أحمد خليل آخر ضحايا الاتصالات
ففي نهاية المطاف، وصلت الرسالة، وفهم الجميع أن الوزارة لم تضطلع سوى بدور «الحامل البريء» لـ «محتوى» رسالة الحكومة، في محاكاة لمقولة «ناقل الكفر»..
في المطلق!!.. ليس لدينا ما يكسر النظرية السابقة التي تدلل على فهم الاتصالات الدقيق لمغزى الإعلام، لكن ما يحدث مع المكتب الصحفي في مؤسسة الاتصالات، لربما، يدلل على عدائية مبطنة يكنها «الحامل» إزاء بعض «المحتوى».. ففي الرد الذي نشرته وزارة الاتصالات في أحد المواقع الإلكترونية، حول المادة «65» من قانون العاملين الموحد كمصير حتمي للزميل مدير المكتب الصحفي في المؤسسة، تكون قد دخلت «أي الاتصالات» في دوامة مضطربة لمفهومي «الحامل والمحتوى»، ذلك أن فقرة «عدم جواز العمل في التأليف والنشر أو الكتابة حول أمور تتعلق بوظيفته إلا بموافقة الوزير المختص» المساقة في الرد، لا تنطبق على مدير للمكتب الصحفي في أي مؤسسة، ومنها الاتصالات:
فأولا: لا يمكن احتساب رد رسمي أرسله «مكتب صحفي في مؤسسة»، إلى أحد المواقع بمنزلة «تأليف أو نشر أو كتابة».. ذلك أن المهمة الأساسية والـ «قانونية» لهذا المكتب، تتمثل في مراسلة وسائل الإعلام حول قضايا المؤسسة التي يتبع لها.. كما أن صفة «المخالفة» تقع في حال تجاوزه لإدارة مؤسسته في النشر، وهذا أمر غير دقيق، فالزميل المعني كتب بموافقة شفهية على الأقل، إن لم نقل دفع إليها.. وإلا، فكيف جالت مادته الصحفية على مكاتب المؤسسة لتدقيق معلوماتها..
ثانيا: لا يبقى من التهمة سوى «موافقة الوزير المختص» أي مرجعية المكتب.. وهي مسألة خاضعة للتدقيق، نظراً لإشكالية تبعية المكتب الصحفي في المؤسسة العامة للاتصالات.. تبرهن هذه الإشكالية وجود مكتب صحفي مستقل في المؤسسة، ما يعني أنه مستقل.. ومن جهة ثانية انتفاء تلك الاستقلالية لأن السيد وزير الاتصالات لديه مكتب صحفي خاص به في الوزارة!!.. وهنا علينا أن نسأل: أيهما المكتب الصحفي الصحيح من وجهة نظر القانون الأساسي للعاملين في الدولة ما دامت هرمية النشر تحققت في حالتنا هذه؟
ثالثا: ما دامت المادة التي استند إليها بيان وزارة الاتصالات المنشور في الموقع المذكور، هي ذات المادة التي تم التحقيق بها وأظهرت براءة المتهمين، ومادامت المادة ليست سوى مجموعة من الدفاعات المستميتة عن سياسات الوزارة، أفلا يعني ذلك بأن التلويح بمادة فضفاضة كالمادة «65»، يقصد به غير ذلك المعلن؟
في النهاية، وعطفاً على قضية التثبت من التعليقات الواردة على المواقع الإلكترونية، وحفاظا على «حقوق الناس وكراماتهم» «كما تم تسويغ القرار على لسان السيد الوزير».. أفليس اعتبار «البيان الصحفي، تعليقاً شخصياً ومحتوى طبيعياً، يمكن له أن يكون «قدوة حسنة» تبعد الخوف الذي اعترى معلقي الانترنت بعد صدور القرار، وتلميحا لهم بأن العصا ممسوكة من الوسط؟
وإلا، وبما أن وزراء الحكومة أشخاص عاديون حين يذيلون تعليقاتهم باسمهم، فإن سطرهم للتعليقات الإشكالية على أحد مواقع الانترنت، يتطلب تشريعا من نوع خاص «لحمايتهم» من المحتوى غير المدروس الذي يبثونه، وخاصة إذا ما حمل في طياته «إهانة لأحد ما»؟؟ فمثلا، كيف يمكن التدقيق فيمن قصده وزير الاتصالات والتقانة من وراء تعليقه في أحد المواقع الإلكترونية، حين سطره مؤاخذا: « الاتهامات الأخرى فهي حقيرة لا تجدر الإجابة عليها، «ويأبى اللـه إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون».. وهنا يجب التدقيق في كلمتي «الحقيرة، الكافرون».. وما إذا كانت تطول بعض الأقلام في الصحف الرسمية والخاصة ومواقع الانترنت... الأمر الذي يستدعي التفكير جدياً في مادة (65) جديدة خاصة بالسادة المسؤولين..
علي هاشم
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد