جديد ملف الفساد في فرع التأمين بالحسكة: شطب 5 محامين شطباً نهائياً

21-09-2008

جديد ملف الفساد في فرع التأمين بالحسكة: شطب 5 محامين شطباً نهائياً

مازالت تداعيات قضية التجاوزات والفساد الحاصل في فرع المؤسسة العامة السورية للتأمين بالحسكة، والتي نشرت تشرين بعضاً من تفاصيلها بتاريخ 1/9/2008، تتفاعل على المستويين الرسمي والشعبي في مختلف أنحاء المحافظة. حيث مازالت هذه القضية حديث الشارع، ولاسيما أنه في كل يوم هناك ما هو جديد فيها.

والجديد هذه المرة يتمثل بالقرار الجريء الذي اتخذته المحكمة المسلكية في مجلس فرع نقابة المحامين بالحسكة، هذا القرار الذي ترك ارتياحاً كبيراً لدى جميع سكان المحافظة، و أعطى انطباعاً جيداً وواضحاً بأن هذه النقابة العريقة، لا يمكن لها أن تسكت على أية حالة فساد، حتى ولو كان المشتركون فيها من أعضائها. فالعدالة لا تتجزأ وإحقاق الحق له طريق واحد ومعروف، وعلى من يريد أن يسلكه أن يواجه المطبات والمنحدرات والمرتفعات وحتى الحفر بمنتهى الشجاعة والروح العالية من المسؤولية. وهذه المرة وكما في كل مرة لم تخيّب نقابة المحامين ظن الناس بها، وأثبتت أنها حقاً الجناح الثاني للعدالة، بتصديها الحازم لحالات الفساد التي قامت بها ثلة قليلة من المحامين، قامت بتطويب قضايا التأمين بأسمائها، وارتكبت من خلال ذلك العديد من التجاوزات، التي رأت النقابة أنها تسيء للمهنة وتحط من قدرها. ولاسيما أن المحاماة تعد من المهن العليا في المجتمع، والعاملون فيها يرفعون لواء العدالة ونصرة المظلومين. ‏

و جاء هذا القرار الجريء ليدحض الشائعات التي سرت هنا وهناك بترويج من البعض، وللأسف بعضهم من الذين يمتون بصلة ما لبعض المتورطين بالقضية، بأن النقابة لن تحاسب أعضاءها لا بل إنها ستدافع عنهم حتى ولو كانوا مخطئين، وبالتالي ستطوى القضية، وتكون النتيجة استمرار حالة الفساد المستشرية في فرع مؤسسة التأمين بالحسكة. وإذا اضطرت النقابة لاتخاذ قرار ما لحفظ ماء الوجه، فسيكون قراراً هشاً يتضمن عقوبات بسيطة لا تغني من فقر و لاتسمن من جوع. ‏

لكن النقابة فاجأت الجميع بأنها على قدر المسؤولية، وأصدرت المحكمة المسلكية في مجلس فرع نقابة المحامين بالحسكة بتاريخ 11/9/2008 القرارات التالية: ‏

1ـ شطب خمسة محامين ( نعتذر عن نشر أسمائهم ) شطباً نهائياً من نقابة المحامين في الجمهورية العربية السورية. ‏

2ـ شطب أحد المحامين ثلاث سنوات وتنزيلها إلى السنتين للأسباب المخففة. ‏

3ـ شطب محاميين اثنين لمدة سنتين وتخفيضها إلى سنة واحدة للأسباب المخففة. ‏

وصدرت هذه القرارات لأن مجلس الفرع حصل على حوالات نقدية بمئات الآلاف من الليرات السورية، مرسلة من هؤلاء المحامين، إلى رئيس الدائرة القانونية في فرع المؤسسة العامة السورية للتأمين بالحسكة. وبعد التدقيق بالدعاوى الخاصة بالتأمين، تبين أن معظمها محصور بهؤلاء المحامين الواردة أسماؤهم في تلك الحوالات. ‏

