هل باتت سوريا جاهزة للبدء في إعادة الإعمار
يتصدر ملف إعادة الإعمار في سوريا قمة الأولويات بالتوازي مع المسار السياسي، الذي أشار له قرار الجامعة العربية، أمس الأحد، بشأن عودة سوريا لشغل مقعدها في الجامعة، المعلّق منذ عام 2011.
ووفق أعضاء في الغرف التجارية السورية والعربية، فإن الخطوة السياسية المتمثلة في قرار مجلس الجامعة في الأمس، يتبعها خطوات أخرى اقتصادية تتمثل في الانفتاح بشكل أكبر على دمشق، وكذلك الانخراط في عملية إعادة الإعمار في المدن السورية المهدمة.
وتتضمن عملية إعادة الإعمار العديد من القطاعات الاقتصادية والإنشائية، ما يشكل العديد من الفرص العاملة في قطاعات الإنشاءات والمجالات الأخرى، والاستثمارات في المجالات المختلفة.
ترحيب روسي
ورحّبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بقرار استئناف مشاركة سوريا في أنشطة جامعة الدول العربية، وتوقعت زيادة الدول العربية دعمها لسوريا في حل مشاكل إعادة الإعمار.
ولفتت زاخاروفا، في بيان، عبر قناتها على “تلغرام”، أمس الأحد، إلى أن “هذه الخطوة ستساعد في تحسين الأوضاع في الشرق الأوسط”.
أولوية سورية
في هذا الإطار، قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، مصان نحاس، إن “ملف إعادة الإعمار يحتل أولوية النسبة لسوريا وللعديد من الدول العربية، بعد أن عادت سوريا للجامعة وعاد العرب إليها”.
وأضاف أن “العديد من المدن السورية تضررت بشكل كبير، منها ريف دمشق وحلب، ومدن أخرى متعددة، وهي ذات أولوية بشأن إعادة الإعمار”.
دول عربية في المقدمة
أوضح مصان نحاس أن “الإمارات والسعودية ومصر والجزائر والأردن والعراق ولبنان وجميع الدول مرحب بمشاركتها في إعادة الإعمار في سوريا”. وتابع:
سنقوم بمراسلة الغرف التجارية في العالم العربي لمن يود الاستثمار في سوريا وخاصة ملف إعادة الإعمار، كما نعمل على التحضير لمؤتمر رجال الأعمال والمستثمرين في العالم العربي في دمشق، من أجل المشاركة في إعادة الإعمار في سوريا.
وتضررت العديد من المدن السورية بنسب متفاوتة، لكن ما خلّفته الأزمة طوال العقد الماضي يفوق التقديرات أو الحصر، خاصة في ظل تعدد الأضرار وتداعياتها.
وفي هذا الشأن، يوضح نحاس: “بشأن القيمة المقدرة يصعب تحديدها في الوقت الراهن، خاصة في ظل تعدد المجالات والمستويات المرتبطة بإعادة الإعمار”.
ولفت إلى “ضرورة تنظيم مؤتمر بشأن إعادة إعمار سوريا، على أن يتم دعوة الشركات العقارية وشركات التطوير في العالم العربي، مع تحديد خطة لبناء المحافظات المتضررة ومعالجة جميع الأضرار التي طالت معظم مدن سوريا”.
تحرك عربي واعد
الدول الخليجية مرشحة بشكل أكبر للبدء في المشاركة في عملية إعادة الإعمار، لما تحققها لها من أبعاد سياسية وكذلك اقتصادية، خاصة في ظل إمكانية مشاركة عشرات الشركات في العملية هناك.
في الإطار نفسه، قال عضو غرفة التجارة في سلطنة عمان، خلفان الطوقي، إن “عودة سوريا للجامعة العربية، له أبعاده السياسية، من حيث وقف التدخلات في شؤون الدول الخليجية”.
وأضاف:
توجه الخليج مؤخرا تحول إلى الاقتصاد بدرجة أولى، ويبني تحالفاته على الأساس مع المنظمات الدولية الهامة مثل “بريكس” و”شنغهاي”.
