أقوى طائرة حربية في العالم
يرى الأمريكون أنهم يمتلكون أقوى طائرتين في العالم، وهما إف 22 وإف 35، ولكن أيهما الأفضل من بين هاتين الطائرتين؟ وأيتهما تستحق لقب أقوى طائرة حربية في العالم؟ وأيتهما ستمثل القوة الضاربة لواشنطن في أي حرب مع الصين أو روسيا؟
وكثيراً ما يتساءل العديد من عشاق الطيران عن الطائرة التي ستفوز في مواجهة جوية بين إف 22 وإف 35، وأيتهما ستحصل على لقب أقوى طائرة حربية في العالم.
في مقابلة قديمة، شارك ديفيد بيرك، ضابط متقاعد من مشاة البحرية الأمريكية خبرته مع مجلة National Interest الأمريكية فيما يتعلق بالمقارنة بين طائرتي F-22 وF-35، وأيتهما تستحق لقب أقوى طائرة حربية في العالم، حيث كان على دراية جيدة بالطيران بالطائرة F-22 أثناء عمله كقائد فرقة في سرب الاختبار والتقييم، كما كان أول طيار عملياتي يطير ويكون مؤهلاً في طائرة F-35B، حيث عمل كضابط قائد لسرب F-35 الأول لسلاح مشاة البحرية من عام 2012 إلى عام 2014.
أمريكا تمضي قدماً في برنامج إف 35 بينما إف 22 قد تتقاعد
ومؤخراً، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية قرارها بالمضي قدماً في إنتاج المقاتلة F-35 بالمعدل الكامل. المقاتلة الشبح الأخرى لشركة لوكهيد مارتن، F-22 رابتور، تقترب من التقاعد (خاصة إذا خرجت مقاتلة الجيل السادس الأمريكية للنور)، وقد توقف إنتاج إف 22 بالفعل منذ فترة طويلة.
وكان وزير الدفاع الأمريكي الأسبق روبرت غيتس الذي تولى منصبه عام 2011، وراء قرار وقف إنتاج إف 22، إذ اعتبر أن تركيز القوات الجوية الأمريكية على مقاتلات F-22 لا يعكس حقائق الالتزامات العسكرية الأمريكية المعاصرة.
وفقاً لمنطق غيتس، فإن دور طائرات F-22 كمنصة تفوُّق جوي متطورة قد ضاع في عالم ما بعد الحرب الباردة؛ حيث تجد الولايات المتحدة نفسها بشكل متزايد تشن صراعات غير متكافئة ضد أعداء ليس لديهم قدرات سلاح جوية ذات مغزى. وبشكل أكثر تحديداً، اعتقد جيتس أن مقاتلات F-22 ليس لها دور مهم تلعبه في نزاعات العراق وأفغانستان.
وهكذا تم اختصار برنامج إف 22 بسبب ارتفاع التكاليف، وعدم وجود مهام “جو-جو” واضحة بسبب التأخير في برامج المقاتلات الروسية والصينية، وتطوير أمريكا للطائرة F-35 الأكثر تعدداً في المهام والأقل تكلفة.
ولكن اليوم مع صعود التنافس الصيني الأمريكي والغزو الروسي لأوكرانيا، وتقدم مشروعات الطائرات الشبحية بالبلدين مثل المقاتلة J-20 الصينية وسوخوي 57 الروسية، التي تتنافسان بدورهما على لقب أقوى طائرة حربية في العالم، وبات البعض يتساءل: هل أخطأت أمريكا في هذا القرار؟
وبرنامج إف 22 رابتور أقدم كثيراً من برنامج الإف 35، وأبرز فارق بين البرنامجين أن الأول قد أوقف به إنتاج الطائرة وقد تحال للتقاعد بعد عدة سنوات، بينما مازالت الثانية في مرحلة بداية الإنتاج.
يتنافسان على لقب أقوى طائرة حربية في العالم، ولكل منهما مجالات تفوق
يمكن أن تكون المقارنة بين المقاتلين وتحديد أي منهما يحمل لقب أقوى طائرة حربية في العالم أمراً صعباً، لأن كلاً منهما يتفوق في مجالات معينة.
