لازيادة على الرواتب والأجور!؟
شرحنا مرارا وتكرار أن مامن حكومة منذ عام 1986 أقرت زيادة على الرواتب والأجور، ومع ذلك الجميع تقريبا ينكر الوقائع، ربما لأنها مؤلمة جدا، فيخالفون المنطق ويكررّون معزوفة “خيالية” عن زيادة مرتقبة للرواتب والأجور كل بضعة شهور!
وبما أن في الإعادة إفادة نجزم مجددا: لاالحكومة الحالية ولا أي حكومة قادمة (مثل الحكومات السابقة) ستزيد الرواتب والأجور، أو تعيدها إلى مستوى ماكانت عليه في عام 2010!!
ونكررها مجددا: الحكومات السابقة لم تزد الرواتب والأجور عندما كانت سورية في ذروة الإزدهار الاقتصادي (تصدير للنفط، وصفر مديونية، واحتياطي لايقل عن 17 مليار دولار، واكتفاء ذاتي وخاصة من القمح مع فائض للتصدير..)، وبالتالي فمن الجنون التصديق أنّ أيّ حكومة حالية أو قادمة ستزيد الرواتب والأجور في ذروة الأزمات الاقتصادية والمالية والتضخم والركود وتراجع الإنتاج، وغلبة الإستيراد على التصنيع..الخ.
الزيادة الفعلية على الرواتب والأجور تنعكس فورا بزيادة القدرة الشرائية للأسرة السورية بما يتيح لها تأمين مايفيض عن احتياجاتها الأساسية، وبما أن العكس يحصل، أي ان القوة الشرائية لدخل الأسرة لم يعد يؤمن لها حتى الفلافل، فهذا يعني أن الحكومات المتعاقبة منذ عام 2008 مع أول قرار لتحرير أسعار المحروقات، ومع تواتر قرارات تعديل سعر الصرف منذ عام 2011 تقوم بتخفيض الرواتب لابزيادتها!
لقد سبق ووثّقنا هذه الوقائع المؤلمة بالأرقام، وسنعيدها مجددا كي لايتفاجأ أحد بأن مايسمى تجاوزا بـ “زيادة” على الرواتب والأجور، لن يساهم بتحسين أحوال المعيشة لملايين الأسر السورية..
كان الحد الأدنى للراتب في عام 1980 لايقل عن ألف ليرة (بحدود 250 دولارا) بدأ بالإنخفاض البطيئ حتى وصل إلى 9765 ليرة (208 دولارات) بتاريخ 24/3/2011.
وبدلا من أن ترفع الحكومات المتعاقبة رواتب العاملين خلال السنوات الـ 11 الماضية بما يتناسب مع تعديلات أسعار الصرف فإنها تعمدت وبقسوة بالغة تخفيضها إلى أن وصلت (بعد تتخفيض سعر الصرف بتاريخ 15/04/2021 من 1256 إلى 2512) إلى 37 دولارا للحد الأدنى، وبما لايتجاوز 52 دولارا لمن بلغ السقف...
وبتاريخ 19/9/2022 قامت الحكومة مجددا بتخفض راتب الحد الأدنى للأجور والبالغ 92970 ليرة (بعد صدور قرار المصرف بتعديل سعر صرف الليرة أمام الدولار من 2512 إلى 2814 ليرة) إلى 30.8 دولارا، وانخفض راتب بدء التعيين لحامل الدكتوراة البالغ 112116 ليرة من 39.84 دولارا إلى 37.1 دولارا، أما من يتقاضى سقف الراتب من الدرجة الأولى، والبالغ 156470 ليرة فقد انخفض من 55.6 دولارا إلى 51.89 دولارا.
أما الإنخفاض الأقسى فكان بفعل سعر الصرف الرسمي الجديد (أكثر من 8100 ليرة) فالحد الأدنى انخفضت قوته الشرائية من 30.8 دولارا إلى أقل من 12 دولارا، وراتب سقف الدرجة الأولى من 51.89 دولارا إلى أفل من 20 دولارا!
بعد هذه الأرقام نسأل: راتب أي سنة ستختار الحكومة بما يسميه الجميع تقريبا زيادة “محرزة”.. راتب عام 2010 أم راتب عام 2023 قبل تعديل سعر الصرف الأخير؟
نعم، أي “زيادة” لاتعيد الراتب إلى مستواه الأخير (37 دولارا للحد الأدنى و52 دولارا لسقف الدرجة الأولى) أي مابين 300 ألف و421 ألفا (وهي ليست زيادة وإنما عودة إلى رواتب ماقبل تعديل سعر الصرف الأخير) ستكون هراء بهراء!!
وإذا أردنا العدل أوالإنصاف، وهما أمران غير واردان في حسابات الحكومة،فيجب إقرار العودة إلى القوة الشرائية لراتب عام 2010 أو إلى الراتب الذي أقره الدستور!!
الخلاصة: من غير المنطقي، بل من الجنون، أن نهلّل لـ “زيادة” وهمية بدلا أن نسأل: إلى متى ستستمر الحكومة بتخفيض أجورنا ؟
علي عبود ـ غلوبال
إضافة تعليق جديد