حول مفهوم النجاسة والطهارة
د. بهي الدين مرسي : النجاسة ليست عوارا أو عطبا فيزيائيا ملموسا يمس الأبدان، بل هي وسخ (بفتح الواو والسين وسكون الخاء) يمس "الذات" الإنسانية..
تخيل حضرتك أحد عمال الصرف الصحي وهو يغوص في بلاعة المجارى لتسليكها ويخرج وقد التصقت ببدنة الفضلات الآدمية .. هذه الفضلات هي نوع من الوسخ الفيزيائي يزيله الماء والصابون ويعود الشخص كما كان، وليس خفياً أننا كلنا - بلا استثناء - في فترة الطفولة على الأقل توسخت مؤخرة كل منا بهذه الفضلات وكانت الأم تمسحها وتنظفها ولا اثر لها بعد التنظيف.
أما النجاسة، فهى دنس يطال الذات الإنسانية وتخرجك عن السمة التى ميزك الله بها عن سائر المخلوقات.. فأنت "فطرى"، وبقية المخلوقات "غريزية"، ويكمن الفارق في العقل.. لذا، مهما أتي الحيوان من افعال، فلن تطاله نجاسة ابدا، فهو لا يملك الذات الراقية التي يطالها الفساد، وحتي الخنزير وصمه الله في كتابه بالرجس لا بالنجاسة.
هذا العقل هو المسؤول عن تلويث الذات الإنسانية عندما يزين لحامله التنازل عن بعض من مكونات الشرف الإنساني مثل الكرامة والعزة والسمو والرقي والحيادية والذوق لقاء اشباع ميل أو هوى.
النقيض من النجاسة "الطهر - طهارة" ، بينما نقيض الوساخة هي "النظافة".
النجاسة هي ضرب من الدونية وتدنى العزة البشرية وانهيار الكرامة والغوص لمنازل السفالة .. وحتى الخنزير الذي وسمتموه بالنجاسة، انتم لم تفهموا الفرق بين النجس والرجس.
إضافة تعليق جديد