تكلفة المؤونة تتعدى المليون ونصف
على شرفة منزلها تمد أم عباس قطعة قماش بيضاء مستغلة ارتفاع درجات الحرارة، وتضع عليها ما تريد تجفيفه من مواد للمؤونة الشتوية، ورغم أن طريقة تجفيف المواد تعد قديمة، اعتمدت عليها الجدات في الماضي، إلا أنها عادت اليوم بل وازداد الاعتماد عليها أكثر بسبب ساعات التقنين الكهربائي الطويلة.
تقول السيدة الستينية” درجات الحرارة المرتفعة التي يتذمر منها الجميع هي نعمة”، مبينة أن تجفيف الملوخية والبامياء والفليفلة وغيرها الكثير لم يستغرق أكثر من يومين؛ وهذا ما وفّر الكثير من الوقت والجهد عليها.
وتحتاج المؤونة بشكل عام إلى التبريد ضمن الثلاجات بكهرباء متواصلة حتى لا تتلف، ولكن برنامج التقنين “الجائر” كما تصفه أم عباس، جعل خيار التجفيف هو الحل المناسب عوضاً عن تفريزها في الثلاجات.
تضحك أم عباس وهي تخبرنا إنه لا فرق بين ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة في سوريا، فمشكلة انقطاع التيار الكهربائي ذاتها، ففي فصل الشتاء يغيب التيار الكهربائي بسبب زيادة الأحمال على الشبكة نتيجة استخدام المدافئ الكهربائية وسخانات المياه، أما في الصيف فإن ارتفاع درجات الحرارة يجعل المحطات والمحولات الكهربائية عرضة للانفجار، عدا عن نقص الفيول والغاز وهذا ما نسمعه منذ 10 أعوام.
ولا تعتمد الحكومة برنامجاً ثابتاً في التقنين الكهربائي، ولكن ساعات التغذية تقل أكثر خلال فصلي الصيف والشتاء.
وتحرص معظم العائلات السورية على تحضير مؤونة الشتاء في أواخر فصل الصيف، حيث لا تتوفّر الخضراوات والفواكه الموسمية الصيفية في فصل الشتاء، وتعرف المؤونة بأنها ما يدّخره المواطنون من مواد غذائية وتخزينها بكمياتٍ كبيرة، وبحسب حاجة الأسرة بهدف استخدامها خلال فترات أخرى من السنة من مثل: ”المكدوس – المحمرة – دبس البندورة – الجبنة – الملوخية – الباميا – الفول – البصل – المخللات بأنواعها – المربيات”.
يؤكد الخبير الاقتصادي علي الأحمد أن الهدف الذي يسعى إليه جميع السوريين هو اقتصادي، وذلك نتيجة انخفاض أسعار المواد الغذائية الموسمية وعدم توفرها في باقي الفصول، والارتفاع الكبير في الأسعار إن وجدت.
وبيّن أن سنوات الحرب دثرت الكثير من العادات والتقاليد السورية بسبب الهجرة والنزوح والفقر الذي بات يخيم على ما يقارب 80% من الشعب السوري حسب منظمة نور ملحم، مشيراً إلى أن الكلفة التقديرية لتحضير المؤونة أكثر من مليون ونصف وهذا لا يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، لذلك معظمهم خفّضوا من كميات المؤونة التي يضعونها في البرادات، لأن هذا التدبير لا ينجح مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، ما يؤدي إلى تلف المؤونة، ويسبب خسائر مالية لم تكن في حسبانهم، وكان الحل البديل استغلال الشمس والاستعانة بطرق قديمة في الحفاظ على ما يسد رمقهم في أيام البرد.
اثر برس
إضافة تعليق جديد