هل باستطاعة واشنطن التعامل مع حربين في وقت واحد؟
هل تحتاج الولايات المتحدة إلى تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة أكثر من حرب كبرى في الوقت نفسه؟ هذا السؤال الذي طرحه الكاتب مايكل أوهانلون في صحيفة “ناشيونال إنترست”.
بحسب العقيدة الرسمية للبنتاغون، فإن الولايات المتحدة ليست مجهزة حاليًا لخوض أكثر من حرب كبرى في وقت واحد. ويمكن التفكير في محور يضم روسيا وكوريا الشمالية وإيران والصين، مما يثير القلق من احتمال نشوب صراع مع إحدى هذه الدول، في حين قد تقوم دولة أخرى باستغلال الوضع لشن هجوم على الولايات المتحدة.
القدرة على خوض حربين في الوقت ذاته
خلال فترة الحرب الباردة، كانت الولايات المتحدة تستهدف أن تكون قادرة على خوض حرب كبرى مع حلفائها في الناتو ضد الكتلة السوفييتية في أوروبا، إضافة إلى صراع آخر في مناطق أخرى مثل كوريا أو فيتنام.
في ذلك الوقت، كان حجم الجيش الأمريكي أكبر بنسبة 60% مما هو عليه الآن.
بعد سقوط جدار برلين في عام 1989، خفضت الولايات المتحدة قواتها المسلحة لكنها استمرت في التخطيط لقدرة خوض حربين في نفس الوقت، ومع ذلك، كان ذلك يتضمن مواجهة خصوم أقل قوة مثل العراق وإيران وكوريا الشمالية وربما سوريا
على أرض الواقع، خاضت الولايات المتحدة حربين متداخلتين لعدة سنوات في العراق وأفغانستان.
وعلى الرغم من اختلافهما عن السيناريوهات النموذجية المخطط لها، إلا أن هذه الحروب كانت طويلة الأمد ومتوسطة الحجم، على عكس الحرب القصيرة والكبيرة مثل “عاصفة الصحراء” عام 1991.
نتيجة لذلك، تركزت الجهود الأمريكية على ذروة الحروب، مع التركيز على العراق خلال فترة الرئيس جورج دبليو بوش، وأفغانستان خلال الولاية الأولى للرئيس أوباما.
منذ عام 2015، تغيرت الأمور مجددًا بدأ المخططون في البنتاغون، بقيادة وزير الدفاع أشتون كارتر ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، في اعتماد إطار تهديد “4 + 1” الذي يضم روسيا والصين إلى جانب إيران وكوريا الشمالية كتهديدات رئيسية.
ومن ثم، أعطى البنتاغون، تحت قيادة وزير الدفاع جيم ماتيس خلال إدارة ترامب، الأولوية لروسيا والصين، بينما استمرت إدارة بايدن في اتباع استراتيجية دفاع وطني مشابهة.
وفقًا للعقيدة الرسمية، يجب أن يكون الجيش الأمريكي قادرًا على تنفيذ المهام التالية في الوقت نفسه:العمل مع الحلفاء لقتال وهزيمة الصين أو روسيا (وليس كليهما في نفس الوقت) في صراعات تتمحور حول غرب المحيط الهادي أو أوروبا الشرقية.
الدفاع عن الوطن الأمريكي والحفاظ على الردع النووي.
ردع كوريا الشمالية وإيران دون تفاصيل دقيقة عن كيفية ذلك.
الاستمرار في مكافحة التنظيمات المتطرفة عبر الحدود كجزء من “الحرب على الإرهاب”، مما يعني فعليًا أنها حرب واحدة فقط.
قبل أن نتجه لتعزيز كبير في الدفاع، يجب أن نأخذ في الاعتبار بعض التحديات. رغم أن ميزانية الدفاع الأمريكية التي تبلغ نحو 900 مليار دولار تتجاوز ذروة الإنفاق في الحرب الباردة وتفوق ثلاث مرات ميزانية الصين وست مرات ميزانية روسيا، إلا أن العجز الفيدرالي السنوي الكبير يشكل تحدياً كبيراً.
إضافة إلى ذلك، يعاني الجيش من صعوبة في التجنيد وملء القوام المطلوب للقوات، كما تواجه الخدمات الأخرى صعوبات في تحقيق أهدافها.
تركز إدارتا ترامب وبايدن على تحسين جودة القوات المسلحة بدلاً من زيادة حجمها. وتركز مخططات الدفاع على تعزيز القدرات العسكرية الفتاكة، والقدرة على البقاء، والاستدامة، والمرونة، والقدرة على التكيف مع التغيرات التكنولوجية السريعة.
من المهم تعزيز الردع ضد العدوان المتزامن من أي خصم محتمل يتعين على الولايات المتحدة التأكد من امتلاكها للقدرات الأساسية الكافية لمواجهة أي من الخصوم الأربعة المحتملين (الصين، روسيا، إيران، وكوريا الشمالية).
وبالتعاون مع الحلفاء، يمكن منع أي عدوان سريع وناجح حتى مع تركيز معظم القوات على حرب واحدة كبيرة.
تخطيط الحروب المتعددة لا يساعد فقط في مواجهة الحروب بشكل أكثر فعالية، بل يساهم أيضاً في خلق احتياطي استراتيجي من الذخائر والأسلحة.
ومن خلال إنتاج ونشر الذخائر بكميات كبيرة في مسارح خارجية رئيسية، تستطيع الولايات المتحدة التحوط ضد أي حرب طويلة الأمد أو تتطلب كمية أكبر من الأسلحة مما هو متوقع.
من بين القدرات الإضافية التي قد تكون مطلوبة لدعم هذه الاستراتيجية، يمكن ذكر:
سربان من الطائرات المقاتلة من “الجيل الخامس” لمواجهة كوريا الشمالية.
غواصات غير مأهولة في غرب المحيط الهادي مجهزة بصواريخ مضادة للسفن لمساعدة تايوان.
طائرات الرفع العمودي المتمركزة في أوكيناوا لدعم الدفاع عن تايوان.
أنظمة دفاع صاروخي للشرق الأوسط لمواجهة التهديدات الإيرانية.
لواء من القوات البرية الأمريكية مدعوم بالطائرات المقاتلة والمروحيات الهجومية في دول البلطيق لردع روسيا.
رأي اليوم
إضافة تعليق جديد