أسعار العقارات في مدارات الفلك..
معادلة أسعار المساكن في سورية تحتاج الى أشخاص خبيرة في فك رموزها,لما تحمله من متناقضات كثيرة وعلى رأسها الأسعار المرتفعة التي تبتعد عن أسعار دول الجوار,
فالارتفاعات السعرية المتواصلة للمساكن تتطلب من أصحاب الدخول المتواضعة الادخار لمدة تتجاوز النصف قرن كي يحصل على مبتغاه من منزل أمتاره لا تتجاوز 100 متر وفي مناطق تفتقر الى الشروط الصحية,طبعاً البعض منهم يحصل على المنزل في زمن أقل من المدة السابقة اذا كان يكتنز قليلاً من المال.
يضاف إليه قرض سكني,يتم تسديده لمدة 15 عاماً مع فوائد البنك المركبة والتي تتجاوز ثلث مبلغ القرض,وأسباب الاستقرار في الارتفاع التي تنعم به أسعار العقارات في سورية,رغم حالة الجمود من حركة بيع وشراء,تعود برأي المهتمين لأسباب عديدة منها أن هذا الارتفاع ليس محصوراً بسورية وحدها,فثمة مؤشرات على بوادر أزمة تتفاقم تدريجياً في العديد من دول العالم وفي مقدمتها القارتين الأميركية والأوروبية.
وتزامن ذلك مع ارتفاع ملحوظ في أسعار مواد البناء وسط الطلب الشديد عليها من عدد كبير من المستوردين,وآخرون أعادوا السبب الى أن معظم رؤوس الأموال في سورية انصبت باتجاه سوق العقارات,وأصبحت عملية المضاربة بالأسعار مفتوحة دون وجود أي ضوابط قانونية تنظم هذه العملية,فأصبح المواطن هو ضحية ارتفاع أسعار العقارات,ومن ثم عدم تمكنه من الحصول على شقة خاصة بعد زيادة التكاليف وصدور قرار رفع المشتقات النفطية وعلى رأسها مادة المازوت ما أدى الى زيادة التكاليف على مواد البناء لتصبح أسعارها خارج اطار المنطق.
كما أن تزايد اعداد الجمعيات السكنية الذي قارب عددها لأكثر من ثلاثة آلاف جمعية كان من المفروض أن تعمل على حل مشكلة السكن بنسبة تتجاوز ال60% لكن على أرض الواقع ما يتم لمسه,فالكثير من هذه الجمعيات ابتعدت عن دورها الحقيقي وجعلت هدفها الربح قبل الغاية التي أسست من أجلها وأمام هذا الواقع المتراجع لدور الجمعيات السكنية فقد أصدر وزير الاسكان والتعمير حمود الحسين قراراً يقضي بوقف الترخيص للجمعيات السكنية في مدن مراكز المحافظات حتى اشعار آخر وأعطى القرار للجمعيات التي وضعت دفعات اشتراك المؤسسين في المصرف العقاري قبل 19/6/2008 مهلة لاستكمال اجراءات ترخيصها وأوضح وزير الاسكان في تصريح صحفي عن سبب اصدار القرار هو أن الجمعيات المرخصة حتى الان تكفي لانجاز الخطة الاسكانية حيث قارب عدد الجمعيات المرخصة 3 آلاف جمعية انتسب اليها أكثر من 600 ألف شخص موضحاً أن الهدف الأساسي لتأسيس الجمعيات التعاونية السكنية هو تأمين السكن لذوي الدخل المحدود....
وفي جولة ميدانية ولقاء بعض أصحاب المكاتب العقارية,للوقوف الى ما وصلت إليه أسعار العقارات التي تعيش حالة من الجمود في الوقت الحالي مع وجود عرض كبير للشقق السكنية وانخفاض في الطلب نتيجة الحفاظ على الأسعار المرتفعة وعدم قناعة معظم المالكين أن سوق العقارات في سورية يشهد حالة من الركود.
