متى بدأ تحريف الإسلام!
د.محمد شحرور
مشكلة المسلمين الأزلية انهم لا يفرقون بين الشرع والفقه و بين الأحكام الإلهية التي وردت في القرآن و آراء الفقهاء التي وردت في كتب الفقه و التراث، حتى صار الفقه دينا و صار الفقهاء آلهة تُشَرِّعُ تحلل و تحرم و توزع كما تشاء تذاكر الجنة و النار.
لقد بدأ تحريف (الإسلام) مع الشافعي (أول من إخترع صناعة الفقه و سماها سنة نبوية)، و ذلك قرنين بعد وفاة الرسول.
بل أكثر من ذلك لقد تمادى الشافعي إلى أقصى الحدود و جعل ما يسمى "السٌّنة" وحيا و أن النبي (صاحب الوحيين)، رغم أن الرسول نفسه منع تدوين كلامه، وكذلك فعل الخلفاء من بعده حتى أن عمر بن عبد العزيز قام بحرق ما تم جمعه من الكلام المنسوب إلى النبي.
بل الأخطر حين ظهرت "أحاديث" متعارضة مع القرآن جعلها الفقه بكل وقاحة فقهية تنسخ آيات القرآن الكريم، و جعل قياس و إجماع الفقهاء مصدرا للشرع بدل القرآن، فصار ماضي الصحابة مقدسا و صارت عادات بدو الجزيرة العربية من صميم الدين، و بذلك يكون الشافعي أول من صنع إسلاما دخيلا مُحرفا، قام بطلسمة العقل و إلهائه بغيبيات ما أنزل الله بها من سلطان، ما يجهله المسلمون أن غالبية ما يشكل دينهم اليوم مجرد موروث وُضِعت أسسه كلها بعد وفاة الرسول (ص) بعدة قرون، و أن ثُلثَي النص القرآني تم تعطيله لحساب الفقه و لم يستعمل. و كل هذه الطبخة بدأت في عصر الدولة العباسية عصر التدوين، (شريعة) وضعها الشافعي و أبي حنيفة ونقلها البخاري و مسلم و باقي أئمة العباسيين.
ليس للإسلام أركان كما يدعي الكهنوت الفقهي، الإسلام بكل بساطة هو اعتقاد كوني، هو الإيمان بالله وحده لا شريك له، و إن كان لا بد للإسلام من ركن فهو الإنسان و كرامة الإنسان لا غير، أما الأركان الخمس المتعارف عليها فهي طقوس و عبادات خاصة بالمؤمنين برسالة محمد، و الدليل أن الله تعالى خاطب المؤمنين و المسلمين معا في القرآن في آية واحدة في سورة الأحزاب (إن المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات).
لقد جاء تحريف رسالة محمد حين إرتكب الفقه خطأه القاتل و جعل من النبي و الصحابة محور الدين، فصار الدين بمُجمله سيرة النبي و زوجاته و صحابته و غنائمهم و غزواتهم، و انحصرت شريعة الإسلام في الذقون والحجاب والحلال و الحرام، و جعل الفقه لحوم "العلماء" مسمومة (حماية للكهنوت)، فيما لحوم باقي خلق الله رخيصة مستباحة، بينما الله تعالى جعل الإنسان محورا للدين.
ألم يقل لنا الكهنوت إن إعجاز القرآن الكريم هو في لغة القرآن ؟
و كأن هناك مبارزة بين الله سبحانه و بين امريء القيس و طرفة بن العبد و باقي شعراء المعلقات، في استعراض مَلَكات اللغة و الفصاحة و البيان؟ سبحان الله عما يفترون.
" فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا، فويل لهم مما كتبت أيديهم و ويل لهم مما يكسبون" البقرة 79.
إضافة تعليق جديد