هل يذهب نتنياهو نحو حربٍ إقليمية؟
تتصاعد بوادر حرب إقليمية في منطقة الشرق الأوسط بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على “إسرائيل”، ورد الأخيرة بتهديدات قوية.
يبدو أن “إسرائيل” تستعد لرد عسكري كبير داخل الأراضي الإيرانية بالتنسيق مع الولايات المتحدة، على الرغم من المخاطر المحتملة، خاصة وأنها تخوض حربًا مع حزب الله وتواصل عملياتها العسكرية ضد غزة التي دخلت عامها الثاني.
رغم الشكوك حول قدرة “إسرائيل” على الاستمرار في هذه الحرب المتعددة الجبهات، لا سيما مع الضغط المتزايد على جبهتها الداخلية التي قد لا تتحمل استنزافًا طويلًا، إلا أن بعض المحللين يرون أن تجربة الحرب خلال العام الماضي غيرت الحسابات.
إذ أصبحت “إسرائيل” قادرة على تحمل خسائر فادحة في صفوف جنودها وسكانها، مدفوعة بحالة “القلق الوجودي” التي يغذيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما يدفع الإسرائيليين لتحمل تلك التضحيات، خاصة مع استمرار سقوط قتلى في غزة وعلى الحدود الشمالية.
وفي مقابل التحديات الداخلية، تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى تحصين جبهتها الداخلية من خلال تبني نهج “المقاربة الصفرية للحرب”، حيث تروج لفكرة “إما نحن أو هم”، مما يعزز الشعور بالخطر الدائم ويسمح للحكومة بتبرير التكاليف العالية لاستمرار العمليات العسكرية.
الإسرائيليون باتوا مقتنعين أكثر من أي وقت مضى بأن خسارتهم في هذه الحرب المتعددة الجبهات قد تعني نهايتهم، ولذا عليهم الاستعداد لدفع ثمن اقتصادي واجتماعي كبير.
ومن هنا، تسعى الحكومة إلى تصفية الحسابات مع محور المقاومة، وعلى رأسه إيران، لضمان ألا يشكل هذا المحور تهديدًا لإسرائيل في المستقبل.
السلوك العدواني لإسرائيل تجاه لبنان، والذي يُفسر في إطار سعيها لتحييد حزب الله أو نزع سلاحه على الأقل، يعكس هذه الاستراتيجية التدميرية.
يرى البعض أن “إسرائيل” لم تتعلم من تجاربها السابقة مع حزب الله، لكنها غير قادرة على التعايش مع التهديدات المتواصلة على حدودها الشمالية.
في الوقت ذاته، فإن محاولات “إسرائيل” لإضعاف محور المقاومة لم تحقق الهدف المنشود رغم القوة العسكرية الكبيرة التي استخدمتها في صراعها مع قوى المحور في فلسطين ولبنان واليمن.
لذلك، تسعى اليوم إلى توجيه ضربة مباشرة لإيران التي تعتبرها المحرك الرئيسي خلف هذا التهديد، وتعتقد أن هذه الخطوة قد تضع حدًا لحصار “النار” الذي تفرضه طهران عليها من عدة جهات.
استفزازات “إسرائيل” تجاه إيران، بدءًا من اغتيال قادة المقاومة وصولًا إلى التصريحات العدائية التي أطلقها نتنياهو من منبر الأمم المتحدة، تهدف إلى جرّ إيران إلى مواجهة شاملة، وقد ردت طهران بالفعل بإجراءات عسكرية، ما يزيد من احتمالات اندلاع صراع واسع النطاق.
في ظل هذه الأجواء، تراهن “إسرائيل” على تفوقها العسكري والدعم الأمريكي الواسع، إلى جانب تراجع المواقف العربية الرسمية، لمواصلة نهجها التدميري.
ومع ذلك، فإن نجاح هذا الرهان يعتمد على قدرة الأطراف التي تقاتلها على إجبارها على دفع ثمن باهظ يوقف طموحاتها التوسعية ويعيد التفكير في حساباتها الاستراتيجية.
الميادين
إضافة تعليق جديد