إسرائيل تحاول لملمة شهادات جنودها
حاولت المؤسسة العسكرية الاسرائيلية امس، التغطية على شهادات لجنود شاركوا في العدوان الاخير على غزة، تحدثوا فيها عن قتل متعمد للمدنيين الفلسطينيين، خاصة من النساء والأطفال، وسط دعوات لفتح تحقيقات في الروايات، التي تؤكد ارتكاب جرائم حرب في القطاع.
وبعد ساعات من نشر صحيفة «هآرتس» ملخصا عن شهادات الجنود، قال داني زامير وهو مدير «كلية اسحق رابين الحربية» في أكاديمية «اورانيم» التي تحدث فيها هؤلاء الجنود، ان العسكريين أشاروا إلى وجود جو من «الاحتقار الشديد إزاء الفلسطينيين» في صفوف الجيش.
واوضح زامير «انها شهادات قاسية جدا حول إطلاق نار غير مبرر استهدف مدنيين، وتدمير ممتلكات، ما يعكس أجواء يظن فيها الفرد ان بإمكانه استخدام القوة من دون اي رادع ضد الفلسطينيين». ولفت الى انه نقل روايات الجنود إلى الجيش، علما بان قادة إسرائيليين حملوا حماس المسؤولية الكاملة عن استشهاد الفلسطينيين «لان مقاتليها ينشطون في المناطق الفلسطينية المزدحمة».
وكانت صحيفة «هآرتس نشرت مقتطفات من مناقشات الجنود، معتبرة ان نشر هذه «الأسرار القذرة» سيجعل من الصعب على الإسرائيليين وصف هذه المزاعم بأنها دعاية فلسطينية. ويسعى الجيش الإسرائيلي إلى تصوير ممارسات الجنود على أنها «شاذة»، لكن «هآرتس» شددت على أن «شهادات الجنود من ميدان القتال بعيدة كل البعد عن ادعاءات الجيش الإسرائيلي».
وقد تحدث في هذه المقتطفات قائد وحدة عسكرية عن قتل متعمد للنساء والأطفال. وروى جنود تفاصيل «أعمال قتل تم تنفيذها بدم بارد». وقال قائد موقع «احد الضباط رأى امرأة عجوزا تمر على محور ما.. اذا كانت مشبوهة، غير مشبوهة، لا ادري.. ما فعله في النهاية هو إنزالها (قتلها)». تدخل زامير حينها ليسأل «لم افهم. لماذا أطلق النار عليها؟» أجاب قائد الموقع «هذا ما هو جميل في غزة.. أنت ترى شخصا يمر.. ليس بالضرورة أن يكون مسلحا.. يمكنك ببساطة ان تطلق النار عليه.. ما شعرت به هو الكثير من العطش للدم لاننا لم نشتبك مع مخربين».
وروى جندي آخر حادثة مماثلة. وقال «كان يفترض بنا اقتحام الباب السفلي والشروع بإطلاق النار في الداخل وعندها ببساطة الصعود طابقا طابقا و.. انا اسمي هذا قتلا.. في واقع الامر الصعود طابقا طابقا يعني ان كل شخص نلاحظه نطلق النار عليه.. قال المسؤولون ان هذا الأمر مسموح إذ ان كل من بقي في الجبهة وداخل مدينة غزة هو في واقع الامر مدان مخرب لانه لم يهرب.. وأنا لم افهم حقا، فإلى أين يهربون؟».
وقد رد وزير الدفاع الاسرائيلي المنتهية ولايته ايهود باراك، على نشر هذه الشهادات، بالقول «ان الجيش الاسرائيلي هو اكثر الجيوش التزاما بالمبادئ الأخلاقية، وأنا اعرف ما اقول لانني رأيت ما جرى في يوغوسلافيا السابقة وفي افغانستان والعراق». وتابع «بالطبع، قد تكون هناك استثناءات، وسيتم التحقق من كل ما قيل».
وفيما قال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي انه ليس على علم بالوقائع، وان الجيش «سيتحقق من مصداقيتها وسيفتح تحقيقا ان اقتضى الامر»، أصدر المدعي العسكري العام الإسرائيلي العميد افيحاي مندلبليت أمرا للشرطة العسكرية بالتحقيق في هذه الشهادات.
في مقابل ذلك، وفيما لم تتحرك المؤسسات الحقوقية الكبرى التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، اعتبر عضو الكنيست العربي محمد بركة، ان شهادات جنود الاحتلال «تكفي لتكون لائحة اتهام لإدانة قادة اسرائيل ووزير الأمن فيها ايهود باراك بجرائم حرب، على خلفية حربهم الإجرامية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».
وقال بركة «اننا نقرأ القليل من الكثير الذي نعرفه عن جرائم الحرب التي نفذها جيش الاحتلال في قطاع غزة، بأوامر مباشرة من الحكومة الاسرائيلية ووزير الأمن فيها وقيادة الجيش». واعتبر «ان قرارا دوليا واحدا فقط يدعو لمحاكمة اسرائيل، وعدم مساواة الجلاد بالضحية، من شأنه ان يؤدي دورا في وقف المجزرة المستمرة ضد شعبنا الفلسطيني».
بدورها، دعت منظمة «يش دين» الاسرائيلية المدافعة عن حقوق الإنسان، الى «تشكيل هيئة خارجية جديدة للتحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب». وحذرت من انه «اذا لم تقم اسرائيل بالتحقيق في المخالفات الخاصة بها، فسيتعين على غيرها من الدول ان تفعل وتؤكد على وجود القانون».
المصدر: السفير + وكالات
إضافة تعليق جديد