تحليل أكل لحوم البشر فقهيا
د.سامح عسكر:
بالنسبة لأكل لحوم البشر في الفقه
أشهر من قال بذلك هو الإمام "شمس الدين محمد بن أحمد الخطيب الشربيني" المتوفي أوائل العصر العثماني سنة 1570 م الموافق 977 هـ
وهو إمام مصري شافعي أزهري من شربين له كتابين قال فيهما بجواز أكل لحوم البشر
الأول : الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، وهو شرح لكتاب "غاية الاختصار" لابن الحسين الأصفهاني الشهير بأبي شجاع
والثاني : مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، وهو شرح لكتاب "منهاج الطالبين" للإمام النووي
وهذا يعني أن أكل لحوم البشر قال به النووي وأبي شجاع أيضا، فالإمام شمس الدين هنا كان شارحا لما قالوه، ولثقته ونفوذه بين علماء الأزهر قديما وحديثا تم تدريس كتبه ليكون عمدة في المذهب الشافعي
للإمام شمس الدين الشربيني كتاب آخر في تفسير القرآن اسمه "السراج المنير" قال فيه بنسخ قوله تعالى "لا إكراه في الدين" بما يسمى "آية السيف" وهو القول الذي اعتمدته الجماعات الإرهابية في وجوب قتال الكفار والمرتدين وأنصارهم، وتأسس على هذا المعتقد وجوب قتال الجيوش والدول المعترضة على تطبيق الشريعة، والغريب أن هذا الإمام وفي نفس الكتاب قال بعدم وقوع "طلاق المُكرَه" واستدل بالآية التي قال بنسخها وهي "لا إكراه في الدين"..!!
يعني لما يحب يقتل مرتد أو يحارب الكفار ويغزو الدول والشعوب، فآية "لا إكراه في الدين" منسوخة، لكن لما يكره الطلاق ويديم الزواج فالآية (مش منسوخة) بل يُستدل بها عادي، وهذا معنى "الرغبة تسبق الحكم" التي أكررها كثيرا في شرح مذاهب الفقهاء، فرغبتهم تسبق أحكامهم..وكتاب الله جعلوه عُرضة لأهوائهم ورغباتهم الشخصية..وعلى هذا المنوال سائر الفقه التقليدي بالمناسبة (انتقائي صِرف)..
فالفترة ما بين العصر المملوكي إلى النصف الأول من العهد العثماني وهي 400 عام تقريبا هي التي يفتي بها الفقهاء، وكل شيوخ تلك الحقبة هم نجوم الفقه ورموزه الأولى..وصارت كتب الأقدمين في العصر العباسي لا تُقبَل سوى بموافقة وشرح نجوم هذا الزمن..
وقلت النصف الأول من العهد العثماني لأن الإبداع الفقهي متوقف منذ تولية أول شيخ للأزهر سنة 1679م..فعندما قرر الباب العالي تولية شيخا للأزهر يكون تابعا لشيخ الإسلام في اسطنبول كان الهدف إلزام مصر وسائر الولايات العثمانية بفتاوى السلطان العثماني، ومن ثم توقف الاجتهاد وصارت جهود الفقهاء منصبة فقط على شرح كتب السابقين..
وقد تم ذلك على مدار 250 عام حتى سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924 وقتها حدث زلزالا فقهيا وخرج كثير من علماء الأزهر ناقدين للفقه التقليدي بعد تحررهم من قيود السلطان، ومن يقرأ فتاوى الشيخ رشيد رضا والأفغاني ومحمد عبده وعلي عبدالرازق وعبدالمتعال الصعيدي وغيرهم..سيرى أن فتاويهم بمقاييس هذا الزمن (ازدراء أديان)..!
إضافة تعليق جديد