القنيطرة: تحركات إسرائيلية مشبوهة!
سمع أبناء محافظة القنيطرة جنوبي سوريا في الأربعة أشهر الفائتة، أصوات انفجارات متكررة من جانب الجولان السوري المحتل، كان آخرها يوم الأربعاء الفائت ترافقت مع توغل بري لقوات الاحتلال الإسرائيلي إلى داخل الأراضي السورية مصحوبة بالجرافات والدبابات، ما أثار تساؤلات عدة حول طبيعة هذه التحركات وماهيتها.
وأشارت مصادر محلية عدة إلى أن الأصوات ناجمة عن تفجير حقول ألغام من قبل الكيان الإسرائيلي، وذلك بدءاً من جنوبي بلدة حضر شمال القنيطرة وصولاً إلى بلدة الرفيد، لافتة إلى أن الأنباء تتضارب فيما إذا كانت هذه التفجيرات عبارة عن تجميع لمخلفات الألغام القديمة وتدميرها واستبدالها بجديدة، أم عملية إفراغ ممنهجة ومسح ميداني للطريق في المنطقة الواصلة بين الأراضي المحتلة والأراضي السورية.
ووفق المشاهدات الأهلية في المنطقة خلال الأيام الماضية فجرت قوات الاحتلال على طول الشريط الحدودي ما يقارب ثمانية حقول للألغام، بدءاً من جنوب بلدة حضر وصولاً إلى بلدة الرفيد في القطاع الجنوبي، وسط ترقب وحذر لقوات الاحتلال الإسرائيلي المنفذة لهذه الأعمال، إذ تم إطلاق النار مرات عدة على المزارعين والرعاة لمجرد الاقتراب من مناطق أعمال قوات الاحتلال، خصوصاً في القطاع الشمالي لبلدة حضر بجبل الشيخ، ما يفسر القلق والسرية وخصوصية الأعمال المنفذة.
طريق صوفا 53
تشير التقديرات إلى أن التحركات “الإسرائيلية” الأخيرة من عمليات التجريف وتفجير الألغام يمكن أن تمهد الطريق أمام أي توغل بري من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي في القنيطرة على طول الحقول التي تم فيها تدمير الألغام، ويمكن المساهمة في تسهيل عمل هذه القوات لوضع أي أدوات تجسسية على طول الشريط الحدودي.
كما تتزامن هذه التحركات مع تزايد الحديث عن طريق “صوفا 53” الذي يُعد “المشروع الأخطر” في القنيطرة، والقائم على وضع حزام لـ”منطقة آمنة” داخل الأراضي السورية بعمق كيلومتر، ووفق المعلومات التي كشفتها تسريبات عدة نشرتها وسائل إعلام معارضة في منتصف عام 2022، فإن هذا المشروع يقضي بأن يعمل جيش الاحتلال لتمهيد طريق باتجاه الأراضي السورية، وذلك بعد أن دخلت قوة عسكرية “إسرائيلية” مكونة من ست دبابات ميركافا، ترافقها جرافتان عسكريتان، وقوة راجلة لمراقبة شق هذا الطريق، ووفق ما نشره موقع “عنب بلدي” المعارض فإن الكيان يعمل لبناء بنية تحتية جديدة لمراقبة المنطقة الحدودية مع الأراضي السورية، خوفاً من مخاطر وجود قوات تابعة لحزب الله، وفق ما زعم به الموقع.
كما تنص الخطة “الإسرائيلية” على إقامة خط أمني ضمن الأراضي السورية يبدأ من سفح جبل الشيخ غرب عين التينة، أقصى شمال القنيطرة مروراً بمحيط بلدة جباتة الخشب أقصى جنوب المحافظة، وفق ما نقله موقع “Middle East Monitor” المتخصص بقضايا الصراع “العربي- الإسرائيلي”.
وفي هذا الصدد، أوضح مصدر مطلع في محافظة القنيطرة (رفض الكشف عن اسمه) لـ”أثر برس” أن سبب تفجير الألغام من قبل قوات الاحتلال غير مفهوم، مشيراً إلى صعوبة تنفيذ مشروع “طريق صوفا 53″، موضحاً أنه من القراءة الجغرافية والعسكرية للمنطقة يتضح أنه يستحيل تطبيق ذلك جغرافياً، عدا أن العدو الصهيوني نفذ خروقات عدة داخل الأراضي السورية بعيداً عن حفر الطريق بهذا الشكل.
تحذيرات روسية من مشروع انفصالي في القنيطرة
لا شك أن الوجود الروسي في المنطقة الجنوبية أثقل دور المشروع “الإسرائيلي” خصوصاً مع تصاعد التوترات في الساحة الدولية عامة، وفي الجنوب السوري خصوصاً، إذ تعتبر المنطقة الجنوبية بوابة كبيرة للتصعيد وإثارة القلق من قبل قوات الاحتلال، نظراً لخصوصيتها وقربها من الأراضي المحتلة.
وفي هذا السياق، عززت القوات الروسية -ذات الثقل العسكري في الجنوب السوري- مطلع العام الجاري، وجودها العسكري بنقطتين عسكريتين إضافيتين في القنيطرة، وذلك في إطار مراقبتها لوقف إطلاق النار حسبما أعلن الجنرال “فايم كوليت” نائب رئيس مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية، وهي نقاط تتبع للشرطة العسكرية الروسية تم تثبيتها إضافة للنقاط المتمركزة في قرى غدير البستان، والرفيد، والمعلقة، وكودنا، وبريقة، وبئر عجم.
ووفق مصادر خاصة، عُقدت في القنيطرة اجتماعات روسية- سورية، طُرح فيها تحذيرات من مشروع “إسرائيلي- أمريكي” لإقامة كيان مستقل في القنيطرة جنوبي سوريا تابع لجماعات معارضة، وتشكيل جسم لـ”إدارة ذاتية” مستقلة خاصة بهم بمسمى أبناء عشائر حوران والقنيطرة، وبدعم وتخطيط من قاعدة التنف العسكرية التي تديرها القوات الأمريكية، وذلك بمحاولة استمالة الشخصيات العشائرية في المنطقة الجنوبية لمثل هذا المشروع، ويبقى الترقب حذراً لمجرى الأعمال “الإسرائيلية” على طول الشريط الحدودي من تنفيذ أي خروقات أو استفزازات لتأجيج الوضع في المنطقة.
د. أحمد الكناني
إضافة تعليق جديد