مقاهي دمشق باتت شبه خالية… والمثقفون يحلمون بالهجرة إلى الريف!
لم يعد المثقفون في دمشق يجدون في المدينة ملاذًا لهم، بعدما أصبحت المقاهي تعج بلاعبي النرد وعشاق الأراكيل، فيما باتت حياة المدينة تضيق بهم وسط صخبها وتغيراتها.
اليوم، يحلم العديد منهم بالانتقال إلى الريف، والعيش في مزرعة صغيرة مع قنّ دجاج، بعيدًا عن ضوضاء المدينة وتحديات الحياة اليومية.
الكاتب خليل صويلح ما زال يحرص على زيارة مقهى الروضة بعد الثانية ظهرًا، رغم غياب الكثير من أصدقائه الذين ابتعدوا بسبب الحرب.
الشاعر محمد عضيمة، العائد حديثًا من اليابان، يشارك صويلح هذا الحنين إلى الماضي، حيث يقول: “أزور الروضة لأطمئن على كراسي الخيزران التي ضربها الزمن”.
الحال لا يختلف في مقهى الهافانا، حيث يزور الفنان جورج عشّي المكان بين الحين والآخر لاسترجاع ذكرياته مع من تبقى من الأصدقاء، بينما الشاعر صقر عليشي غيّر عادته في زيارة مقهى الكمال، حيث يأسف لتحول المكان إلى ساحة للاعبي الورق والضوضاء.
يقول صقر بحزن: “سأعود يومًا إلى عين الكروم”.
حلم العودة إلى الريف، رغم بساطته، ليس سهلًا على الكثيرين.
فكثير من مثقفي المدينة لم يرثوا أراضٍ أو ممتلكات، على عكس المثقفين المتحدرين من مدن أخرى، الذين يحلمون بالعيش بين أشجار الزيتون والطيور البسيطة التي تؤمن قوت يومهم.
الفنان حسام نصرة يرى في العودة إلى الريف خيارًا جيدًا بعد أن أرهقته الحياة في دمشق.
“المدينة تغيرت كثيرًا وأصابها الإنهاك، والحرب جعلتنا نبحث عن ملاذ بعيد عن هذا الصخب”، يقول نصرة.
مقاهي دمشق القديمة مثل “الشرق الأوسط” لم تعد كما كانت، حيث باتت الكراسي الفارغة والمسنون الذين يرتادونها تختصر حال هذه الأماكن التي كانت يومًا ما تعج بالحياة والنقاشات الأدبية والفكرية.
وفي ظل هذه التحولات، عاد حمود الموسى، مدير المراكز الثقافية السابق، إلى مدينته الرقة ليهتم بمزرعته وأشجار الزيتون.
الموسى، الذي أسس في الرقة مهرجانًا ثقافيًا كبيرًا، يتمنى أن يعيد الحياة الثقافية إلى المدينة رغم الظروف الصعبة التي تعانيها المنطقة بسبب الحرب.
الحرب التي أثرت على البلاد لم تترك أثرًا فقط على المدن بل حتى على المقاهي والمثقفين.
محمد عضيمة يتساءل: “ماذا يفعل المثقفون في المقاهي في ظل الظروف الراهنة؟ بين غلاء المعيشة وصعوبة التنقل ورحيل الأصدقاء، أصبح الهروب إلى الريف خيارًا معقولًا”.
بالنسبة للكثيرين، مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بديلًا للمقاهي الثقافية، حيث تدور النقاشات بحرية أكبر، ولكنها تفتقر إلى الحميمية التي كانت توفرها اللقاءات المباشرة.
في النهاية، يبدو أن العودة إلى الطبيعة تشكل حلًا للكثير من المثقفين، حيث يرون في الريف مكانًا للهدوء والإبداع بعيدًا عن ضغوط الحياة في المدن.
يحلمون بشجرة، ساقية ماء، وطير أليف، كرمز لحياة بسيطة تمنحهم مساحة للتأمل والإبداع في زمن باتت فيه المدن تضيق بأحلامهم.
إرم نيوز
إضافة تعليق جديد