المدرسة الصابونية في دمشق... طراز معماري فريد من العصر المملوكي
ازدهت في دمشق طوال قرون، مئات من المدارس المختلفة التي أسست لتلقي الثقافة الاسلامية، وما يتصل بها من علوم، وكثرت فيها مدارس القرآن والحديث والفقه والطب.
ومن اشهر تلك المدارس المدرسة الصابونية او (دار القرآن الصابونية) التي تأسست قبل مئات السنين، وتقع في منطقة باب الجابية، وتضم جامعا ما زال يؤمه المصلون، وضريحاً يعتقد انه يعود لباني المدرسة.
وبنيت المدرسة وفق طراز معماري فريد سنة 963 هجرية وانتهى العمل بها سنة 869 هجرية وجددت سنة 1360 للهجرة.
ويلحظ الزائر عند مدخل المدرسة الصابونية وجود غرفة فيها ضريح له مئذنة حجرية مثمنة بديعة الزخارف، وقد سميت بالصابونية نسبة للشخص الذي قام بإنشائها وهو شهاب الدين احمد بن الصابوني.
ويتألف جامع المدرسة من حرم رئيسي وصحن واسع، وفيه بركة ماء وايوانان، واحد جنوبي والاخر غربي، وجدران الصحن من الاسفل حجرية، وعلى محيط الايوانين توجد غرفة صغيرة مغلقة حاليا.
ويقول المشرف على المدرسة وخادم جامعها محمد الجابي، ان الصابونية عريقة ولها عقارات وقف، في قرى بغوطة دمشق وفي لبنان، مضيفا ان وزارة الاوقاف ممثلة بمديرية اوقاف دمشق تقوم بتنفيذ خطة لترميمها لتبقى منارة حضارية تضاف الى العديد من المدارس التي تأسست في العهود المملوكية والأيوبية مثل الظاهرية والعدلية والجقمقية، اضافة الى التكايا التي تأسست في العهد العثماني، وكذلك حرصا على الحفاظ على هوية المدرسة الصابونية وجامعها، لكونها تعتبر طرازا معماريا فريدا.
وذكر الجابي، ان المدرسة الصابونية تعتبر من منشآت العهد المملوكي، وأنشأ المقر الخواجكي بن شهاب الدين القضائي بن علم الدين بن سليم بن محمد البكري الدمشقي المعروف بالصابوني.
وأضاف ان اهمية "الصابونية" تكمن في كونها من اجمل ابنية العهد المملوكي في دمشق، فهي غنية بالعناصر الزخرفية الرصينة التي تؤمن توازنا تشكيليا يتنوع في تفاصيله وتوزعه، وبتناظر مساحاتها، فهي مبنية بالـ"مداميك" الحجرية ذات الالوان المتناوبة (الأبلق).
وأوضح الجابي ان المدرسة الصابونية تمتاز ببوابتها المرتفعة والمعقودة بالمقرنصات المترفة، وفوقها طاسة منداة بالزخارف في وسطها حشوة مربعة هندسية الزخارف، وتستقر فوق المبنى قبة ملساء تستند الى رقبة مضلعة فيها 12 نافذة، وتعلو الواجهة من جهة اليسار مئذنة مملوكية الطراز.
من جهته قال الخبير في الاثار الاسلامية عمر الميداني لـ"كونا"، ان المدرسة الصابونية تميزت بخصائص العمائر المملوكية، وهو العصر الذي تعود اليه المدرسة، وكان معروفا بتراث المشرق الاسلامي ومغربه، وصاغه فنانو العصر بأسلوبهم وحسب اذواقهم، وساعدت حياة الرخاء على الإسراف في تجميل العمائر وزخرفتها. وذكر ان عمائر المماليك تميزت بالواجهات العريضة العالية، والبوابات المزخرفة والعقود المتنوعة الاشكال والزخارف والقباب المقرنصة، مضيفا ان العصر المملوكي يعد العصر الذهبي من ناحية الفن الزخرفي في تنوع أشكاله وتكويناته.
وأوضح ان من اهم العمائر المملوكية في دمشق جامع الثقفي والقاق والمعلق والسنجقدار والورد وحمام التوريزي، مضيفا ان الجهات المعنية في سورية تعمل على ترميم هذه الاوابد التاريخية الاسلامية والمسيحية في انحاء البلاد للمحافظة على هويتها.
المصدر: كونا
إضافة تعليق جديد