.
إن منصب المحافظ بالأساس هو منصب خدمي يتعلق بتفاصيل حياة المواطن والنجاح في هذا المنصب يتطلب أن يتكلم المحافظ لغة المواطن التي يفهمها أما إذا تشدق بلغة أخرى (استعلائية) فإن الفشل سيكون المصير الذي يؤول إليه كل عمل من أعماله.
وكلنا يعرف تمام المعرفة ما هي حدود صلاحيات المحافظ سواء في نصوص القانون أو في الواقع الملموس ونعرف عندما يتحدث ما إذا كان يشطح في الحديث أم لا لذلك ليس ثمة داعٍ لتكبير الحجر لأن من كبَّر حجره ما ضرب كما يقول المثل الشعبي.
ومن خلال متابعتنا لما أنجزه الدكتور عاطف نداف في محافظة إدلب بعد خمس سنوات من توليه منصب المحافظ فيها ندرك أن الرجل لم يستطع أن يحقق قفزة نوعية في تلك المدينة لذلك لا نتوقع أن يحقق هذه القفزة في مدينة طرطوس خاصة وأن الكتاب مقروء من عنوانه.
والمضحك المبكي أن يستفتح الدكتور نداف عهده في طرطوس بتصريح غريب وينم عن عدم خبرة بأحوال المدينة وطبيعة الأعمال الإدارية فيها، فقد قال أنه: "لا تزفيت لشوارع المدينة قبل اكتمال البنى التحتية" والترجمة العملية لهذا التصريح هي أنه لا تزفيت للشوارع أبداً لأن البنى التحتية لم تكتمل منذ عشرات السنين ولا أمل باكتمالها بعد عشرات السنين أيضاً.
لقد استاء الكثير من المواطنين من هذا التصريح وأبدوا استغرابهم للسطحية التي يعبر عنها. فالبنى التحتية من تمديدات هاتف وكهرباء ومياه وصرف صحي تعاني من أزمات مزمنة وحلها يحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير ومال وفير قد لا يتوفر خلال سنوات طويلة فهل تبقى الطرق والشوارع بدون تزفيت حتى ذلك الحين!!!!
ألا يدرك السيد المحافظ مدى الإزعاج الذي يشعر به المواطن بسبب الحالة الهرئة التي وصلت إليها شوارع المدينة وامتلائها بالحفر والمطبات وما يشبه مستنقعات لجمع المياه والأوساخ؟
إن طرطوس مدينة سياحية بالدرجة الأولى وتعتمد اعتماداً كبيراً على مظهرها وشبكة المواصلات فيها لذلك فإن الإبطاء في إصلاح الطرق وتزفيتها ولو قبل اكتمال البنية التحتية – التي لن تكتمل – يغدو دليلاً على عدم فهم متطلبات هذه المدينة واحتياجات المواطن البسيطة التي لا يحلم بأكثر منها فإذا كان المحافظ بحكم صلاحياته وإمكاناته غير قادر على تحقيق احتياجاتنا الكبيرة فليعمل على تحقيق البسيطة منها وله جزيل الشكر وعظيم الامتنان.
إضافة تعليق جديد