فتمسكوا بالأسعار السابقة وخاصة بعد ارتفاع أسعار مواد البناء بعد صدور قرار الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية وعلى رأسها مادة المازوت,اضافة الى الارتفاعات العالمية لمادة النفط والمواد الأولية للبناء,حيث وصل سعر طن حديد البناء في الوقت الحالي ما بين 55 ألف ليرة سورية و60 ألف للطن الواحد وسعر طن الاسمنت بين 6700 ليرة و7000 ليرة .
هذه العوامل برأي أصحاب المكاتب ساهمت بشكل رئيسي في انخفاض الطلب على المساكن,وبقاء اسعارها مستقرة,فالسيد ماهر الخطيب وهو متعهد بناء في بلدة صحنايا رأى أن أسعار المتر 17 ألف ليرة سورية على الهيكل ويمكن أن يرتفع الى 19 ألف كما أن أسعار الأمتار تتراوح في البناء ذاته فسعر المتر طابق أول وثاني فني 18-16 ألف ليرة والأراضي 19 ألف والقبو يتراوح بين 10-11 ألف ليرة .
وسعر المتر في التنظيم بين 25-30 ألف ليرة ويضيف الخطيب: إن اسباب ارتفاع اسعار المساكن يعود بالدرجة الأولى إلى ارتفاع اسعار المواد الأساسية للبناء,الحديد والاسمنت وارتفاع أسعار النقل من الرمل والبحص حيث زادت اسعارها بحدود 60% عن السابق.
وفي جرمانا قال أبو علي ورد صاحب مكتب لتجارة العقارات: إن أسعار المساكن لم تنخفض كثيراً, رغم ما أشيع,بل الفروقات كانت بسيطة,لكن يوجد حالياً حركة جمود في البيع والشراء.
وعن أسعار المساكن أشار أبو علي أن الأمر تابع لكل منطقة ففي شارع البلدية وهي منطقة نظامية سعر المتر يتراوح بين 25-30 ألف ليرة سورية على الهيكل بينما شارع المطار سعر المتر 40-45 ألف ليرة وفي المناطق الشعبية غير المنظمة فالمتر يتراوح بين 14-18 ألف ليرة وحسب الموقع.
لكن هنا تبدو المفارقة كبيرة في أسعار المساكن لدى المناطق التي تشبه مناطق سكن خمسة نجوم,فأسعار أمتارها تبتعد عن الواقع وتتجاوز أسعار أغلى مناطق العالم ففي منطقة تنظيم كفرسوسة سعر المتر الواحد يقدر ب100 ألف ليرة سورية على الهيكل وفي أبو رمانة يصل لحدود 200 ألف للمتر,اذا أسعار هذه المناطق لا تهم الشريحة المستهدفة من المواطنين,أي أصحاب الدخل المحدود لكن الاشارة عليها هو نوع من الاستئناس,لمعرفة أننا نأخذ نقطة تضاف الينا وتدلل على التفوق الذي حصلنا عليه عن الدول الأوروبية في اطار أسعار عقاراتنا..
ربما نكون نحن أمام طفرة في أسعار العقارات لدينا وسرعان ما تنتهي آثارها,وخاصة أن الحكومة جادة في التصدي لمشكلة تأمين السكن لأصحاب الدخل المحدود من خلال المشاريع التي تطرحها سواء السكن الشبابي أو تأمين الأراضي للجمعيات السكنية أو السماح للشركات العقارية بدخول السوق السورية لبناء أكبر عدد من الوحدات السكنية.
لكن تنظيم مسألة العقارات في سورية ما تزال بحاجة الى غطاء قانوني,رغم صدور قانون التنظيم العقاري يهدف لتنظيمها ويوقف علميات المضاربة التي يمكن لمسها حالياً والتالي ساهمت في فقدان الشريحة الأكبر من المواطنين لفرصة الحصول على منزل.
محمد مصطفى عيد
المصدر: الثورة
التعليقات
الوطن بين العامل و العميل
التعليق السابق ممتاز
انهيار المجتمع السوري
في صحة مهندس العمارة
دراسة أسيرة
إضافة تعليق جديد