جـون كيـري بيـن ركـام غـزة لا تهـزه جرائـم إسـرائيل
قام رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي السيناتور الاميركي جون كيري، ونائبان آخران في الكونغرس، امس، بزيارة مفاجئة الى غزة، هي الأهم لمشرعين أميركيين منذ الانتفاضة الثانية في العام 2000، حيث وجهوا رسائل في الاتجاهين. ففيما دعا النائبان اسرائيل الى تخفيف الحصار على القطاع، استبعد كيري من جهته، اي ليونة في الموقف الاميركي تجاه حركة حماس التي يرجح انها ابلغت ووافقت واشرفت، ولو من بعيد، على زيارة الوفد الاميركي الزائر.
وبدأ كيري الذي كان يرافقه مسؤولون أمنيون من الامم المتحدة، زيارته عبر معبر ايريز الاسرائيلي، متوجها الى عزبة عبد ربه، وهي بلدة تقع في شمالي قطاع غزة، دمرت خلال الهجوم الاسرائيلي الاخير، وذلك قبل زيارة المدرسة الأميركية الدولية، التي دمرتها اسرائيل ايضا، ومقر وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) في وسط مدينة غزة، الذي استهدفته اسرائيل خلال العدوان.
وقال السيناتور الأميركي لدى وصوله إلى غزة في موكب تابع للامم المتحدة، انه جاء الى القطاع للاطلاع عن قرب على ما جرى ويجري بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية. وأوضح «أتيت لغزة للاطلاع على الوضع الإنساني ولا انوي لقاء قادة حركة حماس.. انا هنا للاستماع وإجراء تقييم شخصي.. علينا ان نحسن الأوضاع في المنطقة». والتقى كيري ياسر الوادية، ممثلا للشخصيات المستقلة في قطاع غزة والضفة الغربية، وناقش معه ملفي المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، و«ضرورة» إعادة اعمار قطاع غزة.
وخلال زيارته المدرسة الاميركية المدمرة، سأل كيري مسؤولي المدرسة عما اذا كانت اسرائيل تسمح بمرور ما يكفي من الإمدادات لسكان القطاع، قائلا «اعرف ان الرئيس (باراك) اوباما ملتزم بمحاولة حل بعض القضايا الصعبة جدا جدا». وقال عضو مجلس ادارة المدرسة شرحبيل الزعيم، ان اسرائيل تقدم «الحد الأدنى» فقط من الاحتياجات، وشكا من ان المواطنين العاديين يشعرون بالعزلة جراء الحصار الذي تفرضه اسرائيل ويدعمه الغرب.
ورد كيري بالقول «قيادتكم السياسية تحتاج الى اتخاذ قرارات حاسمة وان توضح مدى رغبتها في التحرك قدما صوب السلام وهذه القرارات الجوهرية لم تتخذ». واضاف «ثانيا، تحتاج قيادتكم السياسية الى ان تفهم أن أي دولة تتعرض لقصف صاروخي على مدى سنوات يهدد مواطنيها، ستتحرك للرد».
وأجاب الزعيم بتشبيه محنة الفلسطينيين في غزة بأزمة رهائن، وسأل «هل بمقدور ضابط شرطة اتخاذ قرار بتدمير مبنى بالكامل وقتل جميع الرهائن والخاطفين؟». ورد السناتور الاميركي بالقول «تعرفون ان المهم ليس مناقشة تعيدنا الى الوراء، المهم هو المضي قدما.. هناك طريق واضح للامام.. ساعدونا في الحصول على السلام»، من دون ان يحدد ماذا يقصد بـ«الطريق الى الامام».
وفيما كان يستعد لركوب سيارة تابعة للامم المتحدة، قال كيري ردا على سؤال حول إمكانية محاورة حماس «لا يوجد تغيير.. دعوني أوضح لا يوجد تغيير في تلك السياسة». وتابع «ليس لدى أي منا أوهام في أن للإرهابيين مكانا الى الطاولة.. على الناس أن يغيروا توجههم وعلى الناس أن يغيروا أسلوبهم ونأمل في أن هذه الفرصة الجديدة ستتيح لنا فرصة لاستكشاف احتمالات السلام الحقيقي»، علما بأن زيارته الى القطاع من الصعب ان تكون تمت من دون علم مسبق من قبل حماس، التي تسيطر على الأرض في غزة، والتي نفت ايضا ان تكون هناك ترتيبات مسبقة لهذه الزيارة.
