تفاصيل المساعي الأوروبية لإعادة سورية إلى الأسرة الدولية
لا ريب أن عودة سورية إلى الأسرة الدولية بات أمرًا محسومًا، بناء على معطياتٍ تؤكد هذا الأمر، أبرزها:
أولًا: بداية الانفتاح الأوروبي على سورية، وإن يكن بوتيرةٍ بطيئةٍ، لكنه يمضي قدمًا يومًا بعد يوم. ومعلوم أن بعض الدول الأوروبية حاولت منذ العام 2014، تفعيل علاقاتها مع دمشق من البوابة الأمنية، غير أن الحكومة السورية رفضت ذلك، واشترطت على الأوروبيين وسواهم، ممن طرقوا هذه البوابة، عودة العلاقات السياسية أولًا، بحسب تأكيد مصادر عليمة ومتابعة لمجريات الأمور.
وفي هذا السياق، تكشف معلوماتٍ موثوقةٍ أن “عددًا من الدول الأوروبية وفي طليعتها: اليونان، بلغاريا، إيطاليا، وسواها تمارس الضغوط على باقي دول الاتحاد، لفتح باب العلاقات مع سورية”.
أمام هذا المتغيّر السياسي، تلفت المعلومات إلى أن “أبواب التعاون الأمني فتحت قليلًا بين دمشق والقارة العجوز، كونه تلا مرحلةً جديدةً من إعادة التعاون السياسي”.
ثانيًا: التحرك العربي الواضح باتجاه سورية، ويبدو ذلك جليًا بعد تعيين المملكة العربية السعودية سفيرًا أصيلًا لها في دمشق في الأسابيع الفائتة، بعد انقطاع للعلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، دام نحو أثني عشر عامًا، إثر بداية الحرب الكونية على سورية.
ثالثًا: تبدّل الموقف الأميركي حيال دمشق: “لا ريب أنه لا يزال متصلبًا، ولكن لم يعد متصلبًا جدًا”، بحسب تأكيد مرجع قيادي في العاصمة السورية.
فالتطور في موقف واشنطن هذا لم يعد خافيًا على أحد، بعدما كشف الرئيس السوري بشار الأسد، في مقابلةٍ متلفزةٍ، أجراها معه وزير الخارجية الأبخازي إينال أردزينبا في القصر الرئاسي، في الأسابيع الفائتة، عن لقاءات تجري بين الحين والآخر مع الأمريكيين، من دون أن يوضح التفاصيل.
ويجدد المرجع المذكور موقف بلاده المنفتح على كل الدول التي ترغب بإعادة تفعيل علاقاتها السياسية والدبلوماسية في سورية، على أن تكون هذا العلاقات مبينةً على احترام السيادة السورية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وذلك وفقًا لما جاء في البيان الختامي للقمة العربية الأخيرة في البحرين، الذي يؤكد على رفض التدخل في شؤون سورية الداخلية، وأي محاولاتٍ لإحداث تغييراتٍ ديمغرافيةٍ فيها.
وفي الوقت عينه “لدى القيادة السورية كل الحرص، على لم شمل السوريين، وإعادة من خرجوا على سلطة الدولة إلى حضن الوطن في سياق سياسية مد اليد التي انتهجتها هذه القيادة لتحقيق المصالحة الوطنية، بعيدًا من كل أشكال المقايضة السياسية، أو إرضاءً لأي جهةٍ خارجيةٍ، تسعى إلى فرض حالة نفوذٍ لها في الداخل السوري، عبر بعض قوى الأمر الواقع المؤقتة والمرتهنة للخارج”، يجزم المرجع.
من هنا، يلفت إلى أن “التواصل قائم بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، خصوصًا في المجال الخدمي، كإيصال القمح والحبوب إلى المناطق التي تخضع لسيطرة قسد راهتًا، كذلك مد هذه المناطق بالكهرباء والمياه عبر شبكات وقنوات الدولة، فهي مناطق سورية، ومواطنيها هم من السوريين”، على حد قول المرجع.
ويكشف أيضًا أن “التواصل السياسي مع قسد قائم أيضًا”. ويقول: “كلما شعرت بالخطر على وجودها تدق أبواب دمشق”.
ويعتبر المرجع أن “فصيل قوات سوريا الديموقراطية في مأزق راهنًا، وذلك بعد حشد أنقرة لقواتها في المناطق الحدودية مع سورية، استعداداً لتوجيه ضربةٍ قويةٍ لهذا الفصيل، لذا ليس أمامه إلا العودة إلى حضن الوطن، فالدولة وحدها التي تؤمّن الضمان لحمايته” على حد تعبيره.
وفي إطار الجهود التي تبذلها السلطات السورية لمكافحة الإرهاب، يكشف المرجع: “أن القوات السورية بالتعاون مع القوات الروسية توجه ضربات قاسية ضد بقايا تنظيم داعش الإرهابي في البادية السورية، في مناطق دير الزور وتدمر باتجاه التنف، وهذا التحرك الميداني يعزز قوة الحكومة السورية على أراضيها كافة”. ويختم بالقول: “نحن في إطار تعميق الانتصار التراكمي، أي مرحلة بعد مرحلة”.
في المحصلة، لا ريب أن هناك تحرك لإعادة سورية إلى “الأسرة الدولية”، لكن مرحلة تلوى الأخرى، وليس دفعةً واحدًة، ورغم ان مختلف الأطراف الخارجيين يطالبون دمشق، بالبدء بالعملية السياسية، لكنها أكدت مرارًا أن “الشعب السوري وحده المسؤول عن النظام السياسي للدولة السورية، ولا يمكن أن تتعاون مع أي دولةٍ أخرى، بشروط معيّنةٍ”. فهذا موقف سوري ثابت أكده الرئيس الأسد في القمة العربية التي انعقدت في مدينة جدة في السعودية العام الفائت.
الثبات
إضافة تعليق جديد