"أبو الزندين" بالون تركي والأسد: لا تنازل عن أي حق
لم يكن إعلان افتتاح معبر “أبو الزندين” قرب مدينة “الباب” في ريف حلب الشمالي الشرقي حدثاً جديداً، فقد تم الإعلان عنه عدة مرات من قبل.
ومع ذلك، يبدو أن هذه المرة تحمل طابعًا مختلفًا تمامًا بسبب الظروف السياسية والميدانية المحيطة بها، وما أعقبها من تطورات هامة.
يُعد معبر “أبو الزندين” من أهم المعابر التجارية التي تربط المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية بالمناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات المدعومة من تركيا.
هذا المعبر كان بمثابة شريان اقتصادي يخفف من الضغوط المعيشية على المدنيين في كلا المنطقتين، حتى قررت “الحكومة السورية المؤقتة” المدعومة من أنقرة إغلاقه مع عدة معابر أخرى في المنطقة، بحجة الحظر الصحي إثر انتشار وباء كورونا عام 2020.
رغم المحاولات المتكررة لإعادة فتح المعبر، إلا أنها لم تصمد لأكثر من ساعات قليلة، كان آخرها في نهاية شهر يونيو الماضي، بعد سلسلة من الاجتماعات بين مسؤولين أمنيين من روسيا وتركيا.
يكتسب افتتاح المعبر هذه المرة أهمية خاصة، حيث يراه البعض في شمال سوريا كاختبار لمدى جدية تركيا في تحسين علاقاتها مع دمشق، وهو موضوع حظي بتصريحات مكثفة من قبل المسؤولين الأتراك خلال الأشهر الماضية، بما في ذلك تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
ومع ذلك، يعكس الوضع تعقيداً كبيراً في هذه المنطقة التي تشهد تواجد ملايين المدنيين وعشرات الآلاف من المسلحين المنقسمين بين فصائل مختلفة ذات ولاءات وأهداف متباينة.
ويعتبر هذا التعقيد عائقًا كبيرًا أمام أي محاولة تركية جادة لحل النزاع.
وعلى الأرض، أصدر “المجلس المحلي في مدينة الباب” قرارًا بفتح معبر “أبو الزندين” كمعبر تجاري رئيسي، بهدف تحسين الظروف المعيشية للسكان وتعزيز النشاط الاقتصادي.
لكن هذا القرار لم يصدر عن “الحكومة المؤقتة”، وأثار احتجاجات واسعة فور بدء الشاحنات بالعبور، حيث اعتبر المحتجون أن فتح المعبر يعد تطبيعًا مع الدولة السورية وخيانة لما يسمونه “ثورتهم”.
لم تقتصر الاحتجاجات على رفع الشعارات فقط، بل تخللتها أيضًا أعمال عنف مثل سقوط قذائف صاروخية في محيط المعبر، مما أدى إلى وقوع إصابات بين المحتجين وعناصر “الشرطة العسكرية” التابعة لفرقة “السلطان مراد” التي تتولى حراسة المعبر.
من جانبها، لم تصدر تركيا تعليقًا رسميًا على الأحداث حتى الآن، واكتفت بعض وسائل الإعلام التركية بالإشارة إلى أن أنقرة غاضبة وستحاسب المسؤولين عن هذه الأحداث.
في المقابل، جاء خطاب الرئيس بشار الأسد أمام مجلس الشعب ليؤكد على مواقف سوريا الثابتة تجاه تركيا، موضحًا أن سوريا تطالب بسيادة كاملة على أراضيها ورفض أي شكل من أشكال الإرهاب المدعوم من الخارج.
في النهاية، فإن فشل افتتاح معبر “أبو الزندين” يعد أكثر من مجرد حادث محلي، بل هو اختبار للسياسات التركية في الشمال السوري، وقد يكون مقدمة لمزيد من الصراعات الداخلية بين الفصائل المسلحة هناك.
الميادين
إضافة تعليق جديد