وسبق كيري الى المواقع التي زارها، النائبان الديموقراطيان في مجلس النواب بريان بيرد وكيث اليسون، وهو النائب الاميركي المسلم الوحيد. وقال بيرد «نحن نرغب في معاينة الوضع على الأرض ونتفهم ما هي الاحتياجات ومن ثم نحمل الرسالة عائدين بها إلى زملائنا والناس الذين نمثلهم حتى يتمكنوا بدورهم من تفهم الوضع». وأضاف «نحن بحاجة أيضا الى أن نقول لأهل غزة إننا نتفهم معاناتهم ونعلمهم أننا نأسف لما مروا به، إضافة إلى ذلك نحاول أن نتأكد من أن المزيد من المعونة في طريقه إليهم بأسرع وقت ممكن».
وفي بيان لاحق، قال بيرد واليسون ان زيارتهما الى غزة لم تحظ بدعم رسمي من البيت الابيض. واعتبر بيرد «ان فداحة الدمار والمعاناة الإنسانية هنا مذهلة للغاية»، مضيفا «ان أحياء بالكامل دمرت ومدارس محيت وخدمات حيوية مثل الماء والصرف الصحي والكهرباء أصيبت بالشلل». وقال اليسون من جهته «ان التضييق الاسرائيلي العشوائي وغير المعقول على دخول الغذاء ومواد البناء، غير مقبول ولا يمكن الدفاع عنه».
وتعليقا على جولة كيري في غزة، قال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم ان هذه الزيارة «خطوة في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية ايضا، نريد مزيدا من المراكمة عليها من خلال الدفع لتغيير الاتجاه السياسي للإدارة الاميركية»، مطالبا «بنقل حجم المعاناة والجريمة». ولم يتوقع ان تعقد حماس اي لقاء مع الوفد الاميركي، مؤكدا انه «اذا طلبوا اي لقاء مع حماس، فلا نمانع، لكن نحن ندرك حساسية هذه الزيارة في هذا الوقت بالذات».
وقبل غزة، زار كيري الذي يقوم بجولة اقليمية، برفقة وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني، مستوطنة سديروت، حيث جدد قوله ان زيارته الى غزة لا تعني تغييرا في السياسة الاميركية تجاه حماس. واوضح المرشح السابق للرئاسة الاميركية، ان هذه الزيارة «لا تترجم اي تغيير في الموقف من حماس، لكنها تعكس رغبتنا في الاستماع والتعلم». واضاف «ان ما يجب ان يتغير هو اللجوء الدائم لحركة حماس للعنف».
وتطرق كيري الذي التقى رئيس الوزراء الاسرائيلي المستقيل ايهود اولمرت ورئيس اركان الجيش الاسرائيلي غابي اشكنازي، الى مسألة الحوار مع سوريا، مقللا من إمكانية حدوث تطور سريع في العلاقات مع دمشق، قبل ان تحد سوريا من دعمها لجماعات إسلامية وتتعامل مع مخاوف واشنطن. وقال «لا أحد يأخذ الكلمات على علاتها خاصة في هذا الجزء من العالم.. تعلمنا ان الأفعال هي التي تتحدث وسيكون من المهم بالنسبة لسوريا ان تظهر رغبة في القيام بعدد من الأمور».
وقال كيري ان واشنطن تريد من سوريا ان توقف دعم حماس و«حزب الله». واضاف انه فضلا عن ذلك يجب على دمشق احترام الانتخابات اللبنانية وإظهار قدر أوضح من الرغبة في التحرك صوب السلام مع اسرائيل والتعاون مع السياسة الاميركية في العراق وايران. وأضاف «هناك قضايا رئيسية غير مطروحة على الطاولة.. نحتاج الى ان نستكشف هذه القضايا.. لكنني أؤكد لكم انه ما من أحد يتوهم ان مجرد كلمات تكفي لإقامة علاقة».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد