مخطط بافر-ستيت جديد لحصار سوريا
لفهم ما يجري حاليًا في البادية السورية الشمالية – الشرقية وجنوب سوريا، يجب أن نعيد التفكير في مشروع البافر ستيت وأهدافه المتعددة.
هذا المشروع يسعى أولاً إلى فصل سوريا عن العراق وتفكيك أي صلات ترابط بين أطراف محور المقـاومة.
ثانيًا، يهدف إلى تحييد سوريا من خلال إنشاء مناطق عازلة حولها.
البافر ستيت: هو مفهوم يُستخدم للعزل بين دول أو جماعات سياسية متنازعة أو متناقضة أو متجانسة، سواء كانت متحاربة أم لا، بهدف منع تحالفهم أو تنسيق سياساتهم.
تاريخياً، تم تطبيق هذا المفهوم بشكل معتاد بعد الحروب والنزاعات، وأحد أمثلة ذلك هو تأسيس بلجيكا بعد اندلاع النزاعات الوطنية في أوروبا.
بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، بدأت الإمبريالية البريطانية في تطبيق مفهوم البافر ستيت بعد تجربة محمد علي في مصر ومحاولته توحيد مصر مع بلاد الشام.
ومن ثم، أقامت بريطانيا البافر ستيت الصهيوني لفصل مصر عن سوريا، وهو ما أعقبته خطوات أخرى لتقسيم المنطقة إلى دول وظيفية حاجزة، مثل أفغانستان والبانتوستانات في منطقة الشرق الأوسط.
من الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان حاليًا إلى تطبيق مشروع جديد للبافر ستيت في سوريا والمنطقة بشكل عام.
يهدف هذا المشروع إلى عزل أطراف محور المقـاومة وتقسيم المنطقة إلى مناطق عازلة وبؤر توتر.
تشمل هذه الجهود دعم الجماعات المتطرفة مثل “القاعدة” و”جبهة النصرة”، واستخدام القوى الناعمة لنشر التأثير الأمريكي في المنطقة، وتوجيه الانتباه بعيدًا عن التحالفات الإقليمية القائمة.
هذه الخطوات تتطلب تعاونًا مع عدة أطراف، بما في ذلك تركيا، التي تسعى أيضًا لتحقيق مصالحها في المنطقة.
إن تنويعات اجتماعية وسياسية في البادية السورية – العراقية تظهر اليوم وتلعب دورًا في هذا السياق.
من المهم مراقبة تطورات الوضع في المنطقة بعناية وفهم أهداف وتأثيرات مشروع البافر ستيت الحالي على الساحة الإقليمية.
تجدر الإشارة إلى أن بعض قبائل البادية في منطقة النجد والمناطق المحيطة بها انقسمت منذ القرن التاسع عشر إلى تيارين رئيسيين.
أحد هذين التيارين كان يتبع الفكر الوهـابي وتم توجيهه من قبل بريطانيا ضد الإمبراطورية العثمانية في تلك الفترة.
يشمل هذا التيار بعض قبائل وعشائر العنزة.
أما التيار الثاني، فكان يشمل قبائل شمّر وعلاقتهم بالأتراك كانت أكثر تعقيدًا.
إضافة إلى ذلك، ظهرت بعض الجماعات التي تورطت في مشروع أميركي – إسرائيلي لتمزيق سوريا والعراق وإقامة كونفدرالية واسعة تشمل الأردن والأنبار وجبل العرب.
في ضوء هذا المشهد، ومع احتمالية عودة الولايات المتحدة إلى زيادة التوتر في سوريا، هناك استعداد لإعادة ترتيب القوات وبناء تحالفات جديدة لإنشاء مناطق عازلة عشائرية – كردية.
هذا يتطلب مراقبة حركة العشائر ومواقفهم، بالإضافة إلى الجماعات التي شاركت سابقًا في المشروع الأميركي – الإسرائيلي للمنطقة.
يجب أن نأخذ في اعتبارنا بعض العوامل الهامة على مستوى العشائر:
– العشائر التي انضمت إلى الجماعات المتطرفة في قلب البادية وحول قاعدة التنف.
– العشائر التي تعاونت مع الأتراك.
– العشائر التي تشجع على وحدة وطنية وتتجه نحو محور المقـاومة، خاصة في سوريا، وقد يكون لديهم دور مهم في تحقيق أهداف معينة، بما في ذلك تحرير سوريا من الاحتلال الأميركي والتركي والإسرائيلي وأدواتهم.
– العشائر التي انضمت إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بناءً على التحالف مع الولايات المتحدة، وتتطلب مراقبة تفاصيل العلاقة بينهم وبين تركيا.
أخيرًا، يجب أيضًا ملاحظة وجود تطورات مماثلة في لبنان وكركوك، حيث تتصاعد التوترات القومية والطائفية ويتداخل الصراع الإقليمي والدولي.
توجد هناك عوامل معقدة تشمل القوى الدولية والإقليمية التي تشجع التوترات وتسعى للاستفادة منها.
الميادين بتصرف
إضافة تعليق جديد