الفنون القتالية في الصِغر تقي «عراك الشوارع» في الكبر
خيط رفيع يفصل بين مفهوم أسر كثيرة لرياضات الألعاب القتالية وفنونها. وهذا «الالتباس» ليس وليد أيامنا الحاضرة، بل مترسّخ وفق ظروف تعاطينا مع محيطنا والنشء الجديد، خصوصاً الأطفال أو صغار السن عموماً.
وبين قائل إن الرياضة على مختلف فروعها واختصاصاتها مفيدة عموماً، ومن يحذّر عن دراية أو جهل من عنف بعضها، يثور جدال ونقاش يتعدّيان الجانب الاجتماعي، ويضران عن غير قصد بالجانب الرياضي الصرف.
الكاراتيه، الجودو، التايكواندو، الكونغ فو... ألعاب قتالية رائجة بين الأولاد يقبلون عليها بكثرة، ويصرفون وقتاً لمزاولتها في أندية أو في مدارسهم ضمن «نشاطات لا صفية»، وباتت مصدر رزق و «ثروة» لمدربين في ضوء درجات إتقانهم لها وتعمّقهم في فنونها.
ولعلّ ما يميز هذه الألعاب ويحبّب بها، تخطيها الإطار الرياضي الى اعتبارها أسلوب حياة كونها راسخة الجذور غنية بفلسفة الشرق وحكمة «المعلمين الأوائل».
طبعاً، تعلّق الأولاد بهذه الألعاب لا يركّز في السنوات الأولى للممارسة على الجانب الروحي – الفلسفي، بل يكونون مأخوذين بهالة القوة وصيحات طقوسية، تجعل منها لغة خاصة تثير الحماسة والفضول معاً.
يندفع أولاد الى الألعاب القتالية ليعبّروا عن ذاتهم، ولسان حالهم واحد: «تمنحنا الثقة بالنفس واحترام النظام والآخرين... ترفع المعنويات وتمنحنا التفاؤل، تعزز قوتنا الجسدية، إنها ألعاب تنبذ العنف (على غرار رياضة الراليات وسباقات السيارات التي يؤكد المتسابقون فيها أن قيادتهم السريعة محصورة في المنافسات فقط)».
وتطول قائمة التصنيفات و «المبررات»، يُضاف اليها الترويح عن النفس و «فشة خلق» للكبار مع يوم عمل مضنٍ، وللصغار ليقبلوا بعدها على واجباتهم المدرسية بحماسة واجتهاد، ويصقلوا شخصيتهم تدريجاً ويضبطوا انفعالاتهم. ومن دون أن ننسى «لازمة» الدفاع عن النفس التي ترددها الفتيات خصوصاً، ليصبحن محصنات في مواجهة الانحطاط الأخلاقي.
وعلى غرار اتجاه سيدات ورجال كثر الى مزاولة نشاطات رياضية خفيفة وراقية ومنها الرقص الرياضي، بات شائعاً توجههم (في سن متقدمة) الى اكتشاف الألعاب القتالية. وبالتالي، لا يصطحبون أولادهم الى الأندية ومراكز التدريب فقط بل يشاركونهم نشاطهم.
وبعضهم اختبر هذه الفنون منذ الصغر وورّثها الى أولاده. وهناك أولاد يرغبون في السير على خطى آبائهم وأمهاتهم. لذا فإن صورة العائلة الرياضية الملتزمة أو «العائلة القتالية» واقع نصادفه يومياً، مسرحه الأندية ومجمّعات التدريب وأماكن المباريات.
وديع عبد النور
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد