تأمين بالإكراه!
زياد غصن:
مع تعمق ظاهرة فشل الأداء الحكومي والمؤسساتي وفقدان الثقة الشعبية بالمشروعات الحكومية المطروحة، فإن صفة الإلزام أو التهديد بتشديد العقوبة تتحول إلى أحد الخيارات الحكومية لتغطية ذلك الفشل.
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على حالة العجز التي وصل إليها الفكر الحكومي في مقاربة الأزمات والمشاكل الداخلية.
فمثلاً أن تصدر هيئة الإشراف على التأمين منتجاً للتأمين على البيوت المحمية، فهذا يمثل تفكيراً سليماً طالما أن غايته هي مساعدة أصحاب البيوت في مواجهة أضرار الكوارث الطبيعية التي يتعرضون لها سنوياً.
لكن أن يأخذ هذا المنتج الصفة الإلزامية وأياً كانت قيمته، فهذا بمنزلة اعتراف بفشل هيئة الإشراف على التأمين في تسويق هذا المنتج وإقناع المزارعين به. إذ إن المعلومات الأولية تتحدث عن أن نسبة المشتركين في المنتج لم تتعد لتاريخه 18%.
طبعاً هيئة التأمين ومن خلفها وزارة المالية، لم تفكرا بحل لزيادة النسبة سوى بممارسة الضغط على المزارعين، وكأن كل شيء في هذه البلاد يجب أن يتم بالضغط والإلزام..
إذ تسعى وزارة المالية إلى إقناع وزارة الزراعة بعدم منح أي مزارع وثيقة الحيازة الزراعية، ما لم يبرز وثيقة تأمين إلزامي على البيوت المحمية التي لديه.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن المزارع الذي لن يقدم وثيقة التأمين الإلزامي، لن يحصل على وثيقة الحيازة الزراعية، وتالياً لن يتمكن من الحصول على مخصصاته من المازوت والسماد ومن الحصول على قروض زراعية... أي باختصار وقف نشاطه الزراعي.
هذه عينة من التفكير الحكومي التي أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة الصعبة... مرحلة تعلو فيها الشعارات بدعم الإنتاج الزراعي والصناعي، وعلى الأرض تتفنن المؤسسات بالتضيق على المزارعين والصناعيين.
إلى الآن لا تزال المفاوضات والاجتماعات جارية بين وزارتي المالية والزراعة للوصل إلى حل مرض للمزارعين، وبما يضمن السير بفكرة التأمين على البيوت المحمية ضد الكوارث الطبيعية.
دمتم بخير
زياد غصن - شام إف إم
إضافة تعليق جديد