ورأت المحكمة أنه كان أولى بهؤلاء المحامين، أن يراعوا بدقة الواجبات التي تفرضها عليهم أحكام القانون، وقواعد المهنة وأعرافها وتقاليدها، وأن يتحلّوا في عملهم بمبادئ الشرف والاستقامة، وأن لا يقحموا أنفسهم بأعمال عرضوا فيها شخوصهم للنيل والجدل، بصورة أدت إلى الحط من قدر وكرامة المهنة، التي عرفت عبر التاريخ بأن مهمتها التعاون مع القضاء لتحقيق العدالة والدفاع عن حقوق الموكلين. ‏

ووجدت المحكمة أن تلك المبالغ دفعت لتسهيل تنفيذ الدعاوى المقامة ضد المؤسسة السورية للتأمين والإضرار بها، من خلال صرف التعويضات التي تتضمنها. إلى جانب السعي وراء الموكلين بواسطة ذلك الموظف وسواه، والتعامل مع السماسرة، بخلاف المادة 77 من قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 39 لعام 1981 ‏

والجديد أيضاً في هذه القضية هو أن قاضي التحقيق الأستاذ سالم الصياح استطاع إقناع أحد المتورطين، بإعادة المبلغ الذي تم صرفه بدون وجه حق وهو نصف مليون ل.س. حيث تم إيداع المبلغ لدى المصرف التجاري السوري وتحويله لصالح مؤسسة التأمين. وبهذا يكون حق الدولة قد عاد. ‏

وبناء على ذلك قامت مديرية القضايا والشؤون القانونية في المؤسسة بتوجيه الكتاب رقم ص ف 180/4/2/ تاريخ 19/8/2008 إلى فرع المؤسسة بالحسكة تقول فيه: ( إشارة إلى كتاب قاضي التحقيق بالحسكة رقم 405/2008 تاريخ 17/8/2008، وحيث إن المؤسسة قامت بتسديد مبلغ 500 ألف ل.س، تعويض وفاة لوالد الطفل عبد العال شمس الدين سليمان، بدون وجه حق لعدم شموله بعقد التأمين، استناداً إلى تاريخ وساعة إصدار العقد. يرجى تكليف المحامي حسين السعدو بمتابعة الدعوى التحقيقية أعلاه، وإقامة دعوى بحق مالك وسائق السيارة لاسترداد المبلغ المدفوع كونه غير مشمول بالتأمين. وذلك بعد إجراء التكييف القانوني المناسب للدعوى، وبيان الأشخاص الواجب الادعاء بحقهم..). ‏

وقد أثار هذه الكتاب جملة من التساؤلات أهمها لماذا اكتفت المؤسسة بتحريك الدعوى بحق مالك وسائق السيارة فقط؟ ولم تحركها أيضاً بحق الموظف الذي قام بتسيير المعاملة وإصدار قرار التسوية ومن ثم صرف المبلغ ( بدون وجه حق ) كما تقول؟ رغم علم ذلك الموظف أن المعاملة غير مستوفية الشروط القانونية الموجبة لصرف أي تعويض ( لعدم شمول الحادث بعقد التأمين استناداً إلى تاريخ وساعة إصدار العقد). وهل قام ذلك الموظف بهذا الإجراء المخالف لوجه الله تعالى أم لغاية في نفس يعقوب؟. ولاسيما أن ما فعله ذلك الموظف أكبر بكثير مما فعله مالك السيارة وسائقها أو وكيلهما، لأن كل ما فعله هؤلاء هو التقدم بمعاملة تتضمن طلب صرف تعويض مالي نتيجة لحادث سيارة، وعلى الموظف المختص الذي استلم المعاملة أن يتأكد من قانونيتها وبالتالي تقرير السير بها أو ردها لأصحابها. ‏

ونتمنى أن لا تكون المؤسسة قد وضعت نفسها من خلال هذا النص وهذه الصيغة الموجودة في كتابها ذاك، موضع تلك التساؤلات حتى لا نقول الشبهات. ‏

خليل اقطيني

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...