في حين أن F-35 هي طائرة مقاتلة شبحية متعددة المهام ذات مقعد واحد ومحرك واحد قادرة على تنفيذ هجمات برية ومهام دفاع جوي، فإن F-22 رابتور هي مقاتلة تكتيكية ذات مقعد واحد ومحرك مزدوج من الجيل الخامس. وهي متخصصة في الهيمنة الجوية، حسب ما ورد في تقرير لموقع Eurasian times.
وفقاً لشركة لوكهيد مارتن، تم تطوير وتشغيل أكثر من 1000 طائرة من طراز F-35 في أكثر من 26 قاعدة حول العالم. وقد تم تدريب أكثر من 1255 طياراً و10030 موظف صيانة على الطائرة.
بينما طائرات F-22 رابتورز أنتج منها 187 طائرة وهي مخصصة فقط للقوات الجوية الأمريكية. ولدى الولايات المتحدة قوانين فيدرالية تمنع تصديرها، إذ تخشى الحكومة الأمريكية أن تقنياتها “السرية” يمكن أن تقع في الأيدي الخطأ.
نقاط الاختلاف بين الطائرتين
تتفوق الطائرة F-22 Raptor على F-35 Lightning II في السرعة ومعدل التسلق، ما يجعلها طائرة اعتراضية هائلة، حسب ما ورد في تقرير لموقع Simple Flying.
تتألق طائرة F-22 كأفضل خيار للقتال جو-جو، بينما تتفوق طائرة F-35 في سيناريوهات القتال الحديثة التي تتضمن اتصالات وتكنولوجيا متقدمة.
ولطالما كان يُنظر إلى طائرة Lockheed Martin F-35 Lightning II على أنها مستقبل القوة الجوية لثلاثة فروع مختلفة من القوات المسلحة الأمريكية.
إذ يوجد من إف 35 ثلاثة؛ واحدة للقوات الجوية، وثانية للبحرية، وثالثة ذات قدرات الإقلاع القصير والهبوط العمودي لتلائم حاملات قوات مشاة البحرية الأمريكية الأصغر كثيراً من حاملات الطائرات التقليدية.
ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالقتال بطائرة واحدة، أو القتال التلاحمي القريب الذي يطلق عليه بالإنجليزية (Dog Fighting)، أي قتال الكلاب، فإن إف 22 تنال لقب أقوى طائرة حربية في العالم، إذ يقول المحللون الغربيون إنها لها أفضلية على الطائرات النفاثة الحديثة كلها، ولكن لماذا حافظت على اللقب كل تلك السنوات؟
السرعة.. تفوُّق ساحق للإف 22
السرعة هي أحد العوامل الرئيسية الحاسمة لأداء المقاتلة، وهنا تعتبر طائرة F-22، التي تم تصميمها خصيصاً للتفوق الجوي، هي الفائز الواضح.
إذ تتميز الإف 22 بسرعة عالية للطواف الفائق تبلغ 1.82 ماخ، وفقاً لموقع Simple Flying.
وهي خاصية مهمة للغاية، فالطواف الفائق، يعني التحليق بسرعة أعلى من سرعة الصوت من دون تشغيل الحارق اللاحق، وهذا يؤدي لتوفير الوقود بشكل كبير، إضافة لتقليل فرص كشف الطائرة.
أما سرعة إف 22 القصوى عند مستوى سطح البحر فتبلغ 1.21 ماخ.
بينما السرعة القصوى فتبلغ 2.25 ماخ، رغم أنها يعتقد أن السرعة الحقيقة سرية.
ونظراً لسرعتها القصوى المثيرة للإعجاب، هناك عدد قليل جداً من الطائرات المقاتلة في السماء اليوم قادرة على تجاوز طائرة F-22، ما يجعلها طائرة اعتراضية ذات قدرة لا تصدق، حسب موقع Simple Flying.
في المقابل فإن إف 35 غير قادرة على مجاراة سرعات رابتور، حيث تصل سرعتها القصوى إلى 1.6 ماخ، وهي أقل من معظم الطائرات المقاتلة الحديثة، مع سرعة قصوى عند مستوى سطح البحر تزيد قليلاً عن 1 ماخ.
