الجيش اللبناني يبرد الأزمة وسورية ترفض تدويلها
في مواجهة المأزق السياسي والأمني الخطير الذي يعيشه لبنان منذ أربعة أيام، تحركت قيادة الجيش اللبناني أمس، وأطلقت مخرجاً إنقاذياً لتبريد الأزمة، من ثلاثة بنود، تقضي بابقاء رئيس جهاز أمن المطار العميد الركن وفيق شقير في وظيفته، ومعالجة موضوع شبكة الاتصالات “بما لا يضر بالمصلحة العامة وأمن المقاومة”، ومنع المظاهر المسلحة وسحب المسلحين وفتح الطرقات. وقد أعلنت المعارضة والموالاة موافقتهما، وباشر حزب الله وحركة أمل على الفور سحب مقاتليهما من بيروت.
هذه الخطوة الانقاذية التي بادرت إليها قيادة الجيش اللبناني، جاءت عشية الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة اليوم لمناقشة الأوضاع على الساحة اللبنانية والبحث عن حلول لها، وأعلن أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم لن يشارك في الاجتماع وسيمثل سوريا مندوبها في الجامعة العربية يوسف الأحمد، فيما أعلن الرئيس بشار الأسد خلال اجتماعه أمس في دمشق إلى وزير خارجية البحرين “ان سوريا ترفض تدويل الأزمة اللبنانية”.
هذه التطورات جاءت وسط اشتباكات متنقلة في عدد من المناطق اللبنانية امتدت من بيروت إلى عاليه شرقي العاصمة، وطرابلس وعكار ومنطقة البقاع، حيث تحدثت مصادر أمنية عن وقوع زهاء 11 قتيلاً وعشرات الجرحى في هذه الاشتباكات.
وفور صدور بيان قيادة الجيش، أعلنت أحزاب المعارضة أنها ستنهي كل المظاهر المسلحة في بيروت “لتكون العاصمة في عهدة الجيش”. وأضاف بيان لها “ان المعارضة سوف تواصل العصيان المدني لتحقيق مطالبنا التي نراها لمصلحة كل لبنان”.
وقال شهود عيان، ان مقاتلي حزب الله وحركة أمل بدأوا الانسحاب من بيروت بعد بيان قيادة الجيش الذي ألغى قرارات اتخذتها الحكومة بشأن المطار وشبكة الاتصالات، وقد وجهت قيادة الجيش كتاباً إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة طلبت منه إلغاء القرارين.
ولوحظ انه بعد انسحاب المسلحين من الشوارع والغاء المظاهر المسلحة كثف الجيش دورياته في شوارع العاصمة.
ورحب سعد الحريري زعيم تيار “المستقبل” بقرار قيادة الجيش، معتبراً ان هذا الموقف “يفتح الباب أمام المعالجة المطلوبة”، معلناً “الالتزام بمقتضيات ما ورد في البيان”.
وكان رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة شن في كلمة له بعد ظهر أمس هجوماً عنيفاً على حزب الله واتهمه باحتلال بيروت. ودعا إلى صيغة مرحلية للحل تبدأ بوضع القرارات الخلافية في “عهدة الجيش”.
وتضمنت الصيغة عدة بنود أولها “القراران لم يصدرا بعد عن الحكومة وسيصار إلى وضعهما في عهدة قيادة الجيش”، يلي ذلك “انسحاب المسلحين وفتح الطرقات وإزالة الاعتصام ليتولى الجيش وقوى الأمن الداخلي الأمن فوراً وعندها كل مسلح يصبح خارجاً على القانون”.
ورد علي حسن خليل المساعد السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري على السنيورة بالوثائق، وقال “إن المعارضة ماضية في عصيانها المدني حتى تحقيق مطالبها، واعتبار أمن العاصمة في عهدة الجيش”.
وفي المساء، اعلن وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي موافقته على مضمون بيان قيادة الجيش، واعرب عن أسفه لما جرى في مدينة عاليه ضد عناصر من حزب الله ودعا إلى تجنب الفتنة، وأوكل الأمر إلى القضاء. كما اتهمت محطة “المنار” مساء أمس عناصر من الحزب الاشتراكي بخطف حافلتي ركاب تضم نساء واطفالاً في بلدة القرية بالقرب من صوفر (شرق بيروت) وحملت الحزب ورئيسه مسؤولية كاملة عن أي سوء يلحق بهم، وفي وقت لاحق علم أنه تم الافراج عن الحافلتين.
في غضون ذلك، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” النقاب أمس عن ان الإدارة الأمريكية انفقت خلال العام الماضي اكثر من 1،3 مليار دولار لدعم حكومة السنيورة، منها حوالي 400 مليون دولار مخصصة لدعم قوى الأمن، غير ان مساعدات واشنطن لم تنفع بعد أن وضعت قوات حزب الله حكومة السنيورة تحت حصار فعلي.
وقالت الصحيفة إن إدارة بوش كانت تجهد بقوة لتجنيد الدعم الدولي للحكومة اللبنانية.
واعلن مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، أن مشاورات دولية كثيفة ستجرى غداً (الاثنين) حول لبنان بعد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة اليوم.
وقال المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته، إن “مجموعة أصدقاء لبنان” التي تضم خمسة عشر بلداً ومنظمات دولية، قررت عقد مؤتمر عبر الهاتف غداً (الاثنين) لتقويم المرحلة التي بلغناها، وبعد ذلك ندرس امكانية اجراء مشاورات في نيويورك في إطار مجلس الأمن.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد