مع عودة الطيران السوري إلى الأجواء العربية: كيف سيتأثر مطار رفيق الحريري في بيروت؟
في خطوة مهمة، قررت عدة دول عربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، إعادة فتح أجوائها أمام الرحلات الطيران السورية، منهية بذلك حظرًا دام أكثر من 12 عامًا بسبب التوترات الناتجة عن الحرب في سوريا.
هذا القرار يمثل تطورًا مهمًا للطيران المدني السوري، ولكنه يثير أيضًا تساؤلات حول التأثيرات المحتملة لمطار بيروت إذ شكّل هذا المطار، طيلة فترة الحرب السورية، شريانا حيويا للسفر والشحن إلى سوريا، حيث اعتمد الكثير من السوريين عليه كنقطة عبور رئيسية.
وفي حزيران/يونيو من العام الماضي أعلن مدير عام الطيران المدني في سوريا، باسم منصور، أن منظمة الطيران المدني العربية، التابعة للجامعة العربية، أعلمت الجانب السوري بعودة كامل نشاطاتها وفعالياتها، وذلك بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
تأثيرات ذلك على مطار رفيق الحريري في بيروت
يثير قرار إعادة فتح الأجواء العربية أمام الطيران المدني السوري، العديد من التساؤلات بشأن تبعات ذلك على حركة المسافرين والشحن عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، إذ شكّل هذا المطار، طيلة فترة الحرب السورية، شريانا حيويا للسفر والشحن إلى سوريا، حيث اعتمد الكثير من السوريين عليه كنقطة عبور رئيسية، مما ساعد في تعزيز الحركة الاقتصادية في لبنان، خصوصا في قطاعي الطيران والسياحة.
من جانبه، يحذر الصحفي المتخصص بالشأن الاقتصادي، خالد أبو شقرا، من تطورين أساسين يؤثران على لبنان، هما “أولا: عودة الطيران الخليجي إلى #سوريا، “فمع استئناف الرحلات الجوية بين سوريا ودول الخليج، سينخفض عدد المسافرين الذين يتجهون إلى لبنان منذ عام 2011 حتى عام 2023 كبوابة عبور إلى سوريا، مما سيؤثر سلبا على إيرادات المطار”وفقا لما نشره موقع " هاشتاغ" المحلي.
وسبق أن كشف حمية، أن إيرادات المطار تناهز نحو 250 مليون دولار سنويا، و أن كل إيرادات المطار يجرى تحويلها إلى الخزينة العامة.
أما التطور الثاني، بحسب أبو شقرا، فهو انتهاء مفاعيل قانون قيصر في 17 حزيران/يونيو الماضي، الذي فرض كما يقول “عقوبات اقتصادية على سوريا منذ عام 2019، مما دفع بالعديد من السوريين إلى الاعتماد على لبنان لاستيراد السلع، بما في ذلك النفط والسيارات”.
ومع انتهاء مفاعيل قانون قيصر، لا يزال من غير الواضح، وفقا لما يقوله أبو شقرا “ما إذا كانت العلاقات التجارية السورية مع الخارج ستعود إلى ما كانت عليه قبل عام 2019، لكن من المتوقع أن تنخفض عمليات الاستيراد عبر مطار رفيق الحريري الدولي، مما سيؤثر على إيراداته من الرسوم الجمركية”.
ويشير أبو شقرا إلى أن حركة المطار ومدخوله مهمان جداً للاقتصاد اللبناني، “خاصة بعد رفع الرسوم وفرض رسوم بالعملة الصعبة على الوافدين والمغادرين”.
وأشار إلى أن “المطار يوفر كميات كبيرة من العملة الصعبة من شركات الطيران والمسافرين، وتبعا لذلك أي تراجع في حركة المطار سيؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد اللبناني في ظل الأزمات التي تمر بها البلاد”.
حركة الركاب السوريين في مطار رفيق الحريري في بيروت
تشير البيانات المنشورة على موقع البنك الدولي إلى زيادة ملحوظة في أعداد الركاب في مطار رفيق الحريري الدولي منذ بداية الحرب السورية عام 2011. وفي ذلك العام، بلغ عدد الركاب في مطار بيروت 2,029,610، ليرتفع العدد في العام 2012 إلى 2,148,669.