وفقاً لصحيفة EurAsian Times، فإن الطائرة F-22 قادرة أيضاً على التغلب على منافستها من حيث معدل الصعود، فهي قادرة على الصعود بسرعة تزيد عن 62000 قدم في الدقيقة.
وعلى النقيض من ذلك، فإن طائرة F-35 قادرة على الصعود بسرعة حوالي 45000 قدم في الدقيقة فقط.
التخفي.. مازال التفوق للرابتور
وعلى الرغم من الأداء الأضعف من حيث السرعة والتسلق، فإن الطائرة F-35 مجهزة بتقنية تخفٍّ مثيرة للإعجاب، ما يسمح لها بأن تكون سلاحاً فعالاً بشكل لا يصدق ضد المقاتلات التقليدية غير الشبحية.
ولكن يكاد يكون هناك إجماع على أن الطائرة F-22 رابتور هي الأكثر تخفياً بلا منازع، من بين كل الطائرات الشبحية في العالم، تليها الإف 35.
ولكن يعتقد أن المواد الخاصة بعملية التخفي في إف 22 أكثر تعقيداً وتكلفة وصعوبة في الصيانة من الإف 35.
المناورة.. الإف 35 متأخرة عن كثير من المنافسين
وفيما يتعلق بالقدرة على المناورة، فإن إف 22 تتفوق بشكل واضح على إف 35، ويقول الخبراء والمسؤولون الأمريكيون إنه لا شيء يضاهي الإف 22 في المناورة رغم أن الروس يزعمون أن طائرتهم السوخوي 57 قد تكون كذلك.
بينما الأداء الديناميكي الهوائي في الإف 35 ليس مذهلاً، إذ يمكن مقارنته بطائرة الجيل الرابع F-16 وليس قريباً على الإطلاق من F-22، ويعتقد أنه لا يقارن حتى بالروسيتين سوخوي 57 وسوخوي 30/35.
وبالتالي لا يمكن للطائرة F-35 أن تضاهي الطائرة F-22 كمقاتلة تفوق جوي، فهي لم تُصمم أبداً على هذا النحو. كانت الخطة الأولية للقوات الجوية الأمريكية هي أن تكون طائرة F-22 مقاتلة متطورة للتفوق الجوي. وفي الوقت نفسه، تم تطوير الطائرة F-35 بشكل أساسي لتكون طائرة هجومية جو-أرض قادرة على حماية نفسها.
ولا تملك إف 35 أي فرصة في مواجهة رابتور عندما يتعلق الأمر بالقتال الجوي.
الأسلحة.. نقطة تفوق إف 35 القوية
من حيث التسليح، تعد الطائرة F-35 أكثر تنوعاً بكثير من نظيرتها إف 22، ويمكنها أداء أي نوع من المهام تقريباً، الأمر الذي يعطي الإف 35 ميزة كبيرة فيما يتعلق بتنوع المهام، بما في ذلك الردع النووي ومهام القصف الجوي.
وفقاً لمجلة National Interest، هناك 3 أنواع رئيسية من المهام التي لا تستطيع طائرة F-22 القيام بها، والتي تعتبر طائرة F-35 مناسبة لها تماماً، وهي:
قدرات الضربة النووية.
العمليات المضادة للسفن.
مبادرات الضربات الجوية-الأرضية.
في حين أن طائرة F-22 رابتور قد لا تكون مثالية للضربات الأرضية، فإن هذا لا يعني أنها غير مجهزة بمجموعة متنوعة قوية من الأسلحة في هذا المضمار. وفي حالة استخدام طائرة رابتور في عمليات القصف البري، يمكن أيضاً تحميل الطائرة بقنابل موجهة بدقة.
إذا كان لقب أقوى طائرة حربية في العالم يتعلق بالقدرة على قصف الأعداء بشكل فعال دون أن يروك فإن إف 35 قد تكون أقرب للقب من إف 22.
