سياسات حكومية معكوسة تفاقم الأزمة المالية
واحدة من الأخطاء الاقتصادية القاتلة التي ارتكبتها الحكومة الحالية، وحذرنا منها مراراً وتكراراً، أنها أعطت الأولوية للسياسة المالية على حساب السياسة التنموية والاجتماعية، فيما يفترض أن يحدث العكس تماماً.
وهذا التوجه تجسد في جميع الإجراءات والمشاريع الحكومية التي نفذت على مدار السنوات الثلاث أو الأربع الماضية.. من تقليص نفقات الدعم بشكل عشوائي إلى سياسة الجباية العمياء فرفع أسعار السلع والخدمات الرئيسية وما إلى ذلك.
ولعل من أهم مؤشرات سطوة السياسة المالية على الفكر الحكومي أن المؤسسات والمسؤولين باتوا يقيمون بناء على معيار واحد فقط هو ما يحققونه من إيرادات وأرباح، لا بل إن هذا المعيار أصبح يشفع لصاحبه ارتكابه أي أخطاء أو مخالفات أو تجاوزات.
وهذا ما أوصلنا إلى مرحلة يتم فيها تأجير المناطق و المواقع الأثرية وتحويلها إلى صالات أعراس، طرح المدارس الحكومية للاستثمار الخاص، والسماح للقطاع الخاص بتمويل البرامج والمشروعات المعنية بتشكيل الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. وغير ذلك.
نعلم أن هناك تراجعاً كبيراً في الإيرادات العامة، لكن حل ذلك لا يكون بالتخلي عن المسؤولية التنموية والاجتماعية للدولة، والسعي لتحقيق إيرادات بأي طريقة ممكنة..
منذ أن انحسرت الحرب عن مساحة واسعة من البلاد قلنا: إن استقرار الوضع الاقتصادي مرتبط بالنجاح على إعادة تشغيل معاملنا ومصانعنا، وزراعة حقول وبساتيننا، ونشر ثقافة المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وهذا هو الحل الوحيد لمشكلة تراجع إيرادات الخزينة العامة... لا بتأجير قلعة دمشق أو منح مستثمر مدرسة حكومية في دمشق أو افتتاح فندق ومطعم...الخ.
لو أن هناك أسرة تعاني من محدودية دخلها... هل الأجدى لها لزيادة دخلها أن تؤجر غرف منزلها ومطبخها أو أن تحول إحدى الغرف إلى مشغل خياطة أو مطبخ صغير لتجهيز المواد الأساسية للمطاعم؟
في فكر حكومتنا، التي تحولت مؤخراً إلى تصريف أعمال، الأجدى لهذه الأسرة أن تصوم عن الأكل والشراب...كما فعلت هي بكثير من السوريين.
دمتم بخير
زياد غصن - شام إف إم
إضافة تعليق جديد