أول خريطة للقطب الشمالي لغز يحيّر العلماء
عرف العالم منذ القدم العديد من الخرائط التي رسمت للكرة الأرضية، والتي استخدمها البحارة والتجار خلال تلك الفترة لتحديد موقعهم في الأرض، منها ما رُسم قبل اكتشاف القارة الأمريكية، من بين هذه الخرائط نجد واحدة من بين أكثرها غموضاً في العالم، والتي لا تزال محط بحث العلماء إلى يومنا الحالي.
بعد بدء أزمة المناخ التي يعيشها العالم بدأ العلماء بالبحث عن الخرائط القديمة التي تشرح القطب الشمالي، خاصة مع حركة انكماش جليد البحر الشتوي وظهور التشققات، ويرجع سبب البحث عنها إلى فهم أسباب هذه التغييرات، وتحديد ما يجب أن نتوقعه في المستقبل.
قبل قرون، عندما حاول الناس رسم خريطة القطب الشمالي، لم يكونوا مهتمين جداً بما كان يحدث لها، كان هذا هو الحال مع أول خريطة معروفة للقطب الشمالي، والتي تسمى “Septentrionalium Terrarum”، المليئة بالأحجار المغناطيسية، والدوامات الغريبة، والتخمينات الملونة الأخرى.
اشتهر مصمم الخريطة، رسام الخرائط الفلمنكي جيراردوس ميركاتور، بـ”إسقاط مركاتور”، وهي الطريقة الشهيرة الآن لأخذ الخطوط المنحنية للأرض وتحويلها إلى خطوط مستقيمة يمكن استخدامها على خريطة مسطحة.
بفضل هذا التصميم يمكن رسم خط مستقيم ابتداءً من مسار الخط من نقطة الأصل إلى وجهتهم. وفي عام 1569، خرج مركاتور بخريطة للعالم بناءً على هذا المبدأ، والذي امتد من الشرق إلى الغرب وأكد على حد قوله عدم وجود أثر لأية أخطاء يجب بالضرورة مواجهتها في المخططات العادية لربابنة السفن.
من أجل جعل خريطته مفيدة للملاحة، كان على مركاتور التضحية بالدقة في مناطق أخرى، كان عليه أن يمد الأجزاء العلوية والسفلية من خريطته، ما يجعل الأراضي والبحار في أقصى الشمال والجنوب تظهر بشكل غير متناسب أكبر من تلك الأقرب من خط الاستواء، ولأن هذه النظرية لا تزال تطبق إلى اليوم لا يزال العالم يعتقد أن مساحة إفريقيا قريبة إلى مساحة جرينلاند، مع العلم أنها تكبرها بـ14 مرة.
حسب موقع “atlas obscura” الأمريكي، فمع بداية القرن السابع عشر ظهرت معلومات جديدة، قام على أثرها مركاتور بتوسيع وتحديث هذه الخريطة الأصلية خلال سنة 1606، تم تحديثها من قبل خليفته الذي يسمى “جودوكوس هونيوس”، إلا أن الخطوط والأساسيات ظلت مكانها.
مع مرور العصور لم يغامر الكثير من الناس بالذهاب إلى القطب الشمالي، إلا بعد سنة 1909 من قبل الأمريكي “روبرت بيري” الذي قالوا إنه زار المكان يوم 6 أبريل/نيسان من السنة نفسها.
رغم أن مركاتور “صاحب الخريطة” لم يذهب إلى القطب؛ لم يمنعه ذلك من العودة إلى بعض المصادر التاريخية، من بينها رواية تعود إلى القرن الـ14 مجهولة المصدر، إذ يقال إن هناك جبلاً أو صخرة وسط القطب يسمى جبل موميرو، والذي يعتقد أنه مغناطيس أو جبل يحتوي على عدة معادن.
لقي هذا التأويل انتشاراً واسعاً في ذلك الوقت. اعتقد معظم الناس أنها مغناطيسية، ما قدم تفسيراً سهلاً لسبب توجُّه البوصلات إلى الشمال. لكن مركاتور لم يكن مقتنعاً تماماً بهذه الحجة، وشمل صخرة مختلفة، والتي أطلق عليها اسم “القطب المغناطيسي”، في الزاوية اليسرى العليا من الخريطة.
يرسم مركاتور القطب الشمالي في 4 أجزاء كبيرة مفصولة بقنوات من المياه المتدفقة، والتي تلتقي في المنتصف في دوامة عملاقة. حصل على هذه الفكرة من اثنين من المستكشفين من القرن السادس عشر، مارتن فروبيشر وجيمس ديفيس.
قام كل من هذين المستكشفين بتوثيق تجاربهما مع التيارات الشديدة والتي أكدوا أنها سحبت جبالاً عملاقة، ما قد يؤكد وجود طاقة مغناطيسية وسط القطب.
لكل قطعة من القطب الشمالي صفات خاصة، وفقاً لملصقات مركاتور، يُفترض أن القطعة الموجودة في أسفل اليمين هي موطن “الأقزام، الذين يبلغ طولهم 4 أقدام، أما الجزء المجاور في أسفل اليسار فهو الأفضل والأكثر صحة من بين جميع الأجزاء، حسب شرح صاحب الخريطة.
بعد وفاة مركاتور واصل المستكشفون محاولة معرفة أسرار القطب الشمالي، فيما قام رسامو الخرائط بمراجعة وجهة نظرهم حول القطب، لكن بحلول عام 1636، افتقرت الخرائط المحدثة للمنطقة إلى مناطق مركاتور الأربع، جنباً إلى جنب مع الدوامة المركزية. بدلاً من ذلك، أظهروا قطعة أرض كبيرة، محاطة بجزر أصغر.
لتظل أول خريطة للقطب الشمالي لغزاً يحاول العلماء إلى اليوم معرفة أسراره دون إمكانية التأكد مما إذا كانت صحيحة أم لا.
وكالات
إضافة تعليق جديد