ما سر اختفاء 221 ألف عامل في عام 2022؟
زياد غصن:
كيفما حاولنا مقاربة وتحليل الأرقام الرسمية سنخرج بإدانة صريحة لسياسات حكومة عرنوس المنتهية ولايتها، لاسيما لجهة فرص العمل المتحققة أو نسب البطالة المتغيرة بين عام وآخر، والتي يمكن التوقف لدى قرائتها عند مجموعة واسعة من التناقضات والاستنتاجات الخطيرة.
ومن بين مجموعة من البيانات الإحصائية الرسمية المتعلقة بواقع قوة سوق العمل لعام 2022، سنختار البيانات المتعلقة بالمتعطلين، والذين قُدر عددهم بحوالي 1.4 مليون متعطل، منهم 16.6% سبق لهم العمل و83.3% لم يسبق لهم العمل.
ولدى إجراء مقارنة بسيطة مع بيانات العام السابق 2021 تبين أن عدد المتعطلين الذين سبق لهم العمل زاد عددهم في العام 2022 بحوالي 102 ألف متعطل، في حين أن عدد المتعطلين الذين لم يسبق لهم العمل تراجع بحوالي 51 ألف متعطل.
ماذا تعني هذه الأرقام؟
يمكن من هذه الأرقام تسجيل ملاحظتين أساسيتين على سياسات الحكومة خلال العام 2022: الأولى أن هناك ما يزيد على 102 ألف شخص فقدوا وظائفهم في العام المذكور، والملاحظة الثانية أن هناك 51 ألف متعطل لم يسبق لهم العمل وجدوا في العام نفسه فرصة عمل، أي بالمحصلة فإن عدد المتعطلين عن العمل عموماً زاد عن العام 2021 بحوالي 50 ألف شخص.
أمام هاتين الملاحظتين لابد من طرح التساؤلات التالية:
-هل فقدان 102 ألف شخص وظائفهم كان نتيجة لتوقف منشآت وشركات عن العمل بشكل كامل أو جزئي أم أن هناك أسباباً أخرى غير اقتصادية؟
-ثم أليست زيادة عدد المتعطلين الذين سبق لهم العمل دليلاً على فشل السياسات الاقتصادية الحكومية في توفير فرص عمل للمواطنين؟
-وهل يؤشر انخفاض عدد المتعطلين الذين لم يسبق لهم العمل بحوالي 50 ألف متعطل إلى أن هؤلاء عملوا بشكل ذاتي على إيجاد فرص عمل لهم لاسيما في القطاع غير المنظم؟ وهل كان لظاهرة الهجرة دور في تخفيض عدد المتعطلين مقارنة بالعام السابق؟
جغرافياً وعمرياً:
بالنظر إلى أن الزيادة التي طرأت على أعداد المتعطلين الذين سبق لهم العمل في العام 2022 كانت كبيرة، إذ وصلت نسبتها إلى حوالي 76% مقارنة بالعام السابق، فإننا سنحاول إجراء مقاربة لواقع بعض المحافظات من حيث المتغيرات التي طرأت على عدد المتعطلين الذين سبق لهم العمل فيها، فبحسب المقارنة التي أجراها “أثر برس” فقد زاد عدد هؤلاء المتعطلين في محافظة ريف دمشق بحوالي 69 ألف متعطل أي ما نسبته حوالي 68% من إجمالي الزيادة المشار إليه سابقاً، وفي محافظة درعا زاد العدد بحوالي 7.3 آلاف متعطل، وفي محافظة طرطوس كانت الزيادة بحوالي 5.6 آلاف متعطل، أما محافظة اللاذقية فقد شهدت على خلاف المحافظات السابق ذكرها تراجعاً في عدد المتعطلين الذين سبق لهم العمل بحوالي 3.5 آلاف متعطل.
ولتوضيح خريطة توزع هؤلاء المتعطلين أكثر، تم إجراء مقارنة بين بيانات عامي 2022 و2021 وفقاً لتوزع المتعطلين على الفئات العمرية، وقد خلصت تلك المقارنة إلى أن الفئة العمرية بين 20-24 عاماً سجلت أكبر زيادة في عدد المتعطلين وقد بلغت حوالي 19.6 ألف متعطل، ثم جاءت الفئة العمرية بين 35-39 عاماً بزيادة قدرها 13.6 ألف متعطل، فالفئة بين 60-64 عاماً بحوالي 1.7 آلاف متعطل، والفئة بين 45-49 عاماً بحوالي 10.6 آلاف متعطل، وبين 40-44 عاماً بحوالي 9.9 آلاف متعطل.
إذاً نحن أمام ظاهرة لم تكن محدودة جغرافيا بمحافظة معينة أو محصورة عمرياً بفئة ما للقول إن الظاهرة طارئة ومؤقتة، فهي تكاد تكون شاملة لمعظم المحافظات والفئات العمرية بنسب مختلفة، وتالياً يمكن القول إنها إحدى النتائج السلبية للسياسات الاقتصادية التي طبقتها حكومة عرنوس، والتي تزامنت مع تداعيات الإجراءات التي اتخذت في العام 2020 لمواجهة انتشار فيروس كوفيد19، والتي أدت إلى توقف عدد من المنشآت عن العمل وهجرة بعض رؤوس الأموال إلى الخارج وعدم رغبة الكثيرين من أصحاب المنشآت بإعادة إصلاحها وتأهيلها وتشغيلها.
وين راحوا:
وتأكيداً على الخلاصة الأخيرة، نشير إلى أنه بموجب مقارنة بيانات العامين المذكورين فإن عدد المشتغلين في العام 2022 تراجع بحوالي 322 ألف مشتغل مقارنة بالعام السابق، وبمقارنة هذا العدد مع الزيادة المتحققة في عدد المتعطلين الذين سبق لهم العمل سنجد أن هناك فارقاً قدره 221 ألف شخص كانوا على لائحة المشتغلين في العام 2021، واختفوا في العام 2022 من لائحة المتعطلين الذين سبق لهم العمل.. فما تفسير ذلك؟
ليس هناك من تفسير سوى واحد من اثنين: إما أنهم سافروا إلى خارج البلاد للعمل والهجرة أو أن تقديرات المكتب المركزي للإحصاء ليست دقيقة.. ونرجو إن كان هناك تفسير منطقي آخر إعلامنا به.
أثر
إضافة تعليق جديد