تفاؤل تركي بالوساطة الجديدة: حان وقت المصالحة
في مطلع هذا الشهر، أعادت صحيفة “آيدينلق” التركية إشعال النقاش حول إمكانية المصالحة بين تركيا وسوريا، حيث ذكرت أن اجتماعًا تم بين ممثلين عن البلدين في قاعدة حميميم الروسية في سوريا، وأنه من المقرر عقد اجتماع آخر في بغداد، حيث يلعب رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، دور الوسيط.
وبينما نفت صحيفة “الوطن” السورية وقوع هذا اللقاء، إلا أنها أشارت إلى أن عملية التقارب بين البلدين ما زالت مستمرة، وأن بغداد تلعب دورًا مهمًا في هذا السياق.
من جهة أخرى، أعرب الرئيس السوري، بشار الأسد، خلال لقائه المبعوث الرئاسي الروسي، ألكسندر لافرنتييف، عن موقفه “الإيجابي والمنفتح” تجاه أنقرة، مؤكدًا على ضرورة أن تكون أي مبادرة تجاه تركيا مبنية على احترام سيادة الدولة السورية ومحاربة الإرهاب.
تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، جاءت هي الأخرى مفاجئة، حيث أعلن بعد صلاة الجمعة الماضية، أنه “لا يوجد أي عائق يمنع إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا”، مؤكدًا أنه ليس لدى تركيا نية للتدخل في الشؤون الداخلية السورية، وأشار إلى أن العلاقات مع الأسد كانت جيدة في الماضي، ولا يوجد ما يمنع من إعادتها إلى سابق عهدها.
في مقال له في صحيفة “آيدينلق”، تناول محمد يوفا تاريخ العلاقات بين تركيا وسوريا، حيث كانت سوريا تُعتبر في الخمسينيات “معقلًا للدعاية الشيوعية”، رغم أن بعض حكامها كانوا من أصول تركية مثل شكري القوتلي.
وأشار إلى أن العلاقات تحسنت بعد اتفاقية أضنة عام 1998، حيث أصبحت الدولتان تعملان كـ “أمة واحدة وسوق واحدة”.
وأوضح يوفا أن تركيا كانت ترى نفسها قوة مميزة في الناتو، لكن التطورات الأخيرة أظهرت أن السياسة الخارجية المتوازنة التي تنتهجها تركيا في الآونة الأخيرة، بما في ذلك المصالحة مع مصر والعراق والتقارب مع روسيا وإيران، ليست مقبولة لدى الولايات المتحدة وحلف الناتو، اللذين يضغطان على تركيا للوقوف بجانبهما أو ضدهما.
من جهته، أشار سركان فيتشيجي في صحيفة “أقشام” إلى أن القضية الكبرى بالنسبة لتركيا هي سوريا، مشيرًا إلى أن هناك فرصًا للاستفادة من التقارب بين البلدين.
وأكد أن هناك إشارات قوية من سوريا، وأن الفترة المقبلة قد تشهد انطلاقة جديدة في العلاقات.
وحدد فيتشيجي المشكلتين الرئيسيتين بين البلدين بـ “إرهاب حزب العمال الكردستاني” وقضية “اللاجئين”.
وأشار إلى أن سوريا جاهزة للتعاون وروسيا داعمة، بينما الولايات المتحدة مشغولة بأمور أخرى، مما يوفر ظروفًا مواتية للمصالحة.
في نفس السياق، كتب مليح ألتين أوك في صحيفة “صباح” أن الرسائل الإيجابية المتبادلة بين الأسد وإردوغان تثير النقاش حول مستقبل المنطقة.
وذكر أن احتمالية انسحاب القوات الأمريكية من شرق الفرات، كما حدث في أفغانستان، قد تؤدي إلى تغيرات كبيرة في المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بمستقبل قوات سوريا الديمقراطية.
واعتبر أن افتتاح معبر أبو زندين بين دمشق والمعارضة خطوة مهمة نحو تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، مما قد يقلق الأطراف المتضررة من هذا التقارب، وخاصة “حزب المساواة والديمقراطية للشعوب” في تركيا.
ad
وفي تصريح لصحيفة “آيدينلق”، أكد المختص في العلاقات الدولية، حسن أونال، أن تصريحات الأسد وإردوغان تعكس تراجع السياسات الخاطئة السابقة.
وأشار إلى أن الأسد أظهر مرونة في تصريحاته، بينما أوضح إردوغان أنه لا يتدخل في الشأن الداخلي السوري. وأكد أونال أن التقارب بين البلدين يتطلب تطوير سياسات لإعادة اللاجئين ومحاربة الإرهاب والانسحاب التدريجي من سوريا.
أما خبير السياسات الأمنية، جوشكون باشبوغ، فقد أشار إلى أن احتمال اندلاع حرب عالمية بدءًا من لبنان دفع روسيا للضغط من أجل تحقيق مصالحة بين تركيا وسوريا.
وأكد أن هناك إمكانية لتنظيم اجتماعات على مستوى الوزراء والرؤساء، ومن ثم تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة لمكافحة الإرهاب.
وأعرب باشبوغ عن اعتقاده بأن التعاون بين تركيا وسوريا والعراق وإيران قد يضعف الوجود الأمريكي في المنطقة.
باختصار، هناك إشارات متزايدة من الجانبين التركي والسوري على استعدادهم للتقارب وتحقيق المصالحة، مع وجود عوامل إقليمية ودولية تساعد في تهيئة الظروف لذلك.
الأخبار
إضافة تعليق جديد