ويرى أن “السعودية والإمارات في مقدمة الدول التي يمكن أن تقبل على الاستثمار في ملف إعادة الإعمار في سوريا، وهو ما فسره تحرك الإمارات بشكل مسبق للتنسيق مع دمشق، وتبادل الزيارات بين البلدين الأشهر الماضية”.
تضافر الجهود وتأثيرها
من ناحيته، قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، إن “ملف إعادة الإعمار في سوريا يحتاج إلى تضافر الجهود ومحفزات معنوية وتشريعية”.
وأضاف، في حديثه مع “سبوتنيك”، أن “الكثير من الفرص متاحة في سوريا، والتي يمكن أن تنطلق بكل يسر، فور تحقيق المسكن والمشغل وأمكنة ممارسة الأعمال، (أي إعادة إعمار ما تهدّم)”.
وتابع: “بغض النظر عما حدث، فإننا الآن أمام مفترق طرق، سوف يؤدي إلى استفادة الجميع حال تضافر الجهود والسعي باتجاه إعادة الإعمار”.
الحاجة للخبرات العربية
يرى محمد الحلاق أن بلاده بحاجة إلى الخبرات العربية المميزة للاستعانة بها في سوريا، ما ينعكس إيجابا على الدول المشاركة في عملية إعادة الإعمار.
وبشأن الجاهزية للبدء في عملية إعادة الإعمار من الجوانب الأمنية والتنظيمية، أوضح الحلاق: “جاهزية الوضع من مختلف الجوانب يمكن تقييمها بنحو 80%، ويمكن البدء بالمناطق الأقل ضررا، على أن يتم خلق مدن جديدة في بعض المناطق عوضا عن إعادة إحياء المدن المهدمة، حيث يمكن تأجيل المهدمة إلى وقت لاحق”.
وأشار الحلاق إلى “عدم إمكانية القيمة المقدرة لإعادة الإعمار في سوريا”، موضحا أن “القيمة ليست العائق، بقدر ما يتطلب الأمر من تضافر الجهود”.
مسار الانتصار
فيما قال عامر ديب، نائب المدير العام لمؤسسة رجال الأعمال العرب والسوريين، إن “عودة سوريا للجامعة العربية هي خطوة في مسار الانتصار لها أبعادها الاستراتيجية على المدى القصير والطويل”.
وأضاف أن “ملف إعادة الإعمار لا يقتصر على عملية البناء والتشييد، بل يعني كافة المجالات الاقتصادية، وكذلك معالجة كافة الجوانب”.
ويرى أن “الهدف الآن يتمثل في العمل على نهضة اقتصادية تنعكس على جميع الشرائح بشكل هام”، مشددا على أن “الإمارات والعراق والجزائر من الدول التي وقفت مع سوريا، مرحب بها بشكل كبير”.
ووفقا لديبل، فإن “الدول التي تخرج من الحروب تكون ذات جدوى اقتصادية مرتفعة وفرص أعلى، فيما يمكن البدء بالمدن الواقعة تحت سيطرة الدولة بشكل كامل في الوقت الراهن”.
تحرك عراقي
وكشف نائب رئيس اتحاد الصناعات العراقية، علي عبد الهادي الدخيلي، أن “رجال الأعمال العراقيين والسوريين يعملون على إطلاق آلية للمقايضة بين البلدين، تشمل مبادلة شحنات النفط العراقي مقابل السلع الصناعية التي تنتجها مصانع حلب”.
وفي تصريحات سابقة له، أكد الدخيلي لـ”سبوتنيك”، أن قطاع الأعمال السوري العراقي ناقش خلال اليومين الماضيين قضايا “فتح ميزان اقتصادي متساوي بين الجانبين، وخلق اقتصادا مشتركا، ونقل التجارب السورية إلى العراق، وفتح أسواقا متوازية في البلدين”.
وأوضح وزير الأشغال العامة والإسكان السوري، سهيل عبد اللطيف، أن الوزارة أنجزت العديد من خططها خلال العام الماضي.
وأوضح عبد اللطيف أن “وزارة الأشغال العامة والإسكان تشرف على قطاعي التخطيط المكاني والإسكان والأشغال العامة، من خلال الإدارة المركزية والجهات التابعة للوزارة”.
سبوتنيك
إضافة تعليق جديد