ماذا قال الطيار الأمريكي المخضرم عن المقارنة بين الطائرتين؟ فتش عن المعلوماتية قبل السرعة
في معرض إجابته عن سؤال بشأن أقوى طائرة حربية في العالم، يقول الطيار ديفيد بيرك الذي جرب الطائرتين: “لقد برزت الطائرة F-35 كطائرة مثالية، حسب تعبيره، ليس فقط بسبب قدراتها الشبحية ولكن أيضاً بسبب العديد من التحديثات الملحوظة الأخرى، مثل القدرة المعلوماتية، والتي تستحق الاعتراف المناسب”.
ويضيف أنه ما يجعل طائرة F-35 فريدة حقاً هو قدرتها على دمج المعلومات المكتسبة ومشاركتها.
إذ لدى طائرة F-35 قدرات استشعار عالية، كما أنها توفر شبكة بيانات مرتبطة بالعديد من طائرات F-35 الأخرى، ما يجعل مجموعة واسعة من المعلومات متاحة للطيارين.
وهو يعتبر الطائرة F-35 بمثابة علامة فارقة في القتال الجوي القادر على العمل ليس فقط كجهاز استشعار في ساحة المعركة، ولكن أيضاً كلاعب منسق للأنظمة الأخرى، واتخاذ القرار بالنسبة لها، ونشر المعلومات المكتسبة خارج المناطق البعيدة عن متناول الطائرات الأخرى.
إن قدرتها على العمل في بيئات معادية، تجعلها آلة خفية قاتلة في أجواء العدو.
ويقول الطيار ديفيد بيرك إن مسألة الحصول على أي آلية دفاعية لا تتعلق فقط بقدراتها التكتيكية والاستراتيجية، بل تتعلق أيضاً بفعاليتها من حيث التكلفة.
هل يعني ذلك أن إف 35 قادرة على انتزاع لقب أقوى طائرة حربية في العالم من الإف 22؟
إذاً أيهما تستحق لقب أقوى طائرة حربية في العالم؟
لا يمكن إنكار أن إف 22 رابتور هي أقوى طائرة حربية في العالم في أي قتال جو-جو، مع تميزها بقدرات لا مثيل لها في هذا المضمار.
ففي حالة مواجهة طائرة واحدة مقابل طائرة أخرى للخصم، أي قتال مثلاً بين مقاتلة أمريكية أمام الطائرة الصينية الشبحية Chengdu J-20، فمن المرجح أن تكون الطائرة F-22 هي الطائرة المثالية لهذه المعركة.
ومع ذلك، فإن معظم المعارك الحديثة في الأغلب لن تدور في شكل مواجهة قريبة بين طائرتين، بمعزل عن بقية أساطيل البلدين.
كما أن إف 22 طائرة معقدة وباهظة التكلفة وصعبة الصيانة، ما يجعل عدد ساعات طيرانها قليلة، وهي تحتاج لكثير من الأموال لكي تعمل، حتى إنها وصفت من قبل السناتور الراحل جون ماكين أحد أبرز المشرعين الأمريكيين بـ”ملكة الحظائر المتآكلة”.
وفي المقابل، فإن طائرة F-35، بفضل اتصالها المذهل بالبيانات وتكنولوجيا التنسيق المتقدمة، إلى جانب تنوع قدراتها، فإنها الطائرة المفضلة لجميع أنواع المهام، أي أقوى طائرة حربية في العالم بالمعنى الشامل، وفي إطار تعاونها مع بقية الأسطول وليس كطائرة فردية.
كما أن تكلفة الإف 35 رغم أنها باهظة فإنها أقل من الإف 22، وهذا يعني أنه يمكن إنتاج عدد أكبر من الإف 35 مقارنة بالإف 22 بنفس مقدار الدولار، إضافة للتوقعات أن تكلفة تصنيعها وتشغيلها سوف تنخفض.
ولذا يمكن القول إنه من حيث القدرات التكنولوجية والاتصال والعمل الجماعي والقيمة مقابل التكلفة وتنوع المهام، فإن إف 35 هي الأفضل، ولكن عندما يتعلق الأمر بلقب أقوى طائرة حربية في العالم حينما تتواجه طائرتان في السماء بمفرديهما بعيداً عن الدعم، فإنه من الصعب مواجهة الطائرة F-22.
عربي بوست
إضافة تعليق جديد