شرطي كاد يشعل حربا بين دولتين جارتين!
في مثل هذا اليوم قبل 132 عاما، تعرض ولي عهد الإمبراطورية الروسية الأمير نيكولاي إلى محاولة اغتيال من قبل ساموراي ياباني أثناء تجوال موكبه في شوارع مدينة أوتسو.
لم تكن الإصابة التي تعرض لها ولي عهد الإمبراطورية الروسية قاتلة، إلا أن العديد من أعضاء الحكومة اليابانية تخوفوا من أن يؤدي الاعتداء إلى نشوب حرب بين الجارتين.
سارعت اليابان على الفور إلى العمل لتطويق الأزمة، وأمر الإمبراطور ميجي بتوفير أفضل الأطباء لعلاج الضيف الرفيع المصاب، وجرى علامة على الاحترام، إغلاق البورصة وأماكن الترفيه.
الإمبراطور الياباني توجه على الفور إلى مدينة كيوتو لزيارة الضحية، ووصف الحادث بأنه “أعظم حزن” في حياته، مؤكدا أنه سيبقى في كيوتو إلى أن يتعافى ولي عهد الإمبراطورية الروسية.
انهالت برقيات ورسائل التعاطف على وريث عرش الإمبراطورية الروسية من جميع أرجاء اليابان مصحوبة بالهدايا، وتم بوجه خاص إقالة وزيري الخارجية والداخلية، وفُصل حاكم محافظة شيغا الذي كان عين لتوه، لفشله في حماية ضيف أجنبي رفيع.
تفاصيل محاولة الاغتيال:
بين عامي 1890 – 1891 قام ولي عهد الإمبراطورية الروسية الأمير نيكولاي ألكساندروفيتش بجولة في عدة بلدان آسيوية لمدة تسعة أشهر، وكانت محطته الأخيرة، اليابان التي كانت تخلت عن عزلتها وفتحت أبوابها أمام الأجانب قبل ربع قرن فقط. ولأول مرة زار مسؤول رفيع للإمبراطورية بلاد الشمس المشرقة.
وصل الأمير نيكولاي صحبة الأمير اليوناني جورج والأمير الياباني أريسوجاوا إلى كيوتو عاصمة اليابان القديمة بعد أن أنهى زيارة إلى ناغازاكي.
أثناء مرور عربات الموكب الإمبراطوري في 11 مايو 1891، عبر مدينة أوتسو بالقرب من كيوتو، هاجم “تسودا سانزو” وهو شرطي ياباني كان بين من تم استدعاؤهم لحماية ولي عهد الإمبراطورية الروسية، ووجه إلى الأمير ضربتين بسيفه، قبل أن يتم تطويقه وإسقاطه أرضا واعتقاله.
الأطباء الذين عالجوا وريث عرش الإمبراطورية الروسية ذكروا أنه أصيب بجرحين في رأسه، وأنهم استخرجوا منه جزءا عظميا طوله 2.5 سنتمتر.
روايات عن دوافع الساموراي لارتكاب الجريمة:
الجاني الذي كان يبلغ من العمر 36 عاما، وهو ساموراي بالولادة، أرجع تصرفه إلى أنه يشتبه في أن الضيف الرفيع كان يستكشف نقاط الضعف العسكرية لليابان، وأنه لم يظهر التبجيل الذي يليق بالأضرحة اليابانية.
البعض فسر محاولة الاغتيال التي نفذها الساموراي “تسودا سانزو” بأنها علاوة على كره هذا الرجل للأجانب، محاولة منه لتحقيق مجد شخصي، وذلك لأنه وهو العسكري السابق أهين بتكليفه بعمل رجل شرطة عادي.
رواية أخرى رأت أن “تسودا سانزو” كان يعاني طيلة حياته من تأنيب ضمير لأنه قاتل نظراءه من الساموراي، ولذلك قرر التكفير عن خطاياه بقتل أجنبي رفيع المستوى.
من المفارقات أن القانون الجنائي الياباني لم يكن يتضمن مادة عن معاقبة الاعتداء على البعثات الأجنبية، فحوكم الجاني لارتكابه محاولة قتل عادية، وحُكم عليه بالأشغال الشاقة مدى الحياة، إلا أنه توفى في السجن في نفس العام بسبب إصابته بالتهاب رئوي، وبرواية أخرى لإضرابه عن الطعام حتى الموت.
وانتهت الأزمة بسلام:
قطع ولي عهد الإمبراطورية الروسية زيارته إلى اليابان، وفي 1 مايو، ووصل الإمبراطور ميجي بنفسه إلى كيوتو واعتذر عما حدث.
وفي محاولة لتهدئة الأوضاع ورأب الصدع في العلاقات مع الإمبراطورية الروسية، زار الإمبراطور الياباني مجددا الأمير نيكولاي في 7 مايو على متن الطراد الروسي “ذاكرة آزوف”، وكان يستعد حينها للعودة إلى بلاده، وطويت تلك الصفحة من دون مضاعفات خطيرة.
المصدر: RT
إضافة تعليق جديد