الدفاترالوسخة

29-06-2024

الدفاترالوسخة

قبل حوالي سبعة عشر عاماً تقريباً، داهمت إحدى دوريات حماية المستهلك مستودعاً في ريف دمشق مليئاً باللحوم الفاسدة، وكان من بين الوثائق المضبوطة دفتر صغير مدون عليه أسماء بعض الزبائن من مطاعم وأشخاص كانوا يشترون تلك اللحوم.

تذكرت هذه الحادثة، التي  نشرناها آنذاك في الصفحة الاقتصادية في صحيفة تشرين الحكومية، وأنا استمع مؤخراً للحديث المتداول عن ضبط بعض المتورطين في عمليات غِش امتحانية، وهم يتقاسمون حصتهم من "الغلة" المدونة في دفتر يحتوي على مجموعة من القصاصات الورقية.

وللأسف فإن محتويات مثل هذه الدفاتر تبقى دوماً سرية، فعندما حاولنا سابقاً معرفة أسماء المنشآت السياحية التي تستجر لحوماً فاسدة قيل لنا أنه علينا أن ننتظر قراراً قضائياً بإدانة المتورطين والمتهمين في هذه القضية، وهذا أيضاً ما يحول دون معرفة محتويات كثير من دفاتر تقاسم "غلة" الرشاوى والسرقات والمنافع غير المشروعة... وما أكثر تلك الدفاتر اليوم.

هناك نوع آخر من الدفاتر موجودة لدى بعض أصحاب الأعمال، يسجلون فيها المبالغ التي يضطرون إلى دفعها بشكل غير مشروع بغية إنجاز معاملاتهم وتسيير أمورهم وأعمالهم، ونادراً جداً ما يتم ضبط مثل هذه الدفاتر أو تسليط الضوء عليها نظراً لحرص أصحاب الأعمال على إخفائها بعيداً عن أعين موظفي الضرائب والتموين والجمارك.

لا أخفيكم أنني حاولت سابقاً جمع بعض المعلومات التفصيلية عن تلك الدفاتر، لكن معظم من التقيتُهم فضلوا الصمت كي لا تتضرر مصالحهم وأعمالهم، أو يتعرضون لعمليات انتقام من نوع ما.

ومع ذلك فإن محاولة التكتم على مثل تلك الدفاتر لا ينفي وجودها، ولا يعني أن عددها قليل ومحدود... وتالياً ينبغي عدم تجاهلها، فهي بمنزلة صندوق أسود يجب فتحه لمعرفة ما فيه، وإلا فإن هذا الصندوق سيستمر في التضخم حتى  يصبح إقفاله عملية... مستحيلة!

دمتم بخير

زياد غصن - شام إف إم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...