واستمرت الزيادة في السنوات التالية، حيث سجل عام 2015 عدد ركاب بلغ 2,591,297، ثم وصل العدد إلى 3,164,358 في عام 2019.
بعدها تراجع العدد نتيجة جائحة كورونا، إذ سجل 1,077,762 راكب في عام 2020، ليعود ويصل في عام 2021 إلى 1,603,134، وفقا لآخر تحديث متاح على الموقع.
وشهد العام 2023 وفق الوكالة الوطنية للإعلام، زيادة ملحوظة في عدد الركاب الذين استخدموا مطار رفيق الحريري الدولي، إذ بلغ إجمالي المسافرين 7,127,649 راكبا، مقابل 6,349,967 راكبا، في العام 2022، بزيادة فاقت 12%.
من ناحية أخرى، شهد مطار دمشق الدولي تراجعا كبيرا في عدد المسافرين والعابرين خلال السنوات الماضية، وفقا للبيانات المنشورة على موقع البنك الدولي، إذ بلغ عدد المسافرين في عام 2011 من وإلى المطار 1,433,766 مسافرا، وانخفض العدد إلى 17,902 مسافر في عام 2015.
وفي عام 2019، سجل المطار استخدام 18,456 مسافرا، أما في آخر تحديث متاح على الموقع لعام 2021، سجلت حركة الركاب 672,219 مسافرا.
نمو حركة المسافرين في مطار بيروت
وفيما يتعلق بتأثير عودة الطيران السوري إلى الأجواء العربية على مطار رفيق الحريري في بيروت، توضح أستاذة إدارة الطيران في جامعة ساري البريطانية، الدكتورة نادين عيتاني أن “لبنان سيستعيد حصته الطبيعية من حركة النقل الجوي، فمنذ إغلاق المطارات السورية عام 2012، تحول جزء كبير من حركة النقل الجوي إلى مطار بيروت كوجهة نهائية للعديد من المسافرين المتجهين إلى سوريا”، بحسب ما نقله موقع “الحرة”.
لذا، تشدد على أن المشاريع التوسعية لمطار بيروت يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أن جزءا كبيرا من نمو حركة المسافرين مرتبط بالسوق السوري. ورغم أن حركة الركاب السوريين في مطار رفيق الحريري الدولي كبيرة، كما يؤكد المدير العام للطيران المدني، المهندس فادي الحسن، يوضح الحسن للموقع المذكور أنه “من المبكر الحديث عن تأثير استئناف الرحلات الجوية العربية إلى سوريا قبل معرفة الشركات التي ستسير هذه الرحلات”.
تحديات شركات الطيران السورية
إضافة إلى ذلك، فإن استئناف الرحلات الجوية بين سوريا والدول العربية لا يزال محدودا، كما تقول، الدكتورة نادين عيتاني “حيث لم تستأنف شركات الطيران الخليجية رحلاتها إلى المطارات السورية بعد”.
وتواجه شركات الطيران السورية، بحسب ما تقوله عيتاني: “تحديات كبيرة في الفترة الحالية، مما يحد من قدرتها على الاستحواذ على حصة كبيرة من سوق مطار بيروت”.
وأرجعت ذلك إلى محدودية عدد الطائرات العاملة، إذ “يتكون أسطول الطيران السوري من 15 طائرة، 9 منها فقط في الخدمة من بينها 5 طائرات ركاب وطائرتي شحن وطائرتين رئاسيتين، هذا العدد القليل من الطائرات يحد من قدرة الشركة حاليا على المنافسة في سوق النقل الجوي”.
وتشرح عيتاني “3 من طائرات الركاب التي في الخدمة من طراز ايرباص، والبعض من الطائرات روسية الصنع، متوسط عمرها التشغيلي حوالي 45 عاما، وهي تعاني من مشكلات في الصيانة نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا، مما يعيق استقبالها في بعض المطارات.”
وتشير إلى وجود مشاريع مستقبلية تهدف إلى توسيع وتحسين أوضاع شركة الطيران السورية والمطارات في سوريا، “خاصة بعد عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية”، متوقعة أن يشهد هذا القطاع تحسنا ملحوظا في المستقبل مع عودة شركات الطيران العربية والأجنبية لتسيير رحلاتها إلى سوريا.
هاشتاغ
إضافة تعليق جديد