فوائد الموسيقا للمصابين بمرض ألزهايمر
تدعم كثير من الدراسات استخدام العلاج بالموسيقا وغيره من النشاطات الموسيقية للمساعدة في التخفيف من أعراض مرض ألزهايمر، ويختلف تأثير الأنواع المتعددة من التداخلات العلاجية التي تعتمد على الموسيقا في الأعراض المختلفة لهذا المرض.
يُعد مرض ألزهايمر مرضًا مترقيًا يؤثر سلبًا على قدرات الذاكرة والتعلم والسلوك، وتبعًا لمعهد National Institute of Aging فإن أكثر من 6 مليون بالغ في الولايات المتحدة الأمريكية مصابون بهذا المرض.
لا يوجد علاج معروف لمرض ألزهايمر، وتشمل المعالجة النموذجية تناول عدة أدوية للتخفيف من الأعراض أو إبطاء تقدم المرض، وقد يستفيد البعض من معالجات بديلة مثل الوخز الإبري والعلاج بالزيوت العطرية.
تقترح الأبحاث أن للموسيقا تأثير إيجابي في صحة المصابين بمرض ألزهايمر، وقد تساعد أيضًا على تأخير بدء المرض لدى الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة.
التداخلات العلاجية المعتمدة على الموسيقا، سواء بإشراف معالج مؤهل في مجال العلاج بالموسيقا، أو ضمن النشاطات الجماعية، قد تساعد على التخفيف من أعراض مرض ألزهايمر، وتحسين حياة المصابين به وحياة من يقدم لهم الرعاية.
مرض ألزهايمر مقابل الخرف
الخرف مصطلح عام يشير لتراجع معرفي شديد لدى الفرد، أما مرض ألزهايمر فهو مرض محدد، ويُعد أشهر أسباب الخرف. ركزت بعض الدراسات المذكورة في هذا المقال تحديدًا على مرض ألزهايمر، لكن بالمقابل ركزت دراسات أخرى على الخرف عمومًا.
ما هو العلاج بالموسيقا؟
العلاج بالموسيقا طريقة علاجية مثبتة بالأدلة، تستخدم الموسيقا لتحسين الصحة. ويستطيع المعالج المؤهل للعلاج بالموسيقا تصميم برنامج مخصص لمساعدة كل فرد حسب احتياجاته (الجسدية أو الانفعالية أو الاجتماعية أو المعرفية).
تبعًا لجمعية AMTA يساعد العلاج بالموسيقا على تحسين:
الذاكرة.
التعبير والتواصل.
السيطرة على الضغط النفسي.
تخفيف الألم.
إعادة التأهيل الجسدي.
العلاج بالموسيقا مقابل التدخلات العلاجية الأخرى التي تعتمد على الموسيقا
يجب أن يتضمن العلاج بالموسيقا معالجًا مؤهلًا يستطيع إنشاء خطة مخصصة لكل فرد أو مريض، إذ تقترح الدراسات أن الخطط الفردية المخصصة فعالة أكثر من الخطط العامة.
تقترح الأبحاث أيضًا أن التداخلات العلاجية الموسيقية الجماعية قد تحسن من الصحة والسلامة النفسية، حتى عند غياب إشراف معالج متخصص في العلاج بالموسيقا، لكن تتطلب هذه التداخلات تفكيرًا وتخطيطًا جيدين.
تشير الدكتورة كارول باينون الأستاذة الفخرية في جامعة Western University في كندا أن نجاح هذه التداخلات يعتمد غالبًا على وجود مشرفين مطلعين وذوي انتباه عالٍ، وقالت: «تشمل المكونات الأساسية لهذه الطريقة نوع الموسيقا المستخدمة، وكيفية استخدامه، والشخص المشرف».
بحثت باينون بنتائج وتطوير مشروع Intergenerational Choir Project الذي جمع بين مصابين بالخرف ومن يقدم لهم الرعاية مع طلاب في الثانوية ومعلمي الموسيقا لديهم. كان المشروع مبادرة من مجتمع Alzheimer’s Society المحلي، الذي قدم تدريبًا للطلاب ومعلميهم قبل بدء النشاط التفاعلي.
تضيف باينون: «يجب أن يجري الأمر وفق منهج متسلسل ومخطط له، وألّا يكون سلسلة من النشاطات فقط. وجود الخطة أمر ضروري، لكن المرونة مطلوبة كذلك».
ما التداخلات العلاجية الموسيقية الفاعلة والمنفعلة؟
قد يكون التداخل العلاجي الموسيقي فاعلًا أو منفعلًا، وبحسب دراسة من عام 2021 تشارك أجزاء مختلفة من الدماغ عند استخدام التداخلات الفاعلة أو المنفعلة.
التداخلات العلاجية الموسيقية الفاعلة
يشمل تداخلات علاجية يشارك الشخص ضمنها في صنع الموسيقا، ومن الأمثلة على ذلك:
حلقات الطبول.
الغناء الجماعي.
العزف على آلة موسيقية.
التأليف الموسيقي.
غالبًا ما تشمل هذه النشاطات مكونًا حركيًا، وإن لم تكن الحركة جزءًا من النشاط الموسيقي فقد يضيف المعالج أو مشرف النشاط حركات بسيطة، إذ تقترح دراسة من عام 2022 أن عنصر الحركة قد يزيد من التأثير العلاجي.
وجدت دراسة من عام 2021 أن التداخلات العلاجية الفاعلة أفضل من المنفعلة في تحسين الوظائف المعرفية، والسلوكية، والحركية لدى المصابين بمرض ألزهايمر.
التداخلات المعتمدة على الاستماع للموسيقا
تشمل التداخلات العلاجية المنفعلة أو القابلة للتلقي الاستماع للموسيقا، والهدف منها السماح للموسيقا بتحريض استجابة انفعالية أو تحفيز الذاكرة، وقد وجدت دراسة من عام 2018 أن التداخلات العلاجية المنفعلة أفضل من الفاعلة في التخفيف من القلق، والهياج، والمشكلات السلوكية لدى المصابين بالخرف.
هل يستطيع المصابون بمرض ألزهايمر المشاركة في النشاطات الموسيقية؟
تشير جمعية The Alzheimer’s Association إلى أن المصابين بهذا المرض في مراحله الباكرة والمتوسطة يستطيعون المشاركة في النشاطات الموسيقية والاستفادة منها، إذ ورد في بحث مرجعي من عام 2022 أن المصابين بمرض ألزهايمر قادرون على تعلم أغنيات جديدة وتذكرها، وقد يغدو الأمر أصعب في المراحل اللاحقة من المرض، لكنهم قد يستطيعون تتبع الإيقاع أو الغناء برفقة الموسيقا.
كيف تفيد الموسيقا المصابين بمرض ألزهايمر أو الخرف؟
بحسب تعبير باينون، فإن المشاركة في الغناء ضمن مشروع Intergenerational Choir Project منح المصابين بمرض ألزهايمر دعمًا روحيًا وجماليًا، وعزز ذلك بدوره صحتهم وعافيتهم، وقد أشارت إلى أن المشاركين شعروا بالحيوية، وكانت أعراضهم أخف لمدة ساعتين إلى 24 ساعة بعد كل جلسة. من جهة أخرى، يبدو أن الدراسات الطبية تؤكد ملاحظات الدكتورة باينون بخصوص المساعدة التي تقدمها التداخلات العلاجية الموسيقية، وذلك بالطرائق الآتية:
تحسين الذاكرة:
قد تساعد الموسيقا المصابين بمرض ألزهايمر على تذكر تفاصيل من حياتهم، ويسميها الباحثون الذكريات الذاتية المحرضة بالموسيقا، وغالبًا ما تنبض هذه الذكريات بالحياة والتفاصيل. يبلغ التأثير أقصى درجاته عند استخدام موسيقا مألوفة، لكن قد يكون للموسيقا غير المألوفة أيضًا تأثير في ذلك.
تحسين الإدراك المعرفي:
وجدت دراسة مرجعية من عام 2023 شملت دراسات من ثلاث قارات أن العلاج بالموسيقا يساعد على تحسين الوظائف المعرفية لدى المصابين بمرض ألزهايمر، وأشار المؤلفون إلى أن التداخلات العلاجية الفاعلة كانت أكثر تأثيرًا.
التخفيف من الأعراض السلوكية والنفسية:
تقترح الأبحاث أن بعض التداخلات العلاجية الموسيقية قد تساعد على التخفيف من الأعراض الآتية لدى المصابين بالخرف:
القلق.
الاكتئاب.
الهياج.
فتور الشعور.
كان الغناء والتقنيات الموسيقية المختلطة النشاطات الأكثر تأثيرًا، لكن كانت النتائج متضاربة عند دراسة الاستماع للموسيقا أو العزف على الآلات الموسيقية.
تحسين طلاقة الكلام:
وجدت تجارب سريرية أن العلاج بالموسيقا يستطيع تحسين المهارات اللغوية والكلامية لدى المصابين بالخرف، وقد ساعدت نشاطات مثل الغناء، وكتابة الأغاني، وقراءة كلمات الأغاني في تحسين هذه المهارات. أشارت دراسة من عام 2018 إلى أن التأثير الإيجابي بدا خصيصًا لدى المصابين بحالة خفيفة من مرض ألزهايمر.
تحسين نوعية الحياة:
وجدت دراسة مرجعية من عام 2022 شملت 26 دراسة أن إضافة العلاج بالموسيقا إلى العلاج التقليدي لدى المصابين بمرض ألزهايمر ارتبط بتحسن ملحوظ في نوعية الحياة المتعلقة بالصحة النفسية لهؤلاء المرضى، وقد وجد مؤلفو الدراسة أيضًا تحسنًا خفيفًا في نوعية الحياة المرتبطة بالصحة الجسدية، لكنهم حذروا من تعميم هذه النتائج بسبب التباين الكبير فيها.
ما نوع الموسيقا التي تساعد المصابين بالخرف أو بمرض ألزهايمر؟
لا يوجد نوع أو نمط واحد من الموسيقا يساعد جميع المصابين بمرض ألزهايمر أو بالخرف، تشير جمعية AMTA إلى فائدة كثير من الأنماط الموسيقية في هذا الصدد. يأخذ المعالج المؤهل في عين الاعتبار التفضيلات الشخصية للفرد وظروفه وأهداف العلاج عندما يقرر الموسيقا التي ستكون جزءًا من العلاج.
كشفت دراسة مرجعية من عام 2017 ضمت تجارب سريرية استخدمت العلاج بالموسيقا بعض التفضيلات في هذا الأمر، إذ تميل التداخلات العلاجية الفاعلة لتشمل موسيقا مألوفة لدى المصاب بمرض ألزهايمر، مثل بعض الأغاني من ثقافة الفرد، أو موسيقا كلاسيكية مألوفة (مثل مقطوعة Ode to Joy لبيتهوفن)، أو الموسيقا الشعبية (البوب) المألوفة.
تظن باينون أنه من الجيد استخدام الإصدارات الجديدة من الموسيقا، إذ تقول: «لقد استخدمنا موسيقا شعبية (موسيقا البوب)، كانت منذ فترة الأربعينيات حتى التسعينيات لتحفيز عملية إعادة تجميع الذكريات واستعادتها، لكننا استخدمنا أيضًا موسيقا كورالية من غير المحتمل أن يعرفها المشاركون لتحفيز عملية تعلم أشياء جديدة».
من الأغاني التي استُخدمت في مشروع Intergenerational Choir Project:
You’ll Never Walk Alone.
Moon River.
Over the Rainbow.
Chattanooga Choo-Choo.
Carol of the Bells.
مزيج غنائي من فيلم The Sound of Music.
أما بالنسبة للاستماع إلى الموسيقا، فقد استخدمت التجارب السريرية موسيقا كلاسيكية غربية في معظم الأحيان، ومن الأمثلة:
Sonata for Two Pianos in D major, K. 448 من مؤلفات موزارت.
Canon in D من مؤلفات باكيلبيل.
Spring من مقطوعة الفصول الأربعة لفيفالدي.
هل هناك مساوئ لاستخدام العلاج بالموسيقا لدى المصابين بمرض ألزهايمر أو بالخرف؟
يحمل العلاج بالموسيقا بعض المخاطر مثل أي نوع آخر من العلاجات، فقد يشعر البعض بزيادة القلق بسبب المشاركة الفاعلة في النشاطات الموسيقية، وقد يؤدي الاختيار الخاطئ للموسيقا إلى نتائج سلبية. تشمل المخاطر المحتملة:
فرط التحفيز.
القلق أو الارتباك.
تحريض استعادة ذكريات سلبية.
كيف يمكن إيجاد معالج مؤهل يمارس العلاج بالموسيقا؟
يحمل المؤهلون لممارسة العلاج بالموسيقا شهادة في هذا الاختصاص من برنامج دراسي معتمد، وقد يجرون اختبارًا بعدها للحصول على الترخيص. بالوسع البحث عن معالجين مؤهلين عن طريق جمعية AMTA والتحقق من ترخيص المعالج عن طريقة هيئة Certification Board of Music Therapists.
الملخص
تقترح الدراسات أن التداخلات العلاجية الموسيقية قد تؤثر إيجابًا في نوعية الحياة لبعض المصابين بمرض ألزهايمر أو غيره من أشكال الخرف، وتكون التداخلات العلاجية الفردية تحت إشراف معالج مؤهل للعلاج بالموسيقا أكثر فعالية عادةً، لكن قد يكون هناك تداخلات ناجحة أخرى باستخدام التخطيط المدروس مع مشرف يتمتع بالخبرة.
قد تكون النشاطات الموسيقية فاعلة أو منفعلة، وقد تؤدي التداخلات العلاجية الفاعلة التي تشمل المشاركة في صنع الموسيقا أو إعادة صنعها إلى نتائج أفضل من التداخلات المنفعلة التي تشمل الاستماع للموسيقا فحسب.
أنا أصدق العلم
إضافة